تفاءلنا خيراً مع تعيين د.ناصر رسمى رئيساً لهيئة التأمين الصحى، وانتظرنا أن يتعامل مع الملفات المؤجلة والمهملة والمطنشة والمكدسة والتى سكنها وعشّش فيها العنكبوت على مكتبه العامر، ولكن د.ناصر استمر فى تبنى سياسة التأجيل لمزيد من التفكير، فأخذ يفكر ويفكر، حتى إنه فى أثناء تفكيره ظل يفكر ويفكر، لدرجة أن هناك ملفين مهمين أصبحا جثة هامدة فى انتظار نفخ الروح وإعادتهما إلى الحياة وإخراجهما من غرفة العناية المركزة وإنقاذهما من الموت الإكلينيكى. د.ناصر رسمى، فى الأساس جراح قلب، ويعرف جيداً أن الثانية تفرق، وأن الوقت سيف بتّار، فهل يستطيع كجراح قلب أن ينتظر جلطة الشريان التاجى حتى تدمر كل عضلة القلب فيصير القلب مجرد إسفنجة أو خرقة من الألياف؟ هل من الممكن أثناء العملية الجراحية التى يجريها د. ناصر، تلميذ د.مجدى يعقوب، أن يظل يفكر ويفكر ويخاف أن يمسك المشرط ثم يهدئ نفسه بلعب الشطرنج حتى يستطيع اتخاذ القرار ثم يشاهد مسرحية كوميدية والمريض على طاولة العمليات؟!!!، هذا ما يفعله د.ناصر مع هذين الملفين، الأول هو ملف مرضى التصلب المتعدد الذى تحدثنا عنه كثيراً، وتحدثنا عن مآسى وآلام وأوجاع المرضى الذين تتآكل عضلاتهم وتشل إرادتهم وهم فى عمر الزهور، وقد كان صدى ما كتبناه من قبل أن تشكّلت لجنة لبحث الموضوع، وقدمت الشركة المنتجة للدواء المعالج للتصلب المتعدد عرضاً بتخفيض كبير لسعر الدواء المورد للتأمين الصحى، وتحمس الدكتور ساهر هاشم، أستاذ الأمراض العصبية، وتبرع بوقته وجهده وقدم تصوراته واقتراحاته، ولكن الدكتور ناصر ظل يفكر ويفكر حتى مات المشروع ودفن القرار، المرضى يصرخون، والأهل يعانون ويتسولون، ورئيس التأمين المحترم مازال قلمه مرتعشاً، خائفاً على ضياع الكرسى والمنصب. الملف الثانى هو ملف الإنترفيرون المصرى الذى يجبر عليه مريض التأمين الصحى، والذى اعترف د.وحيد دوس، المسؤول عن المشروع القومى للكبد، بأن التجارب التى أجريت عليه مازالت غير كافية!!، مازال د.ناصر رسمى يجبر المرضى الغلابة على هذا الدواء بحجة قلة التكاليف، ويحرمهم من علاجهم الحقيقى الذى يعالج به أهل الواسطة والحيثية والواصلون فى الجهات المهمة التى نجت من نار التأمين الصحى. ماذا ينتظر د.ناصر رسمى لكى يوقّع على قرارات هذين الملفين ويخرجهما للنور؟ أمامه اقتراحات جادة من أساتذة وشركات أدوية فى حالة التصلب المتعدد، أمامه إمضاءات أساتذة الكبد فى مؤتمر العين السخنة الذين طالبوا الوزير بوقف استخدام الإنترفيرون المصرى إلا فى حالات محددة حتى تستكمل منظومة الأبحاث العلمية على هذا الدواء. الرجاء حسم هذين الملفين قبل القرن الثانى والعشرين!. [email protected]