فى الاحتفال بمرور 40 عامًا، على إنشاء القضاء الدستورى فى مصر، أعلن الرئيس مبارك، صباح أمس الأول، أن فى البلد دستورًا يحفظ له التوازن والتماسك، وأعلن أيضًا، رضاه عن الدستور، فى وضعه الحالى.. وهو كلام يجب أن يتوقف عنده المؤمنون بأن أى إصلاح حقيقى فى بلدنا لن يبدأ بغير الدستور، فكل ما عداه تفاصيل لا تؤدى إلى شىء له قيمة فى النهاية.. وربما نذكر جميعًا، أن الرئيس كان قد أعلن، فى بداية عام 2005، أنه لا مساس بالدستور مطلقًا، وفوجئ الناس بعدها بأيام، بأن الرئيس نفسه، يطلب إدخال تعديل على المادة 76 من الدستور، بما ينقل عملية اختيار الرئيس فى مصر، من مرحلة الاستفتاءات، إلى مرحلة الانتخابات! وقد ثبت لنا بالتجربة، أن تعديل المادة 76 وحدها ليس حلاً، ولن يكون، ولابد أن نتفاءل بأن يأتى يوم، تعود فيه «المادة الأصل» فى الدستور إلى أصلها، وهى المادة 77، التى يمكن تسميتها حاليًا بأنها مادة الحكم الأبدى.. ولا يكون المرء مبالغًا، إذا قال، إن إصلاح أحوال 80 مليون مصرى، مرتبط ارتباطًا مباشرًا، بكلمتين اثنتين فى هذه المادة، دون أن تكون هناك أى مطالب أخرى لنا، بعد ذلك! لا نريد أكثر من أن يجرى تعديل هذه المادة، لتنص على أن تكون فترة بقاء الرئيس فى منصبه مدتين رئاسيتين فقط، وتكون كل مدة 4 سنوات، لا ست سنوات، وسوف يكون إجراء مثل هذا التعديل، وحده، كافيًا لإطلاق حيوية لا حدود لها فى البلد، على كل مستوى، وسوف يؤدى إلى إفراز «أوبامات» كثيرين، فى الحياة السياسية، وأيضًا إفراز وإنتاج «نيكسونات» - نسبة إلى الرئيس نيكسون - و«روز فيلتات» و«مهاتيرات» و.. و.. إلى آخر الأسماء الكبيرة، التى صنعت بلادها، فى مدة رئاسية لها أول ولها آخر، ثم مضت إلى حال سبيلها! المادة 77، هى «المادة الأم» فى الدستور، ولا مادة غيرها، ولا أحد يعرف سبب تصميم الرئيس على عدم تعديلها، وإذا كان هو يرفض التعديل لأنه يريد أن يبقى فى السلطة، بحكم طبائع البشر، فتعديل المادة غدًا، سوف يعطيه 12 عامًا أخرى، ابتداء من عام 2011، لأنه لا قانون، ولا دستور بالتالى، يجرى تطبيقه بأثر رجعى، ولو أن هذه المادة جرى تعديلها، فسوف تنطبق على الجميع، بمن فيهم الرئيس مبارك طبعًا.. وسوف يكون له أن يبقى 8 سنوات، بدءًا من أول انتخابات مقبلة، إذا تم تخفيض المدة الرئاسية إلى 4 سنوات، وهذا ما يجب أن نحرص عليه، ونطالب به فى كل لحظة! الدستور يا سيادة الرئيس، لا يحفظ التوازن، بوضعه الحالى، ولكنه فى حاجة حقيقية إلى أن يتوازن، وأن تعود المادة 77 فيه، إلى ما كانت عليه قبل تعديلها فى مايو 1980، لتصبح مادة جمهورية.. وليس كما هى الآن: مادة ملكية!