على الرغم من أن السلطة الفلسطينية حصلت على مبلغ مالى أكثر من الذى طلبته خلال مؤتمر إعادة الإعمار، فإن المشكلة تكمن فى كيفية إيصال الأموال إلى القطاع الذى تسيطر عليه حركة حماس، ومدى التزام إسرائيل بفتح المعابر. وفى الوقت الذى ربطت فيه حركة «فتح» ومصر بين تنفيذ إعادة الإعمار من جهة والتوصل إلى اتفاق تهدئة وتشكيل حكومة توافق وطنى من جهة أخرى، فقد رفضت حركة «حماس» تسييس قضية إعادة الإعمار وربط معاناة سكان غزة الإنسانية بأى قضايا أخرى. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور نبيل شعث، إن السلطة الفلسطينية أخذت ما تريده من مؤتمر إعادة إعمار القطاع، مشيرا إلى أن المؤتمر أقر الخطة التى قدمتها السلطة الفلسطينية، وأمر بأن يتم إرسال أموال إعادة الإعمار إلى وزارة المالية فى السلطة، على حساب الخزينة الموحدة، كما أيد قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية. وأضاف أن الأموال التى تمت الموافقة على منحها لإعمار غزة، «أكثر مما كنا نتصور»، مشيرا إلى أن المشكلة ليست فى المبلغ، بل فى «كيفية إجبار إسرائيل على إدخال المواد اللازمة لإعادة الإعمار». وتابع: «إسرائيل تخنق قطاع غزة، ولابد من التوصل إلى اتفاق تهدئة، وتعديل اتفاقيات المعابر، وإجبار تل أبيب على إدخال المواد اللازمة لإعادة الإعمار»، موضحا أن «إسرائيل لم تكن تنفذ اتفاقيات المعابر السابقة». وقال شعث إن «اتفاقية المعابر كانت تنص على فتح ممر آمن بين غزة والضفة الغربية، والسماح بحركة الأتوبيسات بين الجانبين، وإدخال 1300 شاحنة يوميا إلى قطاع غزة، لكن إسرائيل لم تنفذ ذلك، وسمحت فقط بمرور المشاة عبر معبر رفح، ولم تدخل سوى 10 شاحنات يوميا». وطالب شعث بضغط حقيقى على إسرائيل لتحقيق التهدئة وفتح المعابر، وقال: «هذا الأمر بيد مصر ويمكن لها أن تستعين بكل الأطراف الدولية للضغط على الحكومة الإسرائيلية». وحول كيفية إيصال أموال إعادة الإعمار إلى قطاع غزة الذى تسيطر عليه «حكومة حماس»، قال شعث: «لابد أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال شهر أو شهرين قبل تسلم أموال إعمار غزة، وهذه الحكومة هى التى ستتصرف فى الموضوع»، مشيرا إلى أن لجان الحوار الوطنى ستبدأ عملها لبحث هذا الموضوع وموضوعات أخرى يوم 10 مارس الجارى، ومن المفترض أن تنهى عملها بحلول يوم 20 من الشهر نفسه. من جانبه، قال السفير محمد بسيونى رئيس لجنة الشؤون العربية والأمن القومى بمجلس الشورى، إنه تم تجميع مبلغ أربعة ونصف مليار دولار لإعادة إعمار غزة، لكن الأهم من إعادة إعمار القطاع هو إعادة «إعمار السلام»، والمسيرة السلمية، لأنه لو تم إعمار القطاع دون التوصل إلى تهدئة سيكون عرضة للدمار مرة أخرى. وأضاف أنه حتى تكون إعادة الإعمار مفيدة لابد من توافر شروط كثيرة، من بينها التوصل إلى اتفاق تهدئة ووقف القتال وفتح المعابر ووحدة الصف الفلسطينى، لافتا إلى أنه «لا يمكن أن تتم إعادة الإعمار دون فتح المعابر لإدخال مواد البناء اللازمة لذلك». وأكد بسيونى ضرورة «تشكيل حكومة وفاق وطنى تقبل بشروط الرباعية الدولية وهى: الاعتراف بإسرائيل والاتفاقيات الموقعة معها ونبذ العنف»، مشيرا إلى أنه «ليس مطلوبا من حركة حماس الاعتراف بإسرائيل وتغيير أيديولوجيتها، بل الموافقة على حكومة وفاق تقبل بهذه الشروط». وأشار إلى أهمية دعم عمل لجان الحوار الوطنى الفلسطينى الخمس، وهى لجان الحكومة والأمن والانتخابات والمصالحة ومنظمة التحرير، واللجنة السادسة لتسيير الأعمال، مؤكدا أن استمرار الاحتلال يعنى استمرار المقاومة وتعريض القطاع للدمار مرة أخرى، وقال: «لابد من إعادة إعمار المسيرة السلمية». وقال المتحدث باسم حركة «حماس» فى غزة فوزى برهوم إن «المؤتمر خلق مشكلة جديدة ولم يقدم حلا»، موضحا أن قرار تحويل الأموال إلى حسابات السلطة الفلسطينية «عزز الانقسام الفلسطينى، وتسبب فى معاناة جديدة لضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة، وتم توظيفه سياسيا بشروط فرنسا والولايات المتحدة». وأضاف: «المجتمعون فى شرم الشيخ، وقعوا فى خطأ وتجاهلوا العنوان الصحيح لإعادة الإعمار»، مشيرا إلى أن «المؤتمر لم يوضح آليات إعادة الإعمار ولم يحدد سقفا زمنيا ولم يتوصل إلى قرار لفتح المعابر وكسر الحصار». وحول ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطنى لإعادة الإعمار، قال برهوم: «قطاع غزة منطقة منكوبة، ولا يمكن ترك أهله فى العراء تحت المطر فى انتظار تفكيك الملفات الفلسطينية المعقدة، وإن كان توحيد الصف الفلسطينى أمراً ضرورياً، لكن لا يجب ربطه بالمعاناة الإنسانية لسكان غزة». وأشار إلى أن «حماس اقترحت أن تتولى جهات دولية مستقلة مسؤولية إعادة الإعمار بشكل مباشر، عبر الأونروا أو الجامعة العربية أو البنك الدولى، بعيدا عن أى أطراف فلسطينية». وحول ارتباط إعادة الإعمار بالتهدئة وفتح المعابر، قال برهوم: «كان من المفروض أن تصدر الدول المجتمعة بشرم الشيخ قرارا بفتح المعابر وكسر الحصار، بدلا من التمنى على إسرائيل بأن تفعل ذلك»، متسائلا: «ألا يستطيع زعماء 87 دولة ومنظمة، فرض إرادتهم على إسرائيل؟!». وأضاف: «لا يمكن أن يبقى الشعب الفلسطينى رهنا بحسن نية إسرائيل»، مشيرا إلى أن «حماس قدمت كل التسهيلات لتحقيق اتفاق التهدئة، ولكن إسرائيل هى التى عرقلت التوصل إليه».