إضافة منيرة كروان الكبرى إلى ثقافة المسرح فى مصر

لا شك أن المشروع القومى للترجمة، الذى أسسه وأشرف عليه جابر عصفور أثناء توليه منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وصدر منه ألف كتاب، من أعظم الإنجازات الثقافية المصرية فى القرن العشرين، وبه حقق جابر حلمًا من أحلام أستاذه طه حسين فى ترجمة أهم كتب العالم إلى اللغة العربية حتى يكتفى أغلب قراء العربية بلغتهم، كما يكتفى أغلب شعوب العالم كل بلغته بما يتوفر لهم من ترجمات.
ويواصل جابر عصفور ذلك المشروع العظيم من خلال المركز القومى للترجمة، ويطوره بالطبع من حيث التخطيط والشكل والمضمون معًا. ومن بين أشكال التطوير إصدار سلسلة باسم «روائع الدراما العالمية» يشرف عليها أستاذ المسرح أحمد سخسوخ،
وأتمنى على كليهما (عصفور وسخسوخ) مراجعة عنوان السلسلة ليكون «فنون المسرح» مثلاً أو أى تعبير محايد آخر، فكلمة الروائع دعائية وحاكمية، أما كلمة الدراما فهى غير صحيحة لأن الدراما فى الأفلام والقصائد والقصص والروايات وحتى اللوحات والتماثيل والأعمال الموسيقية. والعنوان المحايد يسمح بنشر دراسات مسرحية مترجمة إلى جانب النصوص المسرحية.
ومن بين أهم ما صدر فى سلسلة المسرح ترجمة منيرة كروان أربعاً من مسرحيات سوفوكليس وهو أحد أضلاع المثلث الذهبى للتراجيديا فى المسرح اليونانى القديم فى القرن الخامس قبل الميلاد مع أيسخولس ويوربيديس، وتعتبر قراءة أعمالهم الخطوة الأولى وحجر الأساس لكل دارس أو كاتب أو متذوق لفنون المسرح.
والمسرحيات الأربع حسب ترجمة الأستاذة الخبيرة هى أنتيجونى وأياس وأوديب ملكًا وإليكترا. وبقى من مسرحيات سوفوكليس السبع، التى عثر عليها حتى الآن بنات تراخيس وفيلوكيتيتس وأوديب فى كولونا، ولعلها تقوم بترجمتها لاستكمال كل نصوصه المتوفرة.
كان طه حسين هو الرائد فى ترجمة سوفوكليس، كما هو الرائد فى الكثير من المجالات، عندما ترجم أوديب ملكًا وأوديب فى كولون وأوديب أندريه جيد فى مجلد واحد عام 1956، وقام على حافظ بترجمة مسرحيات سوفوكليس السبع فى ثلاثة مجلدات صدرت فى الكويت أعوام 1971 و1972 و1973.
ولكن ما تتميز به ترجمة منيرة كروان، وما يعتبر إضافة كبرى أنها تترجم عن اللغة اليونانية الأصلية التى كتبت بها تلك المسرحيات، والترجمة عن الأصول من بين مميزات إصدارات مشروع جابر عصفور للترجمة، كما تتميز ترجمات منيرة كروان بالهوامش الدقيقة التى ربما تستغرق جهدًا يماثل جهد الترجمة.
ولا بأس من نشر النص الأصلى بلغته مع الترجمة، ولكن هل هو ضرورى حقًا.
samirmfarid@hotmail.com