باركوا لى.. اشتريت شنطة الإسعاف، لأن الحكومة مصممة، وإحنا خدامين الحكومة. ثمن الشنطة للمواطن 35 جنيهًا والسعر للصيدلى 30 جنيهًا.. وبصراحة الصيادلة جدعان وعجبونى، وحلال عليهم مكسب (5 جنيه) فى الشنطة.. فتحت العلبة الكرتونة وطلعت الشنطة.. مقاسها 20×15 سم ومصنوعة من أسوأ أنواع المشمع أحمر اللون لزوم كلمة إسعاف.. مرسوم عليها هلال أبيض ومكتوب عليها «إسعافات أولية» «شركة بانكس فارما»، ورقم التسجيل بوزارة الصحة والاعتماد بالمرور.. فتحتها.. على الغطاء من الداخل ورقة كتبت عليها المحتويات (طبقًا لنص المادة 155 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور الجديد لمواصفات قانون المرور الجديد لعام 2008 والمعتمدة من وزارة الصحة).. والنص ده طبق الأصل وأنا ما فهمتوش.. مش مشكلة.. المحتويات بقى: 3 زوج قفازات طبية استيراد ماليزيا - 2 رباط شاش - 2 رباط ضاغط - 2 غيار شاش مبطن بالقطن 10 × 20 سم - 2 غيار شاش مبطن بالقطن مقاس 10 × 10سم - شريط بلاستر لاصق يقطع من أقل شدة ولا يلتصق - مقص بلاستيك ما يقصش أى حاجة ولما نشفت إيدى عليه اتكسر، ماركة «جوكار».. تحققت من أسعار هذه المحتويات بالأسعار التجارية وجدت أنها لا تزيد على خمسة عشر جنيهاً، والشنطة المشمع بالدليل والمقص لا تكلف أكثر من ثلاثة جنيهات.. يعنى الليلة كلها لا تزيد على 18 جنيهًا ولكن عندما يتم عمل مليون شنطة مثل هذه الشنطة التعيسة فإنها لا يمكن أن تكلف أكثر من عشرة أو إتناشر جنيه بالكثير. وسنفترض أن التكلفة خمسة عشر جنيهًا أى نصف سعر البيع للصيدلية.. إذن سيكون المكسب فى مليون شنطة هو خمسة عشر مليون جنيه وإذا افترضنا أن فى مصر ثلاثين مليون عربية سيكون المكسب 450 مليون جنيه.. ودون أى مزايدات أو سخرية، إذا كان هذا المبلغ سيعود إلى خزينة إدارة المرور ووزارة الصحة وينفق منه على تحسين الخدمات فى الجهتين، سأكون فى غاية السعادة، ولكن إذا كانت دى هبرة لأى حد محظوظ سأكون برضه فى غاية السعادة بس أعرف هو مين.. دليل الإسعافات الأولية فيه صفات المسعف وقواعد الإسعافات الأولية. وهى: السرعة - الهدوء - الثقة - اختيار أفضل البدائل - تأمين المكان - تشخيص الحالة باستخدام جميع الحواس - سلامة الوظائف الحيوية - التنفس - نبض القلب - درجة حرارة الجسم - لون الجلد - البحث الشامل عن أماكن الجروح والكسور.. ثم تصنيف الإصابات، من صعوبة فى التنفس أو توقف القلب وإصابات الرأس الشديدة ومضاعفات الكسور والجروح المفتوحة بالصدر والبطن والحروق وكسر الظهر مع تلف فى الحبل الشوكى.. إلى آخره.. لن أسأل عن كيفية استيعاب سائقى العربات فى مصر «للتلف فى الحبل الشوكى» أو معرفة إصابة الرأس الشديدة من البسيطة، أو معرفة أن القلب متوقف أو يعمل.. ولن أسأل عن علاقة ما كتب فى الدليل بمحتويات الشنطة عديمة الفائدة وحجم وشكل الشنطة الحقير جدًا، ولن أسأل هل سيضع الدكتور وزير الصحة شنطة من دول فى عربيته فعلاً.. والسيد رئيس مرور القاهرة كذلك؟ فقط سأسأل: ممكن فعلاً يوقفنى ضابط مرور لابس بدلة بيضاء شيك ويقوللى ورينى شنطة الإسعاف؟ ولو قلت له ما عنديش ممكن فعلاً يسحب الرخصة أو يدينى غرامة؟ وأهم سؤال: ممكن يعمل كل ده من غير ما يفطس على روحه من الضحك؟ وهل الشنطة دى ليها قانون والقانون فيه مواد ولائحة تنفيذية.. والأهم «مواصفات».. فعلاً؟ والله العظيم الناس دى بتهزر أكيد.