عندما قامت ثورة 23 يوليو رحب بها النظام العسكرى الحاكم فى سوريا ورحبوا بقيام علاقات مع مصر الثورة التى رحب بها الشارع السورى وكانت الشوارع تموج بتأييد الثوار فى مصر وأصدر الشيشكلى، رئيس سوريا، بياناً لتأييد النظام الجديد، وكان أول رئيس عربى يزور مصر بعد قيام الثورة. وفى أول مارس سنة 1955 وفى نادى الضباط أوضح صلاح سالم للضباط السوريين أن مصر تتقاسم رغيف الخبز مع سوريا ويجب توحيد إمكانات البلدين فى مواجهة أعداء الأمة العربية. كان لهذا الحديث أثره فى تحفيز مشاعر الضباط فى سوريا مما ساعد على سرعة توقيع الاتفاقية المشتركة فى مارس بالسفارة المصرية فى دمشق ،وتقاربت وجهات النظر المصرية السورية فى ذلك وكانت سبباً فى عقد صفقة الأسلحة التشيكية عام 1955 ويعد تعيين محمود رياض سفيراً لمصر فى دمشق فى 18 يونيو 1955 مرحلة مهمة فى تاريخ العلاقات المصرية السورية إذ كان على دراية واسعة بالشؤون العربية واستطاع أن يدرس اتجاهات الأحزاب والجماعات السورية المتعددة وانتهى إلى أن أقرب هذه الأحزاب إلى السياسة المصرية هو حزب البعث العربى الاشتراكى فيما يتعلق بتوجهات السياسة الخارجية وتطور النظام الاقتصادى والاجتماعى للدولة، فبدأ الاتصال بشوكت شقير رئيس أركان حرب الجيش السورى، وتحدث معه بخصوص مشروع الاتفاق الثنائى بين مصر وسوريا وأصبحت الظروف مهيأة من الجانب السورى لقبول هذا الاتفاق الثنائى بين البلدين وكان الجديد فيه (إنشاء قيادات عسكرية مشتركة وتخصيص قوات تكون فى حالة السلم تحت سيطرتها أما فى حالة الحرب فتوضع جميع القوات الضاربة تحت تصرفها مع إنشاء مجلس حرب ومجلس أعلى وصندوق مشترك للإنفاق على القيادة المشتركة والمنشآت العسكرية). كما تم توقيع الميثاق العسكرى المصرى السورى، فى دمشق ظهر الخميس 20 أكتوبر 1955 وتنص المادة 2 منه: تقرر الدولتان أن كل اعتداء مسلح يقع على إحداهما أو قواتهما يعتبر موجهاً ضدهما معاً وتنص المادة الخامسة على اتفاق الطرفين على إنشاء مجلس أعلى للحرب بقيادة مشتركة وقد نظر الجانب السورى لهذا الاتفاق على أنه الخطوة الأساسية تجاه الوحدة مع مصر والتى تمثلت فى إعلان صبرى العسلى وزير الخارجية السورى فى 5 يوليو سنة 1956 عن تشكيل لجنة وزارية لدراسة السبل لتحقيق الاتحاد الفيدرالى مع مصر وبعد توقيع الاتفاقية، زار شكرى القوتلى القاهرة على رأس وفد عسكرى، وعقد فيها اجتماعاً للمجلس الأعلى وتقرر تعيين المشير عامر قائداً عاماً، وأرادت إسرائيل أن تثبت لسوريا عدم فاعلية اتفاقية الدفاع المشترك، الذى وقعته مع مصر فى أكتوبر 1955، وقامت بغارة عسكرية على بعض مواقع القوات السورية، الأمر الذى دفع سوريا إلى الإسراع بعقد صفقة أسلحة مع الكتلة الشرقية وشعر السوريون بعد تكرار الاعتداءات الإسرائيلية بالحاجة إلى إعادة النظر فى موضوع الاتحاد الفيدرالى، وأعلن صبرى العسلى، رئيس الوزراء السورى، فى المجلس النيابى فى 27 يونيو 1956، أننا سنشرع فى توثيق علاقتنا مع مصر وبمجرد وصول نبأ قرار مجلس النواب السورى لجمال عبدالناصر، صرح «لقد تلقيت بترحيب بالغ، نبأ قرار مجلس نواب سوريا بالرغبة فى اتحاد جمهوريتى مصر وسوريا، فإن تحقيق مثل هذا الاتحاد أمنية يهفو إليها قلب كل عربى يؤمن بالقومية العربية».وعندما ظهرت الاستعدادات العسكرية فى المنطقة بسبب تأميم قناة السويس، اتخذ مجلس الوزراء السورى التدابير العسكرية للطوارئ، وعندما وقع العدوان الثلاثى على مصر فى 29 أكتوبر 1956، دفع العدوان بالوحدة خطوات إلى الأمام وأصبح الاتفاق العسكرى المعقود فى العام السابق محل اختبار لكن عبدالناصر اتخذ قراراً بعدم توريط سوريا فى معركة لا تعرف نتائجها وقد عمدت سوريا عند ضرب محولات الإذاعة المصرية فى أبو زعبل إلى إحلال إذاعتها لتنطق باسم مصر، وكان هناك ميل شديد من معظم الضباط السوريين إلى دخول المعركة.وقام الشعب السورى بجمع التبرعات لبورسعيد، وانتهى العدوان الثلاثى على مصر بوضع جديد خرج منه عبدالناصر مؤيداً من الشعوب العربية، الأمر الذى دفع التقارب المصرى السورى دفعاً شديداً، وجعل سوريا تتقدم بطلب الوحدة مع مصر، واستمرت الجهود الرامية لعقد الوحدة وفى 18 نوفمبر 1957 صدر قرار مشترك لمجلس النواب السورى ومجلس الأمة المصرى بسوريا يدعون فيه الحكومتين للدخول فى مباحثات لاستكمال أسباب تنفيذ الاتحاد. وفى 31 ديسمبر 1957 سافر وفد برلمانى سورى إلى مصر لمقابلة الرئيس عبدالناصر وعرضوا عليه إقامة الوحدة، لكن عبدالناصر ذكر لهم العراقيل والفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين البلدين، وكان يرى أن يدخل الاتحاد فى مراحل وفى بداية عام 58 أجمع المجلس العسكرى السورى على ضرورة قيام الوحدة دون قيد أو شرط، واتفقوا على الخطوط العريضة للدولة الموحدة وتشمل دستور واحد، رئيس واحد لدولة واحدة، سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية واحدة، واستمر الجيش فى خضوعه للمؤثرات السياسية، لذلك كان أداة للانفصال كما كان أداة للوحدة، وفوجئ القوتلى وصبرى العسلى فى صباح 13 يناير بسفر الوفد. ومن الملاحظ أن تلك الفترة شهدت ضعفاً شديداً للقيادة السياسية مع سيطرة الجيش سيطرة تامة على النظام، لدرجة اتخاذهم القرارات السياسية الشديدة الحساسية دون الرجوع لهذه القيادة مع وضعها فى موضع الحرج. ثار القوتلى ثورة عنيفة عندما علم بالأمر، واعتبر ذلك انقلاباً سافراً على الحكم، ولكنه انتظر رأى عبدالناصر ولما جاءت الموافقة من مصر قبلها مستسلماً، وأوضح عبدالناصر رأيه وشروطه لإتمام الوحدة، وهى أن يجرى استفتاء شعبى على الوحدة بين مصر وسوريا، وأن يتوقف النشاط الحزبى فى سوريا، وأن يتوقف تدخل الجيش فى السياسة. وفى مساء السبت 1 فبراير اجتمع الجانبان المصرى والسورى، وتم تشكيل لجنة مشتركة لوضع الخطوات الدستورية اللازمة، وقام شكرى القوتلى بترشيح جمال عبدالناصر رئيساً للجمهورية العربية المتحدة.