أمّ المصلين بالجامع الأزهر، أول تعليق من الطالب محمد أحمد حسن بعد نجاحه بالثانوية الأزهرية    الجنيه السوداني يتراجع إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار    حمزة إسماعيل يحصد المركز الأول بالثانوية الأزهرية في فلسطين ب 98%    جالطة سراى يسعى لضم دوناروما مستغلا أزمته مع باريس سان جيرمان    الداخلية تكشف ملابسات ابتزاز فتاة من قِبل خطيبها السابق بالزقازيق    أرملة شوقي حجاب تحكي عن آخر لحظات في حياة زوجها    كيفية علاج الإمساك أثناء الحمل بطرق فعالة وآمنة بالمنزل    طريقة عمل الكفتة المشوية زي الجاهزة وبأقل التكاليف    قصة الصراع بين تايلاند وكمبوديا.. خلاف حدودى قديم قد يتحول إلى صراع إقليمى    صور| ترامب يلعب الجولف في مستهل زيارته إلى أسكتلندا «قبل تظاهرات مرتقبة»    حزب الجبهة الوطنية يختتم دعايته ب8 مؤتمرات جماهيرية قبل الصمت الانتخابي    بيراميدز يقترب من حسم صفقة البرازيلي إيفرتون دا سيلفا مقابل 3 ملايين يورو (خاص)    أحمد حسن كوكا يقترب من الاتفاق السعودي في صفقة انتقال حر    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    انتقال أسامة فيصل إلى الأهلي.. أحمد ياسر يكشف    محافظ المنيا يضع حجر الأساس المرحلة الاولى من مبادرة "بيوت الخير"    إخلاء سبيل زوجة والد الأطفال الستة المتوفيين بدلجا بالمنيا    الداخلية تكشف ملابسات ابتزاز فتاة بالزقازيق من خطيبها السابق    غدا آخر موعد للتقديم.. توافر 200 فرصة عمل في الأردن (تفاصيل)    فرص للعمل من المنزل.. 3 أبراج الأكثر حظا ونجاحا هل أنت منهم؟    أكسيوس عن مصادر: أعضاء بإدارة ترامب يقرون سرا بعدم جدوى استراتيجيتهم بغزة    سميرة عبدالعزيز في المهرجان القومي للمسرح: الفن حياتي وكل مخرج أضفت من خلاله إلى رصيدي    الأزهر يرد على فتوى تحليل الحشيش: إدمان مُحرّم وإن اختلفت المُسميات    خبراء إسرائيليون: استمرار الهجمات على غزة يزيد عزلة بلادنا دوليا    ماكرون: دعم فرنسي كامل للمساعي المصرية لإدخال المساعدات إلى غزة    نجاح جراحة ميكروسكوبية دقيقة لاستئصال ورم في المخ بمستشفى سوهاج الجامعي    وزير الأوقاف يحيل مخالفات إلى التحقيق العاجل ويوجه بتشديد الرقابة    "الزراعة" تعلن التوصيات النهائية لورشة العمل تنمية المهارات الشخصية للعاملين بالقطاع    الدفاع المدني في غزة يحذر من توقف مركباته التي تعمل في التدخلات الإنسانية    أبو ليمون يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من أبناء محافظة المنوفية    بعد إصابة 34 شخصًا.. تحقيقات لكشف ملابسات حريق مخزن أقمشة وإسفنج بقرية 30 يونيو بشمال سيناء    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار بمدينة إسنا خلال توديع أبناؤها قبل السفر    "القومي للطفولة" يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر اسكوتر الأطفال    انخفاض سعر الدواجن المجمدة ل 110 جنيهات للكيلو بدلا من 125 جنيها بالمجمعات الاستهلاكية.. وطرح السكر ب30 جنيها.. وشريف فاروق يفتتح غدا فرع جديد لمبادرة أسواق اليوم الواحد بالجمالية    مركز التجارة الدولي: 28 مليون دولار صادرات مصر من الأسماك خلال 2024    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح    الإنجيلية تعرب عند تقديرها لدور مصر لدعم القضية الفلسطينية    حبس أنوسة كوته 3 أشهر وتعويض 100 ألف جنيه في واقعة "سيرك طنطا"    بسبب 19 تذكرة.. دور العرض ترفع فيلم في عز الضهر من شاشاتها    في ذكرى رحيله.. محمد خان الذي صوّر مصر بعيون محبة وواقعية    مصر تدعم أوغندا لإنقاذ بحيراتها من قبضة ورد النيل.. ومنحة ب 3 ملايين دولار    ما حكم تعاطي «الحشيش»؟.. وزير الأوقاف يوضح الرأي الشرعي القاطع    مطالبات في المصري بالتجديد لمحمود جاد    المدرسة الأمريكية تقترب من القيادة الفنية لرجال الطائرة بالأهلي    إنتر ميامي يتعاقد مع الأرجنتيني دي بول لاعب أتلتيكو مدريد    محافظ أسوان يتفقد نسب الإنجاز بمشروعات المياه والصرف ميدانيًا (صور)    أسوان تواصل توريد القمح بزيادة 82% عن العام الماضي (صور)    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    الصحة تدعم البحيرة بأحدث تقنيات القسطرة القلبية ب46 مليون جنيه    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 154 مخالفة عدم الالتزام بغلق المحلات في مواعيدها    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    مقتل 4 أشخاص في روسيا وأوكرانيا مع استمرار الهجمات الجوية بين الدولتين    شهيد في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    سعر الخضار والفواكه اليوم السبت 26-7-2025 بالمنوفية.. البصل يبدأ من 10 جنيهات    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



»الملط» يؤذِّن فى مالطة

من بين دول قليلة على مستوى العالم تمتلك مصر عدداً كبيراً من الأجهزة الرقابية، لكن الفرق بين مصر وتلك الدول -متعددة الأجهزة- أن أجهزتنا زى نبوت الغفير وخيال المآتة لا تهش ولا تنش. سيل عرمرم من الموظفين والقيادات فى العاصمة وفى الأقاليم، يعملون يومياً من الثامنة صباحاً حتى الثانية والنصف بعد الظهر عدا ساعات العمل الإضافية، يتقاضون رواتب وحوافز وبدلات تبلغ عشرات الملايين، يستهلكون أطناناً من الأوراق والأحبار وأجهزة الكمبيوتر، فضلاً عن المياه والكهرباء والتليفونات و.. المحصلة النهائية: تهويش فى تهويش!
ويجب ألا ننسى أن مجلس الشعب يأتى على رأس الأجهزة الرقابية، لكنه يختلف عن الجهاز المركزى للمحاسبات -مثلاً- فى شيئين مهمين جداً، أولهما: أن الذين يمارسون الرقابة تحت قبة البرلمان منتخبون من الشعب انتخاباً مباشراً، ما يعنى أن الشعب هنا هو الذى يمارس الرقابة من خلال ممثليه. وثانيهما: أن مجلس الشعب بحكم الدستور يملك سلطة التغيير، وليس مجرد إبداء الملاحظات الرقابية كما يفعل جهاز الدكتور جودت الملط.
مع ذلك لا نلمس أى تغيير يمارسه البرلمان رغم الأسئلة وطلبات الإحاطة والاستجوابات التى تتم مناقشتها.. أصبح دور البرلمان يقتصر -فى الغالب- على تمرير القوانين التى تريد الحكومة تمريرها. ولن نناقش هنا السبب الذى جعل مجلسنا الموقر يقف هذا الموقف، إذ لا يخفى على الجميع أن عدداً كبيراً من مؤسسات دول العالم الثالث تنشأ أساساً لزوم الديكور وإكمال الشكل ليس أكثر. وربما نعود لذلك بالتفصيل فى مرة مقبلة، لأن ما يهمنى هنا مرتبط فى الأساس بالجهاز المركزى للمحاسبات الذى أعتبره -مثلما يعتبره الكثيرون غيرى- أضبط جهاز فى مصر من ناحية الدقة والالتزام والمثابرة. رأيت هذه الصفات بنفسى منذ أن كان الدكتور عاطف صدقى يترأس الجهاز، ولمست مواصلة المشوار مع فخرى عباس ومع جودت الملط، الذى أصبح الناس يصنفونه كأحد زعماء المعارضة الذين يكشفون الفساد فى مصر. وقد أتيح لى ذات يوم الاطلاع على تقرير صادر من الجهاز ولا يعرض إلا على ثلاث جهات فى مصر. استعرت التقرير -ولا تقولوا سرقته- من مكتب الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب الراحل. وقتها كنت أعمل فى قسم التحقيقات الصحفية بجريدة «أخبار اليوم»، تصورت أننى وقعت على كنز سأحقق به خبطة صحفية ستظل حديث الناس لخمسين عاماً مقبلة. نسيت أننى أعمل فى صحيفة قومية.. نسيت أن الأرقام والمعلومات التى اطلعت عليها وبؤر الفساد التى أصبحت أعرف مكانها بالاسم والرسم لا يصح لى أو لرئيس تحرير جريدتى الاطلاع عليها. مع ذلك عملت بدأب على تحقيق واقتفاء أثر تلك الأرقام حتى كتبت تحقيقاً أعتبره الأهم فى حياتى رغم أنه لم ينشر، لكننى مازلت أحتفظ به وقد اصفرت أوراقه.. أعود إليه كل فترة وأطابقه بالواقع فأكتشف أنه ما زال صالحاً للنشر بعد ضرب الأرقام وبؤر الفساد فى عشرة أو فى عشرين، فما حدث فى ذلك العام الذى صدر فيه التقرير هو الذى حدث فى السنوات التى تليه دون أن يتغير إلا الأسماء التى أعدت وسهرت الليالى فى إعداد ذلك التقرير، فالفساد لا يزال هو البحر الذى تعوم فوقه مصر، واللصوص ما زالوا يرتعون ويعيثون، واللامبالاة هى الدين الذى تؤمن به الأغلبية السلبية فى شعبنا، وعلى الناحية الأخرى لا يزال الانضباط والدقة والهمة فى كشف كل ذلك وتسجيله فى أوراق رسمية واجباً يومياً يقوم به رجال الجهاز المركزى للمحاسبات ويقدمه رئيسهم إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الشعب ورئيس المخابرات والنتيجة فى كل مرة هى النتيجة فى كل مرة: لا شىء نراه.. لا شىء نلمسه.. ولا شىء يعطينا أملاً فى أن العمل المضنى الذى يقوم به رجال الدكتور الملط سيسهم فى تغيير وجه وقلب وجوف الحياة فى مصر.
هذا الموقف المتكرر يفجر أسئلة كثيرة لن أختار منها إلا واحداً: إذا كان هناك إصرار على إبقاء الأوضاع فى مصر على ما هى عليه، فلماذا تسمحون للدكتور جودت الملط بالأذان كل عام فى مالطة.. أقصد فى مجلس الشعب، فالرجل يلقى بياناً سنوياً يكشف فيه عورات البلد، والرجل المسكين لا يملك آلية ستر العورات، كل ما يمتلكه هو الإشارة إلى الجسد العارى وفضح الذى قام بالتعرية.. كسبنا صلاة النبى، فما الفائدة فى أن تشخص المرض ولا توجد صيدلية واحدة توحد الله يمكن أن تصرف منها الدواء؟.. صدقنى يا دكتور ملط، الجهل هنا بحقيقة ما نعانى منه نعمة يجب أن نحمد الله عليها، وقد رأيت بنفسك المهندس أحمد عز وهو يتهكم على بيانك وملاحظاتك بقوله إن مجلس الشعب هو الجهة الرقابية الأولى فى مصر.. مرة أخرى: كسبنا صلاة النبى.
حين يقوم الملط بالأذان كل عام فى مالطة دون أن يتقدم أحد ليوارى سوءة البلد، فنحن نفعل بنا كما فعل قابيل بأخيه لكن الفرق هنا أن الغراب لن يأتى ليعلمنا كيف نوارى سوءاتنا. فى كل مرة يحدث ذلك يتحول بيان الدكتور الملط إلى خنجر آخر يضاف إلى الخناجر المغروسة فى خواصرنا.
وبقدر ما نثمن الجهد الذى يبذله الدكتور الملط ورجاله والذى يذهب سدى بقدر ما نندهش بسبب إصرار الرجل على الاستمرار فى منصبه مع ما نعرفه عنه من تمتعه بفضيلة الاستغناء، فهل يمتلك الرجل أملاً لا نعرفه بأن «ملاحظات» جهازه ستترجم يوماً ما إلى قرارات؟
لكننى أشعر أن الدكتور الملط لا يمتلك مثل ذلك الأمل.. كما أشعر أنه سيظل فى منصبه يجدد له عاماً بعد عام لبلوغه سن التقاعد اعترافاً من القيادة بأن مصر لا يوجد بها من يصلح لقيادة الجهاز المركزى للمحاسبات إلا ذلك الرجل الذى يؤذن كل عام فى مالطة!
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.