بداية طيبة قدمتها فرقة «فكرة»، أول فرقة مسرحية فى تاريخ نقابة الصحفيين، من خلال عرض «تحت الصفر» تأليف أحمد خليفة وإخراج شريف شلقامى وبطولة مجموعة من الشباب منهم طفل وطفلة. المسرحية مدتها 90 دقيقة تقريباً، وتتناول سلبيات المجتمع المصرى والسخرية منها بشكل مباشر وواضح وصريح دون أى تأويلات أو إسقاطات، وربما تعمد المؤلف ذلك لأن المجتمع المصرى وصل إلى حالة من السوء أوضح وأقبح من خيال أى مؤلف. ورغم أن المسرحية يمكن وصفها ب«اسكتشات» منفصلة لا يربطها خيط درامى بالمعنى المتعارف عليه مسرحياً، لكن يكفى أنها تحمل جرأة نقد وطرح قضايا حقيقية منها: البطالة، وتفاهة الإعلام والبرامج التليفزيونية وتوضيح أنها تنفذ بترتيب بين الضيوف الذين يظهرون مختلفين على الشاشة، فى حين أن كلا منهم يؤدى دوراً محدداً مرسوماً له سواء معارض أو مدافع عن الحكومة، كما أوضحت أن البطالة تتسبب فى تعاطى المخدرات، بل ارتكاب كل ما يدمر الشباب. ومهما وصلت سطحية النص المكتوب، وعدم تمكن المؤلف من رسم الشخصيات بعمق حتى ولو بسيط، يحسب للعرض اجتهاد واضح من المخرج مع الممثلين الذين معظمهم يمثل للمرة الأولى، ومنهم من يمتلك موهبة تحتاج إلى ممارسة وثقافة مستمرة حتى يصل إلى مستوى جيد. ولم يوفق المخرج فى استخدام أرضية المسرح أسفل الخشبة لتكون مستوى أدنى تدور فيه أحداث العرض «مقهى يجلس فيه مجموعة من الشباب يشاهدون التليفزيون كل فترة» بينما استخدم خشبة المسرح لعرض ما يشاهده الشباب فى التليفزيون، وهذه الرؤية تسببت فى إهدار طاقة الممثلين الذين يجلسون فى المقهى لأنهم لا يشتركون فى مشاهد التليفزيون فى المستوى الأعلى والتى كانت تحتوى على حوارات طويلة دون جدوى. كما كان دور مدير المقهى، أحياناً يمثل الراوى أو المعلق على الحدث، يعتمد على مونولوجات طويلة تنتهى فكرتها بعد أول سطرين من كلامه، والباقى إعادة صياغة للكلام نفسه. حتى فكرة كسر الإيهام التى بدأت بها المسرحية عن طريق حديث مدير المقهى المباشر مع الجمهور، لم تخدم الفكرة الأساسية للنص، وكانت مجرد «إكسسوار» يمكن الاستغناء عنه، وبالمثل الأغانى التى تخللت العرض لأنها أعادت ما يقال فى الحوار فى شكل غنائى. أجمل ما فى التجربة، الطاقة الهائلة لدى الممثلين، رغم تفاوت الأداء بينهم، وكان أفضلهم «القهوجى»، والباقون يحتاجون إلى تدريب أكثر وهذا لا ينفى وجود الموهبة لديهم.