عيار 21 ارتفع 115 جنيهًا.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة بعد قرار المركزي    كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي (صور)    تهديد إيراني جديد ل إسرائيل وأمريكا ردًا على خطة نتنياهو : «ستدفعون الثمن»    حادث واشنطن .. شريط فيديو وضع إلياس رودريجز في ورطة (تفاصيل)    لاعب الأهلي السابق: «الأحمر هيعاني من غير إمام عاشور»    بسبب خلافات أسرية.. التحقيق في اتهام جامع خردة بقتل زوجته بأوسيم    مصرع وإصابة 13 شخصا، ننشر أسماء ضحايا حادث انقلاب ميكروباص ملوي بالمنيا    خروجه مجانية.. استمتاع أهالى الدقهلية بالويك إند على الممشى السياحى.. صور وفيديو    الضرائب تنفي الشائعات: لا نية لرفع أو فرض ضرائب جديدة.. وسياستنا ثابتة ل5 سنوات    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    شيخ الأزهر يُعزِّي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    أرقام رافينيا مع برشلونة بعد تمديد عقده حتى 2028    روسيا.. توقف الرحلات الجوية في مطاري فنوكوفو وجوكوفسكي بسبب تفعيل الدفاعات الجوية    "مياه الفيوم" تنفي شائعة تسرّب الصرف الصحي.. وتؤكد: مياه الشرب آمنة 100%"    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    دورة هامبورج: روبليف إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ فبراير    أخبار × 24 ساعة.. حوافز استثمارية غير مسبوقة لتعزيز مناخ الأعمال فى مصر    جامعة دمنهور تشارك فى فعاليات إطلاق برنامج عمل "أفق أوروبا Horizon Europe" لعام 2025    ضبط طن دهون حيوانية ولحوم غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببشتيل بالجيزة.. صور    «الطقس× أسبوع».. درجات الحرارة «رايحة جاية» والأرصاد تحذر من الظواهر الجوية المتوقعة بالمحافظات    ضبط عامل وربة منزل بحوزتهما مخدرات وسلاح نارى بكفر الشيخ    دينا فؤاد: شغفي بالفن أهم من الحب.. والابتعاد عن التمثيل موت بطيء    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    دينا فؤاد: صحابي كانوا كتار ووقعوا مني في الأزمات.. بالمواقف مش عدد السنين    بعد الإفراج عن عمر زهران .. هالة صدقي توجه رسالة ل مرتضى منصور    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    فلسطين.. 4 شهداء وعشرات المفقودين إثر قصف إسرائيلي على منزل في جباليا شمال غزة    السلطات الكورية الشمالية تبدأ تحقيقًا في حادث أثناء إطلاق سفينة حربية جديدة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    وجه لها 16 طعنة وهي ونايمة، قرار من النيابة ضد طالب بالصف الأول الإعدادي حاول قتل والدته بالغربية    مصرع طالب أسفل عجلات قطار الركاب بمحطة كفر الدوار بالبحيرة    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث مروري بقنا    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    كرة يد - موعد مباراة الأهلي والزمالك في نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    Spotify تحتفل بإطلاق أحدث ألبومات مروان موسى في مباراة "برشلونة"    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    "القومي للمرأة" ينظم لقاء رفيع المستوي بعنوان" النساء يستطعن التغيير"    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    «المصريين»: مشروع تعديل قانون الانتخابات يراعى العدالة فى التمثيل    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    جدول مواعيد الصلوات الخمسة في محافظات مصر غداً الجمعة 23 مايو 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين الاعتدال التركى والتشدد الإيرانى أين ذهب الدور المصرى؟!

كشف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة عن تراجع الدور المصرى عربيا ودوليا، بصورة عكست ليس فقط خللا فى الأداء السياسى والدبلوماسى والإعلامى، إنما خللا داخليا اقترب من أن يضيف ثنائية جديدة بجوار ثنائية (الاعتدال والتشدد) وهى (الأسوياء والمختلون)، التى ليست بالضرورة بالمعنى العقلى، إنما بالمعنى النفسى والسلوكى، خاصة حين تعامل بعضنا بشماتة غير مسبوقة مع مشاهد قتل الأبرياء فى غزة، ومارس حملة تحريض وكراهية بحق الشعب الفلسطينى، من المستحيل أن نجدها فى الصحف الغربية والأمريكية، لأنها كانت ستحاكم بتهمة العنصرية.
أما نحن وبما أن القواعد السياسية والقانونية تطبق فقط عند المساس برئيس الجمهورية، وبعض المؤسسات السيادية، فإن الحكم تعمد أن يترك كل شىء مباحا فى مصر من التهم المرسلة والسب والقذف والخوض فى الأعراض، وغسل دماغ الشعب المصرى بالخرافات تحت اسم الدين، وشتم الفلسطينيين أكثر مما يفعل الإسرائيليون، كل ذلك بدون أى حساب لأن ضحاياه من المصريين والفلسطينيين هم جميعا ليس لهم ثمن عند الحكومة ورجالها.
والمؤكد أن من حق الخطاب الرسمى وغير الرسمى أن ينتقد حماس على أخطائها الكثيرة، وحزب الله على لغته التقسيمية التى لا تعرف قيمة مصر التاريخية، وإيران على كثير من سياسياتها التوسعية ولغة رئيسها المتشددة، كل ذلك يظل مقبولا ومفهوما فى لغة الصراع السياسي، ولكن أن يتحول خطاب دولة بحجم مصر إلى «ماكينة ردح» لكل من تصرف بشكل سوى فى مواجهة الجرائم الإسرائيلية على قطاع غزة، ومنهم رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان، نكون بذلك قد أخطأنا لحد الجرم بحق مصر وشعبها.
ويبدو أن سعادة الشارع العربى وقطاع واسع من النخب العربية بموقف رئيس الوزراء التركى من المغالطات الإسرائيلية فى مؤتمر دافوس استفزت «المعتدلين المزيفين» فى مصر، فالرجل عبر بموقفه عن أنه شخص سوى «بيحس»، ولم يتحمل كإنسان طبيعى، حجم الكذب والخداع الذى قام به رئيس الوزراء الإسرائيلى لتبرير قتل الأطفال فى قطاع غزة.
وكان نتيجة هذا الموقف أن قامت «كتيبة المنافقين» بحملة على الرجل غير مفهومة، فتركيا دولة لديها علاقات تجارية وسياسية مع إسرائيل وعضو فى حلف الناتو وترغب فى الدخول إلى الاتحاد الأوربى، أى أنها اختارت قبل مصر أن تكون دولة معتدلة، ولكن اعتدالها كان مرادفا للتقدم والديمقراطية، وليس التأخر والاستبداد.
لقد نجحت تركيا فيما فشلت فيه مصر، فنخبتها العلمانية أوالمحافظة ذات الأصول الإسلامية تختلف جذريا عن النخب العربية، فى أنها نخبة تعمل ولا تهتف خلف الميكرفونات، موقفها من الغرب وإسرائيل موقف محسوب ونقدى، تختلف معهما داخل المنظومة الديمقراطية الحديثة، وليس من خارجها كما نفعل نحن.
ففى مصر ليس هناك مانع من أن يهتف رئيس مجلس الشعب ويقول «تسقط إسرائيل» ويرفع نائب إخوانى آخر حذاءه ضدها، هكذا ويالها من خيبة، أصبح هذا شكل النضال ضد الاحتلال الإسرائيلى، وكلاهما يعرف أن مصر فشلت فى أن تكون منافسا أو خصما لإسرائيل فى أى مجال سياسى أو اقتصادى أو تكنولوجى، وتركت الهتافات كمجال للتنفيس، وغاب أى رابط بين الخطب والشعارات السياسية والواقع المعاش.
فلغة السياسيين المصريين حكومة ومعارضة لا توصلنا إلى دافوس للاختلاف مع قادة العالم، ولا المونديال لتنظيم كأس العالم، بل إن بعض نوابنا الذين ذهبوا لتحية أردوجان فى السفارة التركية، لا يعلمون أن اللغة «الحنجورية» التى يستخدمونها كل يوم لا يقولها أردوجان ولا ترددها تركيا، وأنها تصلح للاستهلاك المحلى وللبلدان المتخلفة غير المؤثرة إقليميا ودوليا ولن يستمع لها أحد، ولن تؤثر فى العالم أو توقف الجرائم الإسرائيلية.
إن مفارقة الموقف المصرى، أنه كان من المفترض أن يكون سعيدا بموقف أردوجان لأنه جاء من دولة معتدلة، نجحت فى أن يكون زعيمها حاضرا مع قادة العالم، وكبار رجال الصناعة والمال فى دافوس، و لكن على ما يبدو أن الغيرة من وجود زعيم شاب حتى لو كان فى بلد أخرى، منتخب بشكل ديمقراطى، ومتحدث لبق وجرىء دون أن يكون متشددا أو مستبدا أو حنجوريا، كل ذلك كان أكبر مما تحتمله طاقة حكم محدود الكفاءة معدوم الخيال.
والحقيقة أن تركيا اختارت أن تكون مخلصة لمبادئها منذ أسس مصطفى كمال أتاتورك الجمهورية التركية الحديثة، ونجح فى إخراج المحتلين من بلاده ( أمر مازال كثير من الإسلاميين فى العالم العربى لا يفهمونه بهجومهم على بطل تحرر قومى قبل أن يكون زعيما علمانيا)، وبنت نظاما سياسيا نجح فى النهاية فى دمج الإسلاميين داخل معادلة الحداثة والديمقراطية وهو تحول تاريخى فشلت كل الدول العربية فى تحقيقه باستثناء جزئى فى المغرب،
وبقيت عندنا الحكومة سعيدة بإبقاء الإسلاميين على حالهم يطرحون برنامجا «سياسيا» معاديا للديمقراطية والمواطنة كما فعل الإخوان منذ عامين، وتركت جبهة علماء الأزهر تتصرف كجماعة تكفيرية دون أن تواجههم فكريا، أو تصلح الأزهر إداريا وسياسيا، فطالما لا يشكلون خطرا أمنيا على النظام فليقولوا أى شىء.
وهذا ما فعل عكسه تماما الأتراك، فليس مباحا أن تقول أى شىء وتشتم وتسب وتهين تاريخك الوطنى وتكفر مخالفيك فى الرأى، فقد وضع النظام الجمهورى التركى قواعد دستورية وقانونية، صارمة وداخل هذا الإطار اعتبر أن من حق الجميع أن يختلف ويتصارع سياسيا، رغم أن القواعد التى وضعها لم تكن كلها ديمقراطية، وكثيرا ما انحرف النظام العلمانى عن قواعد الديمقراطية حتى وصل أحيانا إلى التطرف، لكن فكرة وجود قاعدة قانونية ما، فرضت على الجميع إسلاميين وعلمانيين احترام القانون والدستور مهما كان رأيهم فيه.
أما فى مصر فإذا كنت معتدلا أو متشددا، علمانيا أو إسلاميا، لن تحاسب على ضوء احترامك للدستور والنظام الجمهورى، إنما على قدراتك وكفاءتك السياسية ونزاهتك، فإذا كانت موجودة فستهمش وتستبعد من ساحة المنافسة بصرف النظر عن توجهك السياسى، وهذا ما جعل مصر خليطا من صراخ وضجيج بلا طحن، فشعار مصر أولا يطرح كشعار لا يطبق فى الواقع، والشعارات الجهادية والثورية فى وجه إسرائيل ترفع كل يوم لأنها شعارات مجانية غير مستعد أغلب الناس لدفع ثمنها.
وهذا فى الحقيقة ما حدث عكسه فى تركيا وإيران فكلاهما ظل مخلصا لما رفعه من شعارات، فإيران تواجه أمريكا والغرب للدفاع عن مشروع وطنى أصيل ( وليس كرسى الحكم أو تحرير القدس)، يتنافس عليه الإصلاحيون والمحافظون، وحقق تقدما تكنولوجيا واقتصاديا كبيرا رغم الحصار والمقاطعة، صحيح أنه ارتكب أخطاء وربما خطايا فى العراق، نتيجة غيابنا، إلا إنه بنى نظاما على مساوئه الكثيرة ظل أكفأ من النظم العربية.
أما تركيا فقد قدمت أهم رسالة سياسية للنخب والمجتمعات العربية معا، فلأول مرة يأتى صوت الاحتجاج على الجرائم الإسرائيلية من دولة معتدلة حيث اعتدنا أن نسمعه من نظم استبدادية فاشلة، أو تنظيمات سياسية انتهى دورها المقاوم منذ عام 2000 وبدأت فى الاستهداف الدموى لخصومها السياسيين.
إن هذه الرسالة على "الهتيفة" فى العالم العربى أن يسمعوها، فالنظام الديمقراطى فى تركيا لم يلوث مشاعر الناس بإعلام موجه هدفه منع حتى التعاطف مع الشهداء الأبرياء فى غزة، ولم يخف من خروج الناس بمئات الآلاف احتجاجا على العدوان الإسرائيلى.
فحين تكون هناك دولة ديمقراطية مثل تركيا تحمل كثيرا من قواعد العالم الحر، وقادرة على النقد بكل هذه الصراحة والوضوح، فهذا معناه أن طريق الديمقراطية الذى هجرناه والاعتدال الذى تركناه، والعقل الذى نسيناه، هو الطريق الحقيقى لمواجهة جرائم إسرائيل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.