إذا وجدت نفسك ذات مساء ماراً بصف من المقاهى، أوروبية الطراز، ورائحة النرجيلة تنتشر فى الأجواء، منصهرة مع صوت «محمد عبده»، وهو يشدو عالياً بروائعه السعودية، والخليجيون حولك يميناً ويساراً، فأنت إذن فى بيروت. ففى وسط المدينة، المعروف بال «داون تاون»، أحد أبرز المناطق التى أعاد رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريرى إعمارها بعد الحرب، تجد من الخليجيين، لاسيما فى الإجازات الصيفية وفترات المواسم والأعياد، أكثر مما تجد من اللبنانيين أنفسهم. وتقول البيروتية رانيا كنيو (29 عاماً)، بلكنتها اللبنانية الرقيقة إن هذا الشارع على الدوام «عجأة كتير»، أى (زحمة جداً)، فهو يضج بالمقاهى والمطاعم اللبنانية الفاخرة، التى تتخذ طرازاً أوروبياً مميزاً بمظلاتها الحمراء ذات الحروف اللاتينية، وتلك الشفافة الواقية من المطر، فضلاً عن مناضدها المنتشرة على الرصيفين المحاذيين للطريق، ذى الأسفلت الإنجليزي، ليمر بينهما المشاة دون سيارات. الشارع الرئيسى فى تلك المنطقة إذن سياحى بالدرجة الأولى، وهو شارع لبنانى الأرض، خليجى الهوى، ذو نكهة سعودية تراها على وجهات وقسمات غالبية رواده ممن يدخنون النرجيلة، رجالاً ونساء، بلهجتهم المعروفة، وعطورهم المميزة، والتى جعلت الكثير من اللبنانيين يطلقون نكاتاً تطالب بتحويل اسم بلدهم إلى «خُلجان» بدلا من «لُبنان».