سفينتى

أصبحت كالفلك المشحون بالأنين والعبرات، وأخشى أن تميل سفينتى من حمل الحُزن والآهات.. زادت أثقالها ولا أستطيع أن أبحر بها، وفى دمعه قتامة الغيوم ورهبة الظلمات، كيف النجاة ومن داخلى تبدأ ثورتى؟!...
من داخلى تئن عبرتى.. من داخلى تقتلنى رغبتى... آآآهٍ وقد صار الكل يتبَع هواه، وإن نظرت لمن لا يكذب وجدته يغضب، وإن شاهدت من لا يغضب شجاك عناده وتكبره، وإن كان متواضعاً دمرك بحقده وحسده، وإن أعجبتك قناعته ضايقك بجداله وجهله، وإن مدحت فى سكينته لا يتركك إلا وقد اكتويت بمكره، وإن مَنَّ عليك بما تريده فأكرمته فأفش سرك واستباح عرضك..
آه وقد تصدع قلبى من الحسرة على ما يرى.. بشر يتعالى على بشر، ولا تسمع إلا نفسى نفسى.. والعمر منا جميعاً يمضى ويجرى.. مشاعر وانفعالات.. أنين وغضب.. بركان يستعر وقلوب تشتعل.. آمال تغتال! إنى أتألم.. ماذا فى وسعى أن أفعل؟
أيها البشر: لقد جعلنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف ولنعرف أن أكرمنا عند الله أتقانا.. هو الأكثر رحمة وحناناً وصدقاً وعدلاً وصبراً؛ فلماذا نفسد فى الأرض؟ لماذا يقهر بعضنا بعضاً؟ لماذا يقتل القوى الضعيف ونسى أنه أيضاً سيفنى؟ أيها البشر: كلنا إنسان.. إن جرحته ستسيل منه الدماء وتشتكى أعضاؤه، وإن عذبته يبكى حاله ولا مسمع لصراخه، وإن رحمته تجده يتفتح كالزهرة التى تشتاق لقطر الندى، ما أجمل التراحم والمحبة، ما أرق البسمة التى بها تزيل هم المكروبين، ما أروع العيش فى سلام وأمان..
ربى يا من تعلم ما فى نفسى يا خالق البشر نجنا من شرور أنفسنا وطهرها!.. علمنا وفهمنا ديننا وأرزاقنا التقوى، أصلح بالنا وأحوالنا، وانزع الغل من صدورنا، وأصلح سفينة عروبتى بمحبتك لنبينا.. اللهم آمين.
عفاف عبدالوهاب صديق
كاتبة مصرية