*غم ونكد وارتفاع ضغط دم، كل يوم مع استمرار مجزرة غزة، يقول النقيب «ميكى شربيط» من سلاح المدرعات الإسرائيلى إن الحرب على غزة أشبه بحرب الأشباح، فالمقاومون يخرجون لهم من باطن الأرض ك«الشياطين»، الحقيقة أنها ليست حرباً، بل هى مجزرة وجريمة بشعة مع سبق الإصرار والترصد، جريمة من جرائم إبادة الجنس البشرى، يحق لنا معها إقامة دعوى أمام محكمة العدل الدولية لتقرر المحكمة التدابير اللازمة لإيقاف تلك الجريمة فوراً، ومعاقبة مرتكبيها.. وعلى الرغم من أن ما أقدمت عليه حماس من إطلاق صواريخ على مستوطنات إسرائيلية، قد يكون جاء فى لحظة تاريخية ليست مواتية تماماً للقضية الفلسطينية ولا للشعب الفلسطينى ولا لحماس نفسها، إلا أننا لا نستطيع أن نلومها لأنها تعمل طبقاً لمعادلة بسيطة ترتكز على مبدأ إنسانى معروف، وهى معادلة بسيطة فى تركيبها، ولكنها عميقة فى جذورها وهى «المقاومة مقابل الاحتلال». * لم تكن المقاومة فى أى يوم من الأيام وفى أى دولة من الدول، مماثلة أو قريبة فى قوتها من المحتل، بل كانت دائماً أضعف من قوى الاحتلال، وكانت فى كل العصور هى التى تقدم التضحيات والشهداء، ولكن هذه المعادلة تعتمد على توازن الرعب الذى تخلقه، فيجرد المحتل من قدرته على الاستقرار وتفرض عليه برنامجاً مضطرباً حتى يهتز ويندحر فى آخر الأمر، ودورها ضرورى وأساسى فى أثناء إجراء أى مفاوضات.. وهذا ما تقوم به حماس، ولكن لأن إسرائيل ليست مثل أى سلطة احتلال، ولأن إسرائيل تستهين بالدول العربية وبالرأى العام العالمى، فقد خرقت هذه المعادلة، وبدلاً من أن تتصدى كقوة احتلال للمقاومة بالطرق المعروفة، أنزلت العقاب والتدمير الجماعى واستخدمت آلة الحرب لديها ضد الشعب الفلسطينى كله فى قطاع غزة، على طريقة جيش الهجاناه الإرهابى. * البعض يتهم حماس بأنها لم تُقدر الموقف تقديراً جيداً، وكان عليها أن تتوقع رد الفعل الإرهابى الإسرائيلى، فإسرائيل ليست إلا دولة إرهابية، وبالتالى لن تعمل طبقاً للمعادلة أو المبادئ الإنسانية، ولكن هؤلاء الذين يتهمون المقاومة الفلسطينية بذلك قد يكون فات عليهم أن إسرائيل لم تترك للمقاومة الخيار، بل دفعتها إلى ذلك دفعاً، إذ أقامت عليها الحصار، فأفقرت الناس، وتسببت فى موت المرضى والأطفال، وعزلتهم عن العالم فى سجن كبير، واستغلت فترة التهدئة فى اغتيال زعماء المقاومة المحاصرة فى غزة، ماذا ننتظر من المقاومة فى قطاع غزة إذن.. قطاع غزة الذى تبلغ مساحته 360 كم فقط، ويمثل 1.5٪ من الأراضى الفلسطينية التاريخية من النهر إلى البحر طوله لا يزيد على 40 كم، وعرضه يتراوح بين 6 و12 كم، هذا هو قطاع غزة، السجن الكبير الذى يعيش فيه أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى. *قطاع غزة الذى أصبح سجناً يحده من الشمال والشرق إسرائيل، ومن الغرب ساحل البحر المتوسط والبحرية الإسرائيلية، ومن الجنوب الأراضى المصرية، لذلك فإن بعض الدول تعلم جيداً أن الشعب الفلسطينى فى غزة لم يكن لديه بديل عن المقاومة، ولم يكن له بديل عن أن يحاول أن يشعر إسرائيل ومستوطنيها بعدم الاستقرار حتى يحرك الأمور، أما كون إسرائيل قد تعاملت مع الأمر ببربرية إرهابية دون الاهتمام بالمجتمع العربى أو الدولى، فهذا كان نتيجة لشعورها بضعف الدول العربية أولاً، وثانياً لأنها طالما استهانت بالمجتمع الدولى من قبل، وطالما عجز هو عن معاقبتها بسبب الحماية التى يسبغها عليها حلفاؤها. *وشوف الاستفزاز.. وزيرة الخارجية الأمريكية تقول عن هذه الإبادة «حرب دفاعية» وأخيراً توقع اتفاقاً مع نظيرتها «ليفنى هانم» لمنع تهريب السلاح إلى غزة، وتقول إن الاتفاقية تهدف إلى منع وصول السلاح إلى أيدى حماس وباقى المنظمات الإرهابية فى غزةوفلسطين.. أنا مش فاهم الست دى بتستهبل ليه، هو إحنا هبل علشان تستهبل علينا بهذا الشكل الفج الوقح، مين بذمتكم الإرهابى، حماس والمقاومة التى يؤيدها الشعب الفلسطينى، أم إسرائيل قاتلة النساء والأطفال والأبرياء، إسرائيل التى قامت على أراض فلسطينية، نحن لا نستطيع أن ننسى أن عدد اليهود قبل عام 1917 لم يكن يزيد على 10٪ من سكان فلسطين العرب، ويمتلكون أقل من 5٪ من أراضى فلسطين، أليست هذه هى الحقيقة التاريخية المعروفة لدى الجميع؟! *من حق «مدام ليزا» أن توقع على ما تريد ولكن ليس من حقها أبداً أن تتهم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وإن كانت لا تعلم فعليها أن تقرأ التاريخ، فكلنا نعلم أن أمريكا هى التى ضغطت على إنجلترا عندما تلكأت فى تنفيذ وعدها لإسرائيل وعد «بلفور الشهير» بعد أن تقدمت إليها إسرائيل بأنها سوف تكون تابعتها فى الشرق الأوسط لحفظ الأمن هناك، وأنها ستقوم بتهجير السكان إلى العراق، وتقيم دولتها على كامل أراضى فلسطين، وربما شرق الأردن أيضاً.. هذا ليس مجرد كلام إنما هو وثائق معلومة للجميع.. فأرجوك لا تتكلمى عن الإرهاب فأيدى الإدارة الجمهورية الأمريكية مخضبة بدماء أهل فلسطين كما هى ملطخة بدماء أهل العراق. *إن العدوان الإسرائيلى الإرهابى، حتى لو حقق بعض أهدافه، فهو لن يكون نهاية المطاف، ولابد أن يكون هناك عمل سياسى يبنى على، ويستفيد من هذا العدوان، إن اللحظة الراهنة يجب علينا استثمارها لصالح فلسطين، وذلك أولاً بإيقاف العدوان وإلزام إسرائيل بالانسحاب الفورى، خاصة بعد أن كشفت عن وجهها القمىء للعالم أجمع، ثم البحث فى كيفية إنهاء الانقسام الفلسطينى والبحث عن تصور شامل وليس عن تصور جزئى لحل القضية برمتها، وهذا ما أحسب أن مصر تعمل بكل قوتها على إنجازه، وهذا يتطلب أن يتجنب العرب إشاعة الفرقة والانقسام بينهم، فالذى لا خلاف عليه أنه لولا حالة الفرقة والضعف لما جرؤت إسرائيل على ممارسة أعمالها الإرهابية ضد الفلسطينيين فى غزة، بل لما استطاعت فى الأساس تحقيق حلمها بإقامة دولتها فوق أراضى فلسطين العربية، هذه هى الحقيقة التى يدركها جيداً الصهاينة، لذلك فهم يعملون على إشاعة هذه الفرقة بيننا ويعارضون قولاً وفعلاً أى برنامج من شأنه أن يعلى القدرات العربية والإسلامية، لأنهم يؤمنون بأن توحد القوة العربية إن جاء على قاعدة مشروع نهضة شاملة، من شأنه أن يشكل خطراً شديداً على دولتهم العبرية العنصرية. * وعلى إسرائيل أن تعلم أنها طالما تستخدم تلك الوسائل الإرهابية، وتقوم بقتل أطفالنا وشيوخنا ونسائنا فى فلسطين، فإنها لن تستطيع أن تتحول أبداً إلى جزء من هذه المنطقة، وستظل كياناً غريباً وشاذاً عليها، مكروهاً وملفوظاً من شعوبها، وسوف تتحول يوماً ما إلى سجينة بعد أن كانت سجاناً.