المئات يتظاهرون ضد حظر السباحة في نهر شبريه في برلين    كيف تعرض نتنياهو لموضوع إسرائيل الكبرى في حواره مع قناة i24 العبرية؟    جولات ميدانية لمتابعة الأنشطة والأمن والسلامة بمراكز شباب الجيزة    «خبرتهم محدودة».. نجم غزل المحلة السابق يهاجم الإدارة    «ابنك لاعب في الأهلي».. سيد عبدالحفيظ ينتقد تصرف والد زيزو    تصفية 5 عناصر إجرامية بالقليوبية في تبادل إطلاق نار (تفاصيل)    بسبب إنشاءات المترو.. كسر خط صرف صحي في الإسكندرية    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    دار الإفتاء: نعمل على إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي للفتوى والبحث الشرعي    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    الكهرباء: الحمل الأقصى للشبكة الموحدة يسجل 39.5 ألف ميجا وات    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالصف الأول الثانوي العام والفني للعام الدراسي 2025 / 2026    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي على حي الشيخ رضوان بغزة    قرى مالي تتحول إلى أطلال.. الإرهاب يمحو الذاكرة    وزير الخارجية الأمريكي: السلام في غزة مستحيل بوجود حماس    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    إنريكي: لا نفكر فى الكرة الذهبية.. واستبعاد دوناروما الأنسب للجميع    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    «المصدر» تنشر نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ على مستوى الجمهورية    مصدر بهيئة قناة السويس ببورسعيد ينفي ما تم تداوله حول إغلاق كوبري النصر العائم    نجم الزمالك السابق: مباراة مودرن جرس إنذار للأهلي.. وبصمات فيريرا واضحة مع الأبيض    أمين عمر حكما لمباراة بيراميدز والإسماعيلى والغندور للطلائع والمصرى    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة سموحة في الدوري    الآن بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    سعر الذهب اليوم الأربعاء 13 أغسطس محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    أصعب 24 ساعة .. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم : ذروة الموجة شديدة الحرارة    لقيت السواق بتاعي في غرفة نومي.. التحقيقات تكشف تفاصيل فيديو الاعتداء الجنسي على هاتف سارة خليفة    حتى لا يتكرر حادث الشاطبى.. محافظ الإسكندرية: نعمل على تهيئة كافة الظروف لتحقيق الأمان للمصطافين.. مدحت قريطم: عبور المشاة العشوائي وراء حوادث الطرق ويجب تكثيف التوعية    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    "الإسكان": منصة إلكترونية/لطلبات مواطني الإيجار القديم    بداية أسبوع من التخبط المادي.. برج الجدي اليوم 13 أغسطس    4 أبراج «بيحسّوا بالحاجة قبل ما تحصل».. موهوبون في التنبؤ ويقرأون ما بين السطور    نقاش محتدم لكن يمكنك إنقاذ الموقف.. حظ برج القوس اليوم 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    نجاح الفريق الطبي بالمنوفية في إنقاذ سيدة حامل في 4 أجنة    أكاديمية الفنون تحتفي بعيد وفاء النيل بمعرض فوتوغرافي    محمد صلاح ينضم لمعسكر منتخب مصر 2 سبتمبر المقبل    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    نقابة العلوم الصحية: تكليف خريجي المعاهد خطوة لتعزيز المساواة    عيد مرسال: مصر تقف بثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    طريقة عمل البصارة على أصولها بخطوات سهلة وأرخص غداء    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    «تعليم كفر الشيخ» تعلن النزول بسن القبول برياض الأطفال ل3 سنوات ونصف    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. شريف بسيونى الخبير الدولى فى تحقيقات جرائم الحرب: الفلسطينيون ينتظرون أن يتحول المغتصِب إلى حَمَل وديع ويمنحهم دولة

أن تجرى حواراً مع الدكتور شريف بسيونى، فتلك فرصة أن تضرب عصفورين بحجر واحد، فهو من ناحية يعد أحد المصريين القلائل الذين تجاوزت شهرتهم الحدود المحلية والعربية، والعالم يعرفه ويقدره جيداً باعتباره أحد أهم القمم القانونية التى لعبت أدواراً بارزة فى المجتمع الدولى فهو أستاذ القانون بجامعة شيكاغو ورئيس لجنة صياغة النظام القانونى للمحكمة الجنائية الدولية وهو رئيس لجنة تقصى الحقائق فى جرائم الصرب فى يوغوسلافيا والتى تم على إثرها ولأول مرة تحويل رؤساء وقادة دول إلى المحاكمة.
ومن ناحية أخرى فإنه وسط أحداث غزة وسيل التصريحات والتحليلات والمظاهرات المطالبة بتحويل قادة إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية وفى خضم الأقوال المتضاربة عن الكيفية التى يمكن أن يتم بها هذا الأمر، تأتى شهادته فاصلة ليس فقط لخبرته القانونية فى هذا الأمر ولكن باعتباره أحد الشهود على جرائم حرب إسرائيل ضد المدنيين عام 1956.
■ جرائم إسرائيل ضد المدنيين العزل فى غزة واضحة للجميع والبعض يطلق على ما يحدث للفلسطينيين «إبادة أو جرائم ضد الإنسانية» والبعض يصفها بجرائم حرب وهذه الجرائم الثلاث تحديداً كافية لمساءلة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية، فما التوصيف القانونى لما تقوم به إسرائيل بالفعل؟
- المؤكد أن إسرائيل ترتكب جرائم حرب ضد المدنيين وهو أمر يسهل إثباته حسب ما أرى أما بالنسبة للجرائم ضد الإنسانية فتعنى أن هناك سياسة معينة للدولة تستخدم فيها منهجية واضحة وعلى نطاق واسع ضد الإنسانية وهذا الأمر يحتاج إلى بحث وربما مع التحقيقات فى جرائم الحرب التى تقوم بها تستطيع إثبات تلك الجريمة بالنسبة لإسرائيل، أما بالنسبة لجريمة الإبادة فأنا لا أعتقد أن هذه الجريمة تنطبق بتعريفها القانونى على ما تقوم به إسرائيل.
■ كل ما تقوم به إسرائيل لا يعتبر إبادة ألا يعد قتلها ل 5882 فلسطينياً خلال الانتفاضة الثانية وقتلها خلال تلك الحرب الأخيرة لأكثر من ألف شخص، نصفهم من الأطفال جريمة إبادة، ما هى الإبادة إذن؟
- الإدانة فى جريمة الإبادة ليست سهلة ولكن ما حدث من الصرب فى يوغوسلافيا ورواندا وكذلك ضد قبائل التوتسى يمكن أن نطلق عليه إبادة، وأيضاً ما حدث من قبل فى السبعينيات فى نيجيريا عندما قتل المسلمون مليون شخص من المسيحيين ولكن تلك الجرائم كانت قبل إنشاء المحكمة الجنائية الدولية.
■ ينتاب الكثيرين الإحساس بأن المحكمة الجنائية الدولية أنشئت لتكون سيفاً على رقاب دول العالم الثالث دون العالم المتقدم، ما تعليقك؟
- هذا اتهام يخالف الحقيقة تماماً فالمحكمة أنشئت لمنع الجرائم ضد الإنسانية والتى تحدث غالباً فى العالم الثالث، فبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، ومحاكمة مجرمى الحرب فيها بناء على اتفاقية دولية خاصة بالحرب آنذاك - وهى لم تكن محاكمة وفق معايير وإنما كانت محاكمة منتصر لمهزوم - ظهرت ضرورة لوجود قانون يغير من الفكرة السائدة منذ القرون الوسطى، ظهرت عن سيادة مطلقة للدولة وقادتها تسمح لهم بكل ما يقومون به من انتهاكات لحقوق الإنسان دون أن يحاسبهم أحد حتى إذا قاموا بإبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية
ولكن رغم ذلك لم يتم التوصل إلى هذا القانون فى ذلك التوقيت، لأن العالم كان تحت سيطرة قوتين عظميين بينهما حرب باردة، ونتيجة لهذا النزاع الذى قسم العالم إلى شطرين متعارضين بشكل دائم لم يكن ممكناً أن تتطور العدالة الجنائية، خصوصاً أن النزاعات فى عدد من الدول كان يغذيها الصراع بين القوتين ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة سنة 1989 تم التفكير فى المحكمة الجنائية الدولية وكان من المفترض أنها ستفيد دول العالم الثالث ولكن للأسف لم تنضم نسبة كبيرة منها للمحكمة حيث انضمت 108 دول ورفضت 94 منها 20 دولة عربية.
■ ولكن من الملاحظ أن الصراعات الدولية زادت بعد انفراد قوة واحدة بحكم العالم وكذلك بعد إنشاء المحكمة الجنائية؟
- الصراعات لم تزداد ولكن الإعلان عنها هو الذى زاد، فعلى مدى أكثر من 60 عاماً منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وحتى عام 2008 قمنا برصد عدد الصراعات الدولية حيث توصلنا إلى أن عدد النزاعات المسلحة خلال تلك الفترة بلغ 294 ويصل عدد الضحايا فيها إلى 70 مليون شخص وهذا فى أقل تقدير وهو ضعف ضحايا الحرب العالمية الأولى والثانية معاً وهناك تقديرات تصل بهذا الرقم إلى 170 مليوناً ولكنه رقم غير مؤكد بسبب عدم وجود إحصاء دقيق
ولكن المؤكد أن هناك ملايين الضحايا لتلك الصراعات فمثلاً عندما انفصلت بنجلاديش عن باكستان ما بين عام 1971 و 1972 تم قتل مليون شخص رغم أنهم من نفس العرق والديانة ولم يتم محاكمة باكستانى واحد وفى كمبوديا ما بين سنة 75 حتى 85 تم قتل 2 مليون شخص بسبب الصراع بين متطرفين موالين لماوتسى تونج ومعارضيهم وهذا العدد كان يمثل 40 % من السكان ولم تتم مساءلة أحد وفى الكونغو منذ 5 سنوات وحتى الآن قتل ثلاثة ملايين شخص وما زالوا يقتلون بالآلاف
وكذلك فى أوغندا حيث يقوم جيش الرب باختطاف الأطفال وتجنيدهم فى الحروب وكذلك فى دارفور والحقيقة أننى أشعر أن هيئة الأمم المتحدة لأسباب سياسية كانت تتجاهل إحصاء هذه الصراعات والتحقق منها لأنه لو تجمعت أدلة فلن يستطيع مجلس الأمن إهمالها فتغاضوا عنها أملاً فى أن تنساها الأجيال المقبلة ولا يمكن إثبات حقوق الضحايا بعكس ما قامت به إسرائيل عندما أثبتت أن لديها 6 ملايين ضحية للنازية وأصبح هذا الرقم سلاحاً سياسياً تستخدمه حتى الآن.
■ لا يمكن القول إن مجلس الأمن يتجاهل كل القضايا بدليل أنه قبل إنشاء المحكمة الجنائية شكل لجنة تقصى حقائق فى يوغوسلافيا لمجرد أن الولايات المتحدة أرادت ذلك؟
- من قال إن مجلس الأمن كان يريد بالفعل محاكمة مجرمى الصرب، فمنذ البداية عندما اضطر مجلس الأمن بسبب الضغوط إلى تشكيل لجنة تقصى حقائق عن مجرمى الصرب كان هناك عدد من الدول يرفض ذلك وعلى رأسها روسيا لذلك عندما تم إنشاء تلك اللجنة ورغم إعطائها جميع الصلاحيات فإنه لم يتم رصد مليم واحد كميزانية لها ولم يتم توفير مقر للعمل بهدف وأد الفكرة وعرقلة اللجنة عن الوصول إلى نتائج وكان من الممكن نتيجة لهذه العراقيل عدم التوصل إلى نتائج وأدلة فعلية يمكن بناء عليها إلغاء الاتهام ضد القادة
ولكن شاء القدر أننى كنت الرئيس المعين لهذه اللجنة وقررت ألا أستسلم لهذه الظروف وأن أسعى للتوصل إلى الأدلة التى تدين قادة الصرب بجرائم ضد مسلمى البوسنة وبعد أن تبرعت جامعة شيكاغو التى أعمل بها بمقر للجنة كان المتبقى هو توفير المال اللازم لتشغيل الطاقم الذى سيقوم بالتحقيقات فقمت بزيارة معظم دول العالم لجمع التمويل اللازم من بلاد عربية وغربية.
■ ومن الذى شارك فى تمويل هذه اللجنة؟
- رغم أن الجرائم كانت ضد المسلمين فإن المفاجأة الحقيقية أنه لم تدفع أى دولة عربية واحدة مليماً واحداً لدعم تلك اللجنة وأذكر أن وزير خارجية السعودية عندما طرحت له ما ننوى فعله قال لى ساخراً «هل ستتحول إذن إلى شرلوك هولمز» ورفض المشاركة فى تمويل اللجنة التى يتبرع لها سوى دول مثل هولندا والنرويج والسويد وكندا وقامت الولايات المتحدة بالمشاركة بشكل أقل من الدول الأخرى واستطعت بذلك العمل مع 141 محققاً للبحث فى 200 ألف حالة قتل فى يوغوسلافيا و4200 حالة اغتصاب و 30 ألف شخص تم تعذيبهم وتوصلت إلى مكان 151 مقبرة جماعية وقدمنا أكبر تقرير فى تاريخ مجلس الأمن وصل عدد صفحاته إلى 3500 صفحة و3 آلاف صورة و 300 ساعة فيديو، ونتيجة لذلك أنشئت محكمة لقادة يوغوسلافيا وفيما بعد عندما رفعت البوسنة قضية ضد الصرب بتهمة الإبادة البشرية استندت محكمة العدل الدولية إلى هذا التقرير حيث أشارت إليه 34 مرة.
■ ألا ترى أنه من الصعب تطبيق ذلك على ما تفعله إسرائيل فى الأراضى المحتلة؟
- إسرائيل بارعة للغاية فى إيجاد التبريرات ففى عام 2002 أطلق لارسن رئيس لجنة تقصى الحقائق فى جنين قبل زيارته فلسطين تصريحات يتحدث فيها عن بشاعة ما حدث والإبادة التى تمت واتخذت إسرائيل من هذا الكلام ذريعة ادعت بها أنه لن يكون حيادياً ورفضت دخوله الضفة الغربية والأراضى المحتلة وتوقفت لجنة تقصى الحقائق ولم تكمل عملها رغم أنه كان من الممكن أن تستكمله من مصر مثلاً من خلال الشهود أو جمع البيانات ولكن هذا لم يحدث والحقيقة أننى وبعد انتهائى من عملى فى لجنة تقصى الحقائق فى يوغوسلافيا ذهبت إلى الجامعة العربية وكان ذلك فى العام الأخير للدكتور عصمت عبدالمجيد واقترحت عليه أن تقوم الجامعة العربية بتشكيل لجنة تقصى حقائق لما يحدث فى الأراضى المحتلة وأعطيته كل المعلومات والآليات اللازمة التى يمكن أن تساعد تلك اللجنة
وكنت أتصور أنه لو تم جمع الأدلة بنفس الأسلوب الذى تم فى يوغوسلافيا، سيصعب على مجلس الأمن والأمم المتحدة أن يتجاهلا الأمر وكان سيجبرهما على اتخاذ إجراء ضد إسرائيل لأن مجلس الأمن والمجتمع الدولى عموماً يتحرك وفق أدلة وحقيقة هو يتجاهل الوضع فى الأراضى المحتلة حالياً وذلك لأن إسرائيل تغيب الحقيقة من ناحية وتدعى أن ما تقوم به هو دفاع عن النفس، والفلسطينيون والعرب لا يقومون بما يثبت عكس ذلك فكل ما يفعلونه لا يرتقى إلى إيجاد دليل اتهام واضح ويقتصر فقط على الكلام والخطب.
■ وماذا حدث للمقترح الذى تقدمت به للجامعة العربية؟
- لا شىء لا فى فترة الدكتور عبد المجيد ولا حتى عندما تولى عمرو موسى الأمانة حيث تقدمت مرة أخرى بهذا المقترح ولم يكن لدى مانع من مباشرة الأمر بنفسى أو ترشيح أى شخص آخر مع تقديم كل خبرتى له ولكن ما حدث أنه تم عرض الموضوع على مجلس الجامعة وشكلت لجنة من عدة دول للنظر فيها واللجنة كونت لجنة ثانية ولم يتحقق شىء ولو سألت الآن فى الجامعة سيقولون لدينا لجنة ولكنها لا تقوم بالعمل بشكل حقيقى.
■ وما الإمكانات المطلوبة لإنشاء تلك اللجنة والتى لم تستطع الدول العربية توفيرها حتى الآن؟
- توفير مكان آمن يتم فيه تجميع المعلومات وذلك لأن إسرائيل عندما تعلم أن هناك عملاً جاداً بهذا الشأن فربما تستهدفه بالإضافة إلى ذلك توفير فريق عمل يمكنه الذهاب إلى الأراضى المحتلة أو التقصى من الجرحى وأهالى القتلى والشهود سواء هناك أو فى مصر أو أى دولة أخرى بحيث يتم فتح ملف لكل حالة يحدد فيه طريقة القتل والسبب والشخص أو الوحدة التى قامت بتلك العملية وهى تحتاج إلى محققين محنكين ولديهم قناعة بما يفعلون وإيمان بأن هذا الفعل سيكون له مردود حقيقى، وبالطبع فإن هذا العمل سيحتاج دعماً من الدول العربية ولكنها للأسف تنظر إلى هذا العمل باعتباره مضيعة للوقت أو أنه مغامرة من مغامرات شرلوك هولمز كما سبق أن قال لى الوزير السعودى.
■ من الملاحظ أن المحكمة الجنائية الدولية التى كنت رئيساً للجنة صياغة نظامها القانونى، وضعت جميع قوانينها على أساس أن النزاعات بين دول متصارعة وتناست أن هناك حالات احتلال يصبح من حق المقاومة شرعياً الدفاع عن أراضيها ولكن بحسب هذا القانون تصبح صواريخ قسام التى تسقط على فلسطين من جرائم الحرب ويصبح رد الفعل الإسرائيلى الغاشم عليها دفاعاً عن النفس، فما تعليقك؟
- المحكمة الجنائية الدولية لا تنظر فى شرعية النزاع وإنما فى الجرائم التى ترتكب ضد البشر أو الشعوب فى تلك النزاعات ووفقاً لهذا المعنى فمن حق المقاومة الفلسطينية توجيه ما تملكه من أسلحة إلى المواقع الإسرائيلية أو الجنود الإسرائيليين ولكن ليس من حقها استهداف المدنيين وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل من حقها أن تقاتل المقاومة طالما تطلق عليها النار ولكن لا تتجه نحو المدنيين وعدم التعرض للمدنيين وهو الأسلوب الذى كانت تقوم به بالمناسبة معظم قوى المقاومة وحركات التحرر فى العالم سواء فى الجزائر ومصر أو ودول أو أخرى عديدة.
■ ولكن المقاومة الفلسطينية تنظر إلى هذا الموضوع من منطلق أن الشعب الإسرائيلى كله تحت الاحتياط ويمكن تعبئته وتجنيده فى أى وقت وبالتالى يحق لها محاربته؟
- هذا ليس مبرراً لأنه لا يحق للمقاومة أن تضرب سيدة فى عملها أو فى منزلها بدعوى أنها قد تصبح غداً ضابطة فى الجيش وهذه الأفعال هى ما تستند إليه إسرائيل فى الدعاية لنفسها.
■ وهل يمكن تجريم صاروخ لم يصب أحداً فى الوقت الذى يتم تبرير قذائف تهدم منازل ومساجد وتقتل الألاف؟
- بالطبع لا، فرغم أن القانون الدولى يسمح بالرد فى حالة الضرورة وهو الدفاع عن النفس ولكنه وضع شرطاً مهماً وهو التناسب أو التكافؤ فى الرد بمعنى أن من يطلق على طلقة مدفع يكون الرد بطلقة أو حتى اثنتين أو ثلاث خصوصاً لو كان هذا فى مناطق بها مدنيون وشرطها أن تكون موجهة لنفس المكان الذى تم إطلاق النيران منه لكن إسرائيل لا تفعل ذلك، فهى تجد لنفسها التبريرات دائماً فمجرد اختباء مقاوم من حماس فى مكان ولو أطلق طلقة بندقية واحدة تهدم المنزل على من فيه بل تتجاوز هذا وتضرب المبانى المحيطة
وبالطبع هذا الأمر يحتاج إلى تحقيق لإثباته بالأدلة وليس من مجرد الكلام المرسل، لأن كلامنا دون دلائل وإسرائيل تطلق أمامه كلاماً مماثلاً فمثلاً هى تقول إنها تطلق النار على منزل اختبأ فيه مقاتل واحتمى بعائلته وأنها أنذرتهم ولم يخرجوا وهذه الحالة وفقاً للقانون لو قامت بإطلاق النار عليهم لن تصبح جريمة حرب على اعتبار أن المقاتل كان المتسبب فى قتل عائلته والرأى العام العالمى يصدق إسرائيل
ولكى نثبت عكس هذا الكلام ينبغى التحقيق لنثبت ما إذا كان بالفعل تم إطلاق نار من المبنى الذى تتحدث عنه وهل كان يختبئ فيه بالفعل مقاتل أم لا وما هو حجم الرد أو السلاح الذى استخدمته للرد عليه وهل كان فى منطقة مدنيين بالأساس – مثلما تفعل هى فعلاً – أم لا كل هذه الأمور لابد من التأكد منها وفق الخطوات المتبعة فى تقصى الحقيقة حتى يصبح معترفاً بها فكما قلت القانون لا يعترف إلا بالأدلة وليس بالكلام المرسل.
■ وهل يحتاج العالم إلى أدلة فمنذ نشأت إسرائيل وهى ترتكب المذابح للمدنيين العُزل بل تقتل الأسرى ولا أحد يهتم؟
- لو كان الفلسطينيون قد أعلنوا دولتهم وانضموا للمحكمة الجنائية لكان من الممكن النظر الآن فى تلك الأحداث مباشرة ودون اللجوء حتى إلى مجلس الأمن والحقيقة أنا لا أفهم ما الذى يمنع الفلسطينيين عن إعلان دولتهم ولماذا ينتظرون أن تسمح لهم إسرائيل وأمريكا وكأن أصحاب الحق ينتظرون من المغتصب أن يتحول إلى حمل وديع ويمنحهم حقوقهم عن طيب خاطر الحقيقة إن كل الحركات التحررية انتزعت حريتها بنفسها وأعلنت استقلالها ثم استمرت بعد ذلك فى صراعات حتى استقلت تماماً ولكن الفلسطينيين لا يريدون تحديد حدود لدولتهم وينتظرون أن يقوم الآخرون بمنحهم هذا الحق الذى لن يأتى به أحد لهم.
■ ولكن إعلان دولة يحتاج إلى اعتراف دولى به كما أن إسرائيل يمكن أن تصدر منها ردود أفعال غير مسبوقة فى تلك الحالة؟
- ماذا يمكن أن يصدر من إسرائيل أكثر مما فعلت وتفعل كل يوم وبالنسبة للاعتراف بفلسطين هل لن تعترف الدول العربية بها على الأقل وكذلك دول عدم الانحياز ودول أمريكا الجنوبية وغيرها هذا الأمر ممكن ولكن المشكلة أن القادة اكتفوا بالحديث والمفاوضات ولم يقوموا بالفعل.
■ أعلم أنك قد تطوعت للاشتراك فى حرب 1956 فهل لذلك علاقة لتبنيك ملف التحقيق فى قتل الأسرى المصريين فى هذه الحرب؟
- «بعد تردد».. الحقيقة أنا لا أحب الكلام كثيراً عن نفسى ولكن عندما كنت طالباً فى كلية الحقوق فى فرنسا لاحت بوادر حرب 56 وكنت طالباً فى السنة الثانية وشعرت أننى أريد التطوع للحرب ضد هذا العدوان الوشيك فعدت من فرنسا وذهبت لزوج خالتى الفريق عبد المنعم رياض رحمه الله الذى رفض ولكننى حاولت مع جهات أخرى حتى استطعت بالفعل التطوع وشاركت فى الحرب وكنت فى الوحدة التى تلقت أكثر الضربات كثافة من القوات البريطانية ومات منها 56 شخصاً واستمر على قيد الحياة 14 شخصاً فقط..
هذه الحرب تركت فى أثراً نفسياً كبيراً لما حملته من أحداث ولكننى الحقيقة كنت قد درست تلك الحرب جيداً ولا أنسى ما شاهدته فيها طيلة حياتى، وبعد حرب 1967 سمعنا أن إسرائيل قتلت مدنيين وأسرى حرب وقررت آنذاك البدء فى عملية تقصى للحقائق فى هذا الأمر واخترت حرب 56 لأننى كنت قد درستها جيداً بالإضافة إلى تأثرى الشخصى بها والحقيقة أننى استمررت فى هذا البحث لأكثر من 20 عاماً وتحديداً حتى أوائل التسعينيات حتى توصلت إلى أن إسرائيل قتلت 41 أسيراً مصرياً فى ممر متلا و39 من عمال التراحيل على مسافة 6 كيلومترات من الممر وتحققت من أن هذه الوحدة كانت وحدة خاصة من المظلات الإسرائيلية تحت قيادة شارون
والضابط المسؤول عنها كان نقيباً واسمه بيرو ويسكن فى تل أبيب واستطعت أن أجعل صحفياً فى جريدة هاآرتس يسجل معه وقال له إن شريف بسيونى يتهمك بأنك فعلت كذا كذا والرجل اعترف وأقر بما فعل ونشرت هاآرتس صفحة كاملة عن ال 41 أسيراً الذين تم ربطهم من أيديهم وراء ظهورهم ووضعوا وجوههم فى الأرض وقاموا بقتلهم بالرشاشات والحقيقة أننى تقدمت بهذه المعلومات لكل الجهات ولم يتحرك أحد.
■ وما السبب فى رأيك لعدم الاهتمام؟
- الحقيقة أن عمرو موسى تحمس وأخذنى وذهبنا للرئيس مبارك الذى طالب بالتحرك وطلب من رابين التحقيق فى هذا الموضوع ولكن رابين طالبه بعدم فتح هذا الملف لأننا لو قمنا بذلك فيفتحون لنا ملفات تقول أننا قتلنا لهم أسرى فى عام 1973 كما طلب من كلينتون الضغط على مصر حتى لا تفتح ملف الأسرى والذى حدث بعد ذلك تم تحويل الموضوع لقضايا الدولة للتحرى عنه وترك المواطنين يقومون هم بتقديم شكاوى وخلصت الحكاية عند هذا الحد.
■ ما رأيك فى الموقف المصرى بشأن ما يحدث فى غزة ومحاولات بعض الدول العربية إظهارها فى مظهر المدافع عن إسرائيل؟
- الحقيقة أن مصر كلما حاولت أن تساعد فى حل هذه المشكلة تبدو للأسف وكأنها تقف فى صف إسرائيل وللأسف إسرائيل تحاول أن تعطى هذا الانطباع للعالم رغم أنه غير حقيقى.
■ وماذا عن رأيك فيما قاله حسن نصر الله من أن هناك مصريين يريدون تحويله للمحكمة الجنائية الدولية؟
- «مبتسماً».. أمر جيد أنه سمع عن المحكمة ولكن كان لابد أن يقرأ أولاً عنها قبل أن يقول ذلك حتى يعرف شروط التحويل إليها.
■ وماذا عن لجنة تقصى الحقائق التى يعتزم مجلس حقوق الإنسان الدولى التابع للأمم المتحدة إنشاءها؟ وهل هى ملزمة لإسرائيل؟
- هذه اللجنة تختلف عن لجنة مجلس الأمن وبالمناسبة يهمنى هنا أن أشير إلى أن قرار مجلس الأمن الذى صدر الأسبوع الماضى كان بناء على البند السادس وهو غير ملزم لأى من الطرفين ولا قيمة له ولكننى هنا وبالنسبة للجنة مجلس حقوق الإنسان أحب أن أؤكد أننا لو عملنا على مساعدة تلك اللجنة على الوصول إلى أدلة وبراهين على أن ما حدث كان جرائم حرب «أو جرائم ضد الإنسانية فإن هذا سيكون له تأثير كبير على دفع الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى التصرف بطريقة مختلفة وكما أعلم فأنه قد تم اختيار رئيس اللجنة من نيجيريا وهو لم يحدد أعضاء لجنته بعد ولذا علينا أن نسعى لتقديم جميع المساعدات التى يتم تقديمها حتى يمكن أن يخرج بتقرير حقيقى ومؤثر.
■ أخيراً كيف تفسر لنا السهولة التى تمت بها المطالبة بالقبض على عمر البشير إلى المحكمة الجنائية للتحقيق معه واستحالة طلب قادة إسرائيل للتحقيق معهم؟
- هناك جرائم ضد الإنسانية ارتكبت فى دارفور والحقيقة أن رئيس لجنة تقصى الحقائق طلب أكثر من مرة أن يدخل السودان للتحقيق وانتظر 3 سنوات والبشير يرفض فقام بالتقصى والتحقيق من الخارج وتوصل إلى شواهد تؤكد أن النظام الحاكم السودانى لعب دوراً فى تلك الجرائم لأن هناك مناطق ضربت بالطائرات ولا يمكن أن يكون قد تم ذلك دون معرفة البشير
وكان من الممكن أن يقوم عمر البشير بإجراء محاكمات فى داخل السودان للتحقيق فى هذه الاتهامات ومعاقبة المتهمين فيها وعند ذلك لم يكن أحد يستطيع الاقتراب منه ولكنه ركب دماغه كما نقول بالبلدى والنتيجة أنه سيظل حبيساً فى السودان وممنوعاً من دخول البلاد ال 108 الموقعة على المحكمة الجنائية وحتى فى الدول الأخرى يمكن القبض عليه مثلما حدث مع كاراديتش الصربى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.