بعد أيام من المفاوضات الدبلوماسية الشاقة بين المجموعة العربية والدول الغربية، تبنى مجلس الأمن الدولى أمس، بأغلبية 14 صوتا، وامتناع أمريكا، مشروع قرار، حمل الرقم 1860، يدعو إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لوقف «فورى ودائم وملزم» لإطلاق النار فى قطاع غزة، ويطالب الأولى بالانسحاب الكامل من القطاع، وفى حين عللت الولاياتالمتحدة امتناعها عن التصويت بانتظارها نتائج جهود الوساطة المصرية، قالت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس إنها تؤيد مضمون القرار، وعلى الفور، عقدت الحكومة الإسرائيلية اجتماعا استثنائيا قررت على إثره استمرار العمليات ورفض القرار، الذى رفضته أيضا حركتا «حماس» والجهاد الإسلامى،فى وقت عكف فيه «الكونجرس» الأمريكى على تعويض إسرائيل بعدد من القرارات التى تعترف لها ب «الحق غير القابل للتصرف» فى الدفاع عن أمنها. ودعا مجلس الأمن فى قراره – ذى الصيغة المتحفظة - إلى هدنة فورية، تمهد إلى إنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية التى مضى عليها الآن 13 يوما، وشدد على الحاجة الملحة ل«هدنة دائمة»، ترافقها إجراءات لمنع تهريب السلاح، وإعادة فتح المعابر، وتوزيع المعونات «بلا عوائق». وجاءت الموافقة على مشروع القرار البريطانى المعدل – عربيا – بعدما كانت الدول الغربية تسعى إلى إصدار بيان رئاسى «غير ملزم»، لكن الوزراء العرب رفضوا ذلك بوصفه «غير كاف»، ونجحوا فى إقناع وفود بريطانيا والولاياتالمتحدة وفرنسا بقبول صياغة جديدة. وأعرب وزير الخارجية أحمد أبو الغيط فى كلمته أمام المجلس عن ارتياح مصر «لنجاح المجلس أخيرا.. فى اتخاذ هذا القرار»، متعهدا ببذل أقصى جهد من أجل استعادة الهدوء وتركيز الجهود على مسار السلام. ورحب القرار بالمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وبجميع الجهود الإقليمية الأخرى، ووصف وزير الخارجية السعودى، سعود الفيصل موافقة المجلس بأنها «حدث تاريخي»، بينما اعتبر نظيره البريطانى ديفيد ميليباند أن ما حدث هو «إجماع حقيقى على قرار قوى». وعلى الفور، عقدت الحكومة الأمنية الإسرائيلية اجتماعا استثنائيا للرد على القرار 1860، ولبحث نتائج زيارة المستشار عاموس جلعاد إلى القاهرة، وقال رئيس الوزراء إيهود أولمرت إن إسرائيل لا يمكنها وقف إطلاق النار فى ظل استمرار الصواريخ، وكانت مصادر قد صرحت قبل الاجتماع بأن الوزراء سيقررون ما إذا كانوا سيمتثلون له أم الانتقال إلى المرحلة الثالثة من «الرصاص المتدفق»، لحين تحقيق الأهداف المحددة لها، معتبرة أن «وقف العملية سيمكن حماس من مواصلة التزود بالوسائل القتالية»، على حد قولها. وبينما أكدت وزيرة الخارجية تسيبى ليفنى – قبل الاجتماع - أن «إسرائيل تتحرك فقط وفقا لمصالحها المتعلقة بالدفاع عن سكانها»، أدان نائب رئيس الوزراء إيلى يشاى القرار، معتبرا أنه «يحول العالم إلى لوبى للمنظمات الإرهابية». من جانبه، قال سامى أبو زهرى، المتحدث باسم «حماس»، إن القرار لا يفرض على الحركة أى التزامات لأنها لم تكن جزءا من المشاورات، وأضاف أن «حماس» تقيم موقفها وفق التطورات على الأرض، كما أكد أسامة حمدان، ممثل «حماس» فى لبنان، أن الحركة «غير معنية بالقرار»، الأمر الذى انتقده عبد الله عبد الله، النائب البرلمانى عن حركة التحرير الفلسطينى (فتح)، بالرد عليه «إننا غير معنيين بقرار حماس، وإنما معنيون بوقف الدم النازف فى قطاع غزة». بدورها، اعتبرت سرايا القدس، الجناح العسكرى لحركة الجهاد، أن القرار لم يلب طموحات الشعب الفلسطينى،وأنه «ساوى بين الجلاد والضحية»، لأنه كان من المفترض فيه أن «يدين العدوان الإسرائيلي»، فى حين أعلن نائب الأمين العام زياد النخالة أن الحركة توافق على القرار شرط التزام إسرائيل به، كما اعتبر الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبو مازن) أن القرار «خطوة مهمة لكن الأهم التطبيق». وبينما كان المجلس يصدر قراره فى نيويورك، عكف أعضاء الكونجرس فى واشنطن على إعداد قرارات تدعم إسرائيل وتعترف لها ب «الحق غير القابل للتصرف» فى الدفاع عن نفسها أمام هجمات الصواريخ الفلسطينية، وطرح النواب مشروعى قرار، من المتوقع أن تتم المصادقة عليهما «بشكل واسع»، وعبر زعيم الأغلبية هارى ريد فى هذا الصدد عن «التزام لا يتزعزع برفاهية إسرائيل».