لم يتخذ الرئيس الأمريكى المنتخب باراك أوباما موقفا محددا حيال الغارات الإسرائيلية على غزة، رغم إدراكه التام هو وفريقه أن ذلك العدوان سدد ضربة قوية لآماله فى التوصل إلى صفقة سلام بالشرق الأوسط فى وقت مبكر من رئاسته. وكل ما فعله الرئيس أوباما هو إجراء اتصال هاتفى السبت الماضى بوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس استغرق ثمانى دقائق، وتباحث مع مستشاريه خلال عطلته الحالية التى يقضيها فى هاواى بشأن تداعيات التصعيد الإسرائيلى فى غزة. ووضع التصعيد الإسرائيلى أوباما ووزيرة الخارجية فى إدارته هيلارى كلينتون أمام أول أزمة غير متوقعة فى سياسته الخارجية، والتى تأتى فى توقيت بالغ الحرج، وسط ملفات شائكة تنتظره، أبرزها العراق، وأفغانستان، وباكستان، وإيران، وكوريا الشمالية، وروسيا. ولكن كيف سيتعامل الرئيس أوباما مع الأزمة؟ وكيف يمكنه الدفاع عن حليفته إسرائيل فى هذا الوضع تحديدا؟ وهل هو مستعد لتأزيم علاقاته بحلفائه الأوروبيين المتعاطفين مع القضية الفلسطينية؟. أوباما سيجد دوره فى هذه الأزمة معقدا، بسبب نفوذ اللوبى اليهودى المنحاز لإسرائيل داخل الولاياتالمتحدة، وفى نفس الوقت قد يتعارض مع موقفها والموقف الأوروبى المتعاطف مع الأزمة الفلسطينية. وقد حددت بريطانيا موقفها بدعوتها إلى وقف فورى للعنف فى غزة، حيث اتصل رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون تليفونيا بنظيره الإسرائيلى إيهود أولمرت وطالبه باحترام حقوق الإنسان، وذلك فى الوقت الذى حملت فيه إدارة الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته جورج بوش حماس مسؤولية عملية الرصاص المتدفق. وخلال زيارة إلى واشنطن هذا الشهر، حصل تونى بلير، المبعوث البريطانى للشرق الأوسط، على تعهد من أوباما بأن العمل على ضمان السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيكون من أولوياته القصوى. والعنف الذى اندلع السبت الماضى لم يؤد فقط الى تعقيد تلك الآمال ولكنه يهدد سياسة أوباما الخارجية فى العالم العربى بأكمله، حيث إن أى انحياز واضح لإسرائيل سيؤدى إلى تدمير سريع للمصداقية التى يتمتع بها. وبخلاف الرئيس بوش الذى تجمد اهتمام إدارته بالقضية الفلسطينية فى فترات كثيرة، والرئيس الأسبق بيل كلينتون الذى حاول الوصول إلى صفقة سلام أواخر فترة ولايته، تعهد أوباما ببذل جهود دفع عملية السلام منذ اليوم الأول لتوليه المنصب، وهو ما يضفى أعباء إضافية عليه. وخلال حملته الانتخابية حرص أوباما على إبداء دعمه لإسرائيل، ففى يوليو الماضى زار مستوطنة سيدروت، التى تستهدفها باستمرار صواريخ المقاومة التى تنطلق من غزة، كما أعلن تأييده يهودية الدولة الإسرائيلية، ورفض حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ذلك الدعم الواضح لسياسات إسرائيل يحذر من تعليق آمال كبيرة على الإدارة الأمريكية المقبلة.