الأقلام مهما كتبت، فهى لن تعطى رجلاً مثل أحمد شفيق حقه، عن الإنجاز الذى حققه على أرض مطار القاهرة.. فالحدث الذى رأيته ورآه غيرى داخل مبنى الركاب رقم 3 لمطار القاهرة الدولى.. شىء لا يصدقه عقل.. أوروبا على أرض مصر.. أنظمة متطورة.. تكنولوجيا عالمية، وتقنيات فنية لم نتعود على رؤيتها فى القاهرة. تمنيت أن تكون مصر كلها معى فى هذه الليلة، لتشهد الإنجاز الذى تحقق على أرضها.. ورغم أن عدد المدعوين تجاوز الثلاثة آلاف فإن المكان كان يكفى لاستقبال غيرهم، خليط من البشر.. وزراء مع شخصيات عامة بزوجاتهم.. صحفيون وإذاعيون.. شبان وشابات.. كلهم كانوا يتنقلون ويتجولون داخل المبنى.. ولأول مرة أرى رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف يترجل على قدميه فى خطوات قصيرة بلا حراسة.. وبلا زفة حكومية، كان سعيداً وهو يتجول داخل المبنى مع ضيوف أحمد شفيق رغم أنه كان مرافقًا للرئيس مبارك يوم الافتتاح، ولكن هذه الليلة استجاب لدعوة وزير الطيران وحضرت معه زوجته لتشهد هذا الإنجاز العظيم، والتقى رئيس الوزراء وجهاً لوجه، والرجل فى أدب جم يحيينى، وشعرت بالخجل فتركت مكانى وأسرعت إليه أبادله التحية رغم أننى لم أتعود أن أندفع إلى موكب مسؤول.. لكن أدب الرجل والنورانية، التى تغطى وجهه شدتنى إليه.. وكعادته كان مبتسماً.. الفرحة تطل من عينيه.. فقد كان سعيداً بهذا الإنجاز.. أكيد فى داخله كلام كثير بعد هذا العمل العملاق.. وأكيد أنه كان يحدث نفسه، وهو يقول: «إن هذا العمل يصحح وجه الحكومة لدى رجل الشارع المصرى لأنه إضافة إلى مصر».. والرجل على حق فى أحاسيسه.. لأن من يرى هذا العمل يرى الأمل المشرق لمصر. قلت للدكتور نظيف: جميل جدًا أن يجد أحمد شفيق فرصته لإظهار موهبته وعبقريته بهذا الإنجاز.. ونتمنى أن يمتد إلى بقية مطارات مصر. قال لى الدكتور نظيف: بإذن الله سترى مطار برج العرب صورة لن تقل روعة عن هذا العمل العظيم. قلت لرئيس الحكومة.. ليس غريباً على أحمد شفيق.. المهم أن تطلقوا يده وتعطوه الدعم. وتركته يستكمل جولته وأنا أودعه فى ترحاب.. كان يشاركه فى الجولة الصديق ابن الأصول سامى سعد زغلول، أمين عام مجلس الوزراء، وعلى محرز، رئيس المراسم والطيار توفيق عاصى، رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران.. بينما كان الفريق أحمد شفيق وشريكة رحلته السيدة الفاضلة حرمه فى استقبال الضيوف.. الحفل لم يأخذ شكلاً رسمياً.. وأجمل ما فيه أنه تجرد من البروتوكول.. فرئيس الحكومة يتجول بحرية وتلقائية ودون ترتيب.. وأحمد شفيق يتنقل بين ضيوفه وهم يتسابقون على عناقه. الشىء الذى أسعدنى أن أسمع تعليقاً من المدعوين، وهم يصفون المبنى الجديد رقم 3 بأنه مطار دولى آخر، وليس جزءاً مكملاً لأبنية مطار القاهرة، لأن الأجهزة والمعدات والإمكانيات تكفى لكى تكون مطارًا لأى بلد أوروبى.. فما بالكم بوجودها الآن على أرض مصر لتخدم حركة الطيران والسفر لترفع من طاقته الاستيعابية إلى 20 مليون راكب سنوياً. الإنجاز الذى حققه أحمد شفيق أعطى للبنك الدولى ثقة فينا، حتى أصبح البنك هو الذى يسعى إلى مصر ويعرض مشروعاته واستعداده لتمويلها بلا ضمانات.. وهذه دلالة على أن مصر تحقق المصداقية فى مشروعاتها العملاقة.. ويكفى أن واحدًا مثل أحمد شفيق حقق رؤية قائده فى صناعة المطارات.. فقد كان الرئيس مبارك بوصفه طيارًا يحلم بأن يرى مصر على خريطة المطارات العالمية بمطار عالمى يصبح عنواناً لنا فى الخارج.. ونجح شفيق فى أن يحقق للرئيس حلمه.. وأصبحنا الآن على الخريطة.. ومهما قلت أو وصفت الإنجاز الذى حدث، لا أستطيع لأن الرؤية على الطبيعة شىء آخر.. وهنا يأتى سؤال.. من الذى يكافئ شفيق على هذا الإنجاز. إن الوسام الشعبى ل «شفيق» لا يكفى.. فماذا لو أطلقنا اسمه على الطريق الذى حفره فى بطن الجبل بطول 12 كيلو، وأصبح يربط القاهرة بجنوبها وبالطريق الدائرى.. فالقادم إلى المطار من الهرم أو المعادى.. أو الجيزة أو الوجه البحرى يستطيع أن يركب الطريق الجديد دون أن يدخل قلب البلد أو شارع العروبة.. وأن نطلق اسم «شفيق» على هذا الطريق فهو أقل تكريم.. فكم من المصريين مثله أعطوا لمصر، ومع ذلك لم نطلق أسماءهم على شوارعها، فى حين أننا أطلقنا اسم واحد من رجال ثورة يوليو على طريق أصبح معروفاً باسم «طريق صلاح سالم».. ومن يقرأ سيرته الذاتية لا يجد له أعمالاً تاريخية سوى أنه كان من الضباط الأحرار، وسيرته حسب رواية الإنترنت تحمل نقطة ضعف فى تاريخه يوم أن نصح الرئيس جمال عبدالناصر بتسليم نفسه للسفير البريطانى فى أعقاب العدوان الثلاثى على مصر.. ولم يستسلم عبدالناصر.. وتصدى للعدوان ومع ذلك كرمنا «صلاح سالم» بطريق يحمل اسمه دون أن تكون له بصمة على صدر مصر. ألا يستحق شفيق بعد هذا الإنجاز.. أن نكرمه ونكرم معه أصحاب الإنجازات العملاقة بإطلاق أسمائهم على طرق وشوارع وهم أحياء. [email protected]