■ انتهى موعد التهدئة ورفضت فصائل المقاومة الفلسطينية عرض تجديدها من جانبها لمدة 6 أشهر أخرى، فهى ليست مع تجديد اتفاق التهدئة، فالمصلحة المبتغاة منها لم تتحقق على الأرض، ولا حتى الحد الأدنى منها، والفلسطينيون فى حالة ترقب وحذر من القادم بعد انتهاء العمل بها، رغم أنها كانت عنوان الأمل بالنسبة لهم لإشاعة جو من الاستقرار والأمن والتقاط الأنفاس وفك الحصار وتنسم هواء الحرية. فبعد الاجتماعات التى عقدتها الفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة والخارج لتقويم التهدئة والتزام إسرائيل بها خرجت بانطباعات سلبية، وأكدت أن الاتفاق لن يجدد بشكل تلقائى ما لم يكن هناك التزام إسرائيلى حقيقى بكل شروطها. إسرائيل بدورها تدرس الخيارات المتوقعة بعد انتهاء التهدئة وسارعت بإرسال مبعوث لها إلى القاهرة لبحث فرص التجديد، وفى الوقت ذاته بعثت بإشارات تحذيرية إلى حماس من مغبة العواقب فيما لو تم تغيير قواعد اللعبة، وأقرت الحكومة الإسرائيلية فى جلستها الأخيرة تنفيذ حملة من العمليات العسكرية المحدودة فى عمق قطاع غزة تتضمن عمليات كوماندوز وعمليات توغل تقوم بها ألوية المدرعات جنوب وشمال القطاع، وطالب عدد من الوزراء الإسرائيليين بإحداث تغيير فى استراتيجية الرد والمصادقة على قصف المواقع التى يعتقد أنها مصادر إطلاق صواريخ. وتأتى هذه المطالبات وسط دعوات متزايدة من وزراء إسرائيليين بتكثيف الرد الإسرائيلى فى الوقت الذى أعلن فيه عن انتهاء التهدئة ولم يتم الموافقة على تجديدها حتى الآن. ويبدو أن إسرائيل مقتنعة بأن ثمة احتمالا قويا بعدم التجديد ويعكس ذلك ما تمارسه القيادة العسكرية على الأرض، فقد أصدر وزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك تعليماته للجيش بالاستعداد لاحتمال استئناف التصعيد العسكرى فى القطاع. وفى الأسابيع الأخيرة، كان باراك يدرس مقترحات مختلفة فى شأن تصعيد الرد على القصف الفلسطينى على جنوب إسرائيل إذ تحاول إسرائيل إجراء تغيير جوهرى فى الاستراتيجية التى تتبعها والتى تقضى بالسماح للجيش الإسرائيلى بإطلاق النار على مصادر إطلاق القذائف، وفرض عقوبات على حكومة غزة. لقد رفضت الفصائل الفلسطينية العرض الذى قدمه الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر بتجديد التهدئة من جانب واحد لمدة 6 أشهر أخرى، مبررين ذلك بأن التهدئة الأولى التى تم التوصل إليها برعاية مصرية لم تلتزم بها إسرائيل وخرقتها 200 مرة، كما أنه لم يحدث أى تغيير إيجابى فى حياة الناس، وتحديداً من الناحية الاقتصادية، حيث واصلت إسرائيل رفض دخول المواد الأساسية، واستمر إغلاق المعابر والحصار، وازدادت معدلات البطالة والفقر وتفشت الأمراض الخطيرة، ومات العديد من المواطنين بسبب نقص الأدوية، فما الفائدة إذن من تجديد التهدئة؟ حتى الآن تبد الصورة غير واضحة فيما إذا كان سيتم التمديد رغم الرفض المعلن والتوافق عليه من قبل الفصائل الفلسطينية أم ستعود الأمور إلى ما قبل الستة أشهر الماضية بما تحمله من استعدادات فلسطينية لمواجهة مقبلة مع إسرائيل وتشكيل جبهة مقاومة موحدة كى تستطيع القوى صد أى اعتداء أو هجوم يشنه الاحتلال على الشعب الفلسطينى، وربما تشهد الأيام المقبلة اعتداءات وتصعيداً فى بعض العمليات الإسرائيلية خصوصاً فى عمليات الاغتيال ضد قادة المقاومة الفلسطينية. لقد بات من المؤكد الإجماع الفلسطينى على رفض التمديد للتهدئة لكن يبقى هناك احتمال عنصر المفاجأة فى اللحظة الأخيرة للتمديد، إلا أن هذا التمديد بالتأكيد لن يكون مجانياً، بل سيكون على أساس النقاط التى تم الاتفاق عليها مسبقاً، وربما ستعمل حركة حماس وفصائل المقاومة على رفع سقف مطالبها والمرتبطة أصلاً بضخ الحياة من جديد فى عروق الحياة الفلسطينية التى جمدها الحصار والفقر والجوع، وفتح المعابر وهى الشريان الوحيد للتنفس بالنسبة للمواطنين، حينها ربما يكون هناك وقفة لصياغة تهدئة حقيقية يكون عنوانها «التهدئة من أجل الاستقرار والحرية».