طالب عدد من الناشطين المصريين المقيمين فى الولاياتالمتحدة، الكونجرس الأمريكى ب«تجميد أرصدة كبار المسؤولين المصريين والحكومة المصرية الموجودة فى البنوك الأمريكية»، لحين إقامة حكومة ديمقراطية - على حد قولهم - تسعى لإعادة هذه الأموال «المنهوبة» إلى المصريين. واتهموا الحكومة، خلال ندوة استضافت فيها لجنة حقوق الإنسان فى الكونجرس منظمة «أصوات مصر الديمقراطية»، بارتكاب ما اعتبروه «جرائم انتهاك لحقوق الإنسان». وأوضحت الناشطة دينا جرجس، المدير التنفيذى لمنظمة «أصوات مصر» أن الندوة - التى عقدت الخميس الماضى فى مبنى «رايبورن» الذى يضم مكاتب أعضاء الكونجرس ومعقل صناعة القرار الأمريكى - ضمت مجموعة من أهم الناشطين المصريين والأمريكيين، مشيرة إلى أن المشاركين تحدثوا بشكل واضح عن «تردى» مستوى حقوق الإنسان فى مصر، خاصة فى العامين الأخيرين بسبب قانون الطوارئ، والذى اعتبرته «مفروضاً على مصر لحماية حكم مبارك منذ توليه السلطة وحتى الآن». وأكدت أن ضحايا النظام المصرى كثيرون وآخرهم - على حد قولها - شباب 6 أبريل وعمال المحلة، وكل دعاة التغيير السلمى، على رأسهم الدكتور سعد الدين إبراهيم. وقالت دينا - فى اتصال هاتفى مع «المصرى اليوم»- «لقد حرصنا على دعوة السفارة المصرية لحضور الندوة، إلا أن ممثل السفارة لم يعلق على أى شىء، وظل يكتب ما يقوله الحضور والمتحدثون المصريون والأمريكيون، خاصة بعد أن طالب البعض بضرورة وجود آليات جديدة للضغط على النظام المصرى بعضها يتعلق بالمعونة الأمريكية». وفى كلمته بالندوة، أشار الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس منظمة «أصوات مصر الديمقراطية»، إلى سلبيات السياسة الأمريكية خلال السنوات الثمانى الماضية، وكيف أدت إلى «تدهور أحوال مصر والشرق الأوسط». وقال: «لقد انخدعت إدارة الرئيس بوش بسياسة مبارك، وظنت أنه خصم لدود للتطرف الدينى والحركات الإرهابية وأنه يعمل من أجل السلام مع إسرائيل، وهذا كله زعم خاطئ»، موضحاً أن مبارك «يستخدم الإخوان المسلمين»، كحجة لبقائه فى السلطة وأنه فى عصره «زادت الجماعات الدينية»، كما ازدادت ضربات مبارك - حسبما وصف - للعناصر الحية الإصلاحية تلبية لمطالب المتطرفين. وتوقف إبراهيم عند معاناة أيمن نور، رئيس حزب الغد الأسبق فى سجنه، معتبراً أن الرئيس مصر على الانتقام من نور بسبب «جرأته على الترشيح أمامه ومنافسته». فى سياق متصل، ناقش الناشط الأمريكى نيل هيكس، رئيس منظمة «حقوق الإنسان أولا» فى نيويورك، ولارى دايموند الأستاذ بمعهد هوفر، الخبير فى العلوم السياسية، مؤسس جريدة «الديمقراطية»، إمكانية حدوث تحول ديمقراطى فى مصر، والدور الأمريكى المأمول للضغط على الحكومة من أجل الإصلاح، واتفقا على ضرورة ربط المعونة الأمريكية المقدمة لمصر بحصول تقدم فى قضايا حقوق الإنسان والإصلاح السياسى. واقترح دايموند - الذى عمل مستشاراً لوزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس فى قضايا الديمقراطية - أن يتم التلويح باستخدام طرق جديدة للضغط على الحكومة المصرية، منها تجميد الأرصدة البنكية لها فى الخارج. وحول هذا الإجراء وإمكانية تفعيله، علق السفير عبدالرؤوف الريدى، رئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، سفير مصر السابق فى واشنطن، بأنه «لا يجوز» لأحد أن يصادر أموال مصر فى الخارج، لأنها ليست ملكاً للحكومة أو النظام، كما أنه من غير المنطقى أن يطالب مصريون بمثل هذا الطلب. وقال الريدى ل«المصرى اليوم»: إن ما يقوله النشطاء المصريون فى الخارج هو مجرد فرقعة واستهلاك إعلامى للضغط على الرأى العام، وأمريكا ليست دولة (هبلة) لتقوم بالحجز على أموال مصر ومحاكمة نظامها، لأن هذا النظام رغم كل التجاوزات والانتهاكات التى نتلقى شكاوى عنها، لا يرقى بأى حال إلى تلك التى ارتكبها البشير فى السودان». وربط الريدى بين ترقب وصول الإدارة الأمريكيةالجديدة والنشاط الزائد غير المعتاد من الناشطين فى الخارج كمحاولة لاستمالتهم و«جس النبض» تجاه قضايا بعينها. وأكد الدكتور عبدالمنعم المشاط، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن المطالبة بتجميد أرصدة أى دولة بالخارج «غير منطقية» وغير جائزة، لأنه لا يحدث إلا بشروط، أهمها أن تكون تلك الدولة متهمة بالإرهاب أو باحتمال الدخول فى حرب مع دولة أخرى، وهو ما لا ينطبق على مصر، كما أن الوسيلة الوحيدة التى تستخدمها أمريكا للضغط على مصر لتعديل سياستها خاصة فى مجال حقوق الإنسان هى تخفيض المعونة كما تم العام الماضى، ولكنها لم تكن بنسبة كبيرة تؤثر على حجم المعونة ككل. وأضاف المشاط: «فى ضوء العلاقات الجيدة بين مصر والولاياتالمتحدة، أرى أن هذا القرار غير المنطقى مستبعد تماماً، ولكن ما يحدث فى مثل تلك الندوات ما هو إلا شوشرة للضغط على الحكومة المصرية ولكن بمطالب غير منطقية».