تميز الرئيس الأمريكى جورج بوش «بذكاء انتقائى مفرط» بدليل أنه فهمها «وهى طايرة» وأتحدث عن فردة حذاء الصحفى العراقى منتظر الزيدى التى قذف بها بوش فما كان من الرئيس الأمريكى «الذكى» إلا أن التقط «بعبقرية مفرطة» مقاس حذاء الزيدى - لكن بوش «اندهش» من إقدام منتظر على رشقه بحذائه فردة بعد أخرى وأضاف - لا فض فوه - أن الشاب الغاضب لا يعبر عن بقية الشعب العراقى الذى «ينعم بالحرية والديمقراطية» التى جلبها بوش بدباباته وطائراته وقاذفاته وقنابله الذكية المشعة والغبية المميتة؟؟ وفى نفس اللحظات التى أعقبت «الواقعة» انفجر بركان الغضب العربى خاصة والدولى عامة من بوش وسياساته ببث عملية رشقه بالحذاء وكأنها «أعذب» ما يطلبه المشاهدون وأشدها طرباً.. وباستثناء بعض الأصوات «العاقلة» التى رأت فى فعلة منتظر الزيدى تصرفاً «همجياً» لاسيما ما تحدث منها باعتبار أن بوش «ضيف» على العراق وكأنه استأذن قبل وصوله المفاجئ متلصصاً بليل إلى بغداد، حيث أغرقه رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى والرئيس العراقى جلال الطلبانى فى بحر من الثناء والعرفان «بالجميل» الذى هو وصولهم إلى كراسى حكم «بالوكالة» عن سلطات الاحتلال وهو ما كرره حامد كرزاى رئيس افغانستان لتشابه الظروف.. فالعقلاء المتحضرون لم يتوقفوا أمام نحو مليون عراقى أبادهم بوش ولا ملايين الأرامل واليتامى والمهجرين الذين دمرتهم حرب بوش على العراق وكأنهم يطلبون من الضحية احترام «حقوق» ضيافة اللص، الذى يهاجم منزلها.. وفى زمن ديمقراطية نيران الأسلحة التى اعترف بوش بأنه «آسف» لكونها اندفعت بناء على «معلومات مخابراتية أمريكية» كاذبة فإن الرئيس الأمريكى لم يفهم من حذاء منتظر الزيدى سوى أن مقاسه رقم 10 بالمعايير الأمريكية« ولأن هذا البوش يتمتع بصفاقة منقطعة النظير لا يضاهيها إلا غباؤه أو قل خداعه فإنه لم يأخذ فى اعتباره «أحذية اليوم التالى» والتى أكدت بما لا يقبل أدنى شك أن منتظر عبر بصدق عظيم عن «انتظار» ملايين العرب والمسلمين وغيرهم لتلك اللحظات الفاصلة التى أوجز فيها أحد أبناء هذه الأمة ما يجيش فى الصدور المحروقة من دولة انتهكت أبسط حقوق الإنسان وكأنها لا تعترف بانتمائنا لفصيلة الجنس البشرى.. بوش لا يفهم دوافع منتظر.. فماذا حدث له.. فقد بعضاً من أهله بأيدى قوات التحرير الأمريكية وعملائها المحليين الذين يعلق بقاؤهم فى مراكز السلب والنهب والقهر ببقاء هذه القوات أو بعملائها من قوات التهمت ثروات العراق الجريح من شاكلة «بلاك ووتر» سيئة السمعة.. إن ما تلا واقعة الزيدى يتطلب وقفة من جميع المحللين والسياسيين والنخب وبحث مظاهر الفرحة التى عبرت عنها جموع الشعب العربى والمظاهرات التى اندلعت، خاصة فى العراق، تضيف كل «أرصدتها من الأحذية» إلى حذاء منتظر الذى تحمل فى بسالة وحشية الديمقراطية الوليدة على مسمع ومرأى من جميع وسائل الإعلام وكانت آهات الألم التى أطلقها ودمه الطاهر الذى سال بأيدى زبانية ديمقراطية بوش، توجع القلب ولكنها أكدت أن هذا العربى المثخن بالجراح كان يعرف، لأنه تحديداً يعبر عن كل الشعب العراقى والعربى، أن تكنولوجيا أمريكا المتفوقة أخفقت فى التنبؤ بما بعد اليوم التالى لحذائه، فقد أعطى إشارة البدء لانطلاق أحذيتنا فى وجه كل من يستحقها!