«يعنى إيه صك؟.. هو لسه فيه حاجة تتباع فى البلد؟.. ممكن أمتلك وزارة أعمل فيها؟.. الموضوع ده فى مكسب كويس؟».. أسئلة عديدة طرحها مواطنون بمجرد معرفتهم بخبر وقف برنامج الخصخصة، واتجاه الحكومة إلى عرض أصول الدولة بنظام «صكوك الملكية العامة»، بحيث يمتلك كل مواطن بلغ 21 سنة صكا خاصا به. ولم يخل الأمر من تعليقات ساخرة أحيانا، ومغلفة بالحسرة والحيرة أحيانا أخرى، فقال أحدهم: «البلد اتباعت من زمان.. والحكومة لم تترك للشعب شيئاً حتى يشتريه»، وقال آخر: «ستباع المصالح الحكومية فى النهاية برغبة الشعب لمن يدفع أكثر، حتى إذا كان لإسرائيل»، إلا أن حلم الثراء ظل يراود جميع من قابلتهم «المصرى اليوم» فى جولتها لرصد ردود أفعال المواطنين حول «صكوك الملكية العامة». لم تعلم فى البداية سيدة جلال، موظفة فى إحدى الوزارات، معنى كلمة «صك» وقالت: «أصول إيه اللى هيملكوها لنا.. ما كان من الأول قبل ما يبيعوا البلد كلها». وتابعت: «لم يعد لدينا سوى الأهرامات والنيل، لأن مفيش حد عارف يسرقهم لحد دلوقتى، وعلشان كده أنا أشك فى مصداقية القانون ده، ومش ممكن تنفيذه، ولو حصل هتكون عصمته فى إيد الحكومة ومش هيغير حاجة». وتساءل محمد منير عبدالله، موظف بوزارة التضامن، عن كيفية تملك الصك فى المصالح الحكومية، وقال: «كيف سأتملك صكاً فى المصالح العامة، وأنا لا أمتلك مكاناً للمبيت فيه مع بناتى الأربع، فأنا أعيش فى منزل مكون من حجرة وصالة بالإيجار الجديد، وسيطردنى صاحب البيت أنا وبناتى بعد 4 شهور، فهل امتلاكى لهذا الصك سيمكننى من اصطحاب بناتى للمبيت بهن فى المصلحة الحكومية التى سأمتلك بها السهم؟». ناديه محمد، ربة منزل، قالت: «كان ينبغى أن تسعى الدولة لتوفير وسيلة تحسن بها مستوى المواطنون بشكل فعال وفورى، كتوظيفها لأبنائنا العاطلين، كما أننا علمنا أن ذلك سيؤثر على دعم الدولة للمواصلات والمستشفيات والتعليم وغيرها من الخدمات التى تصل إلينا مدعومة من الحكومة». وأضافت: «سمعت أن كل مواطن سيحصل على 2000 جنيه من الحكومة ولكن هل هذا المبلغ سيكون شهرياً أم سنوياً»؟ وقال جمال عبدالغنى، مدرس لغة عربية: «هل من المتوقع خسارة هذه المصالح الحكومية بعد أن تبيعها الدولة لنا ونمتلكها، وتجلس الحكومة فى مقاعد المتفرجين، وبعين الشماتة تطلب منا حل مشاكلنا التى عجزت هى عن حلها، وهذا ما نراه الآن فى البورصة المصرية التى تنهار يوما بعد يوم ولا أحد يعرف السبب؟». وارتسمت علامات الدهشة على وجه عباس دسوقى صالح، حارس عقار، عندما سمع عن القانون الجديد لإدارة أصول الدولة وقال: «اللى ها يجرى على الناس ها يجرى عليا، وأى حاجة هتوزعها الدولة علينا إحنا أولى بيها، وفى انتظارها بفارغ الصبر فأنا أسكن وأولادى ال7 بغرفة تحت السلم منذ أكثر من 10 سنوات، و أعمل حارس عقار بأحد منازل وسط البلد، وأعيش على صدقات من السكان، واللى عاوز أفهمه، هل لو امتلكت صك هيبقى عندى فلوس كتير؟». فيما أشار إبراهيم فخرى، 22 عاما، مرشد سياحى، إلى خوفه من تحكم «الرأسمالية وذوى النفوذ فى مصالح البلد»، لأن «كل من معه أكثر سيشترى أسهماً أكثر، ويتحكم فى باقى الشعب أكثر وأكثر، وهذا ما سيحدث نوعاً من الفوضى فى مصر خاصة أن النسبة العليا من الشعب تحت خط الفقر، وخارج حسابات الدولة ومن غير المستفيدين بالصفقة» - كما قال إبراهيم. وقالت دعاء حسنى 20عاما، طالبة بجامعة القاهرة: «أنا سعيدة بهذا التشريع، وأتمنى أن يجد الموافقة فى مجلس الشعب لأنه سيقضى على الفساد والسرقة فى المصالح الحكومية، لأننا إذا امتلكنا الدولة لن نسرقها علشان مفيش حد بيسرق بلده» - على حد تعبيرها. وتوقعت نانسى منير، طالبة بمعهد اللاسلكى، فشل التجربة فى حالة امتلاك الشعب أصول الدولة وقالت: «مفيش حد هيمشى البلد زى الحكومة.. واللى نعرفه احسن من اللى مانعرفوش، ده غير إن الحكومة أدرى بأمور المصالح وإدارتها، ولذلك سيكون الفشل هو المصير المحتوم لتطبيق هذا القانون». فى حين اعتبر عادل شعلان، 23 عاما، بكالوريوس تجارة، أن الهدف من القانون هو «بيع البلد إلى أى جهة تدفع أكثر حتى لو كانت إسرائيل»، وقال: «المواطن المصرى الغلبان الذى لا يستطيع أن ينفق على أسرته بعد أن يحصل على هذا الصك سيبيعه لمن يدفع أكثر حتى إذا كان عدوه، وهناك من يترصدنا لشراء البلد حتى ولو كلفهم ذلك مليارات». واتفق معه جمال محمود، بائع فاكهة، وقال: «أنا لا أعرف ماذا سأفعل بهذا الصك؟، وكيف أطالب به؟، وكيف سأعرف أننى كسبت أو خسرت؟، كل هذه أمور تدور فى عقلى ولا أعرف لها إجابة، كما أننى أجهل القراءة والكتابة، ومن السهل أن أقع فى الخطأ مثلى فى ذلك مثل باقى البائعين فى السوق».