ودعت الثقافة المصرية والعربية واحداً من أهم الناشرين فى نصف القرن الأخير الحاج محمد مدبولى صاحب مكتبة مدبولى، وتجمع موظفو مكتبته إلى جوار أبنائه فى مسجد السيدة نفيسة لصلاة الجنازة على جثمانه بعد ظهر أمس، فيما غاب أغلب الكتاب والمثقفين، الذين تصدرت مؤلفاتهم أرفف مكتبة مدبولى فى مختلف مجالات الأدب والسياسة والثقافة. ونعى الكاتب والأديب يوسف القعيد الراحل، وقال إنه ظل يعانى من المرض سنة كاملة، وكان يرفض بشدة أن يعلم رواد مكتبته أو أصدقاؤه بمرضه، وأضاف القعيد، أن الحاج مدبولى كان حالة ثقافية فريدة، استوعب فروع العلوم المختلفة، وحافظ على بساطته المعهودة، وكان مخلصاً لتجربة جمال عبدالناصر، والقضية العربية، وتصادم مع السلطة فى الثمانينيات حين رفض بيع الصحف الإسرائيلية فى كشك الجرائد الذى بدأ حياته فيه مع والده. وتعلم من «فرشته البسيطة لبيع الجرائد» اهتمامات القراء وميولهم الثقافية. وقال الكاتب محمود قاسم إن الحاج مدبولى كان عمود النشر لعشرات الكتاب، ولا يمكن تصور حركة النشر الأدبى منذ الستينيات لولا إسهامات مدبولى، الذى تمتع بصدق وإخلاص شديدين لمهنة النشر فى أحلك الظروف. وبكى عبدالمنعم الحفنى الأديب والمترجم الكبير الفقيد بشدة، وقال إن فضله على أجيال القراء المصريين والعرب يتجاوز قيمة النشر إلى التأثير فى وجدان القارئ، وأنه كان يثرى الثقافة بما يقارب 200 عنوان لكتب جديدة سنوياً، وهو ما لم تفعله أى دار نشر حكومية معنية بالثقافة وآدابها.
