رئيس الوزراء: استثمارات الصحة والتعليم "الأكبر والأهم".. وحريص على الاستماع للمواطنين    رئيس مجلس الشيوخ: المجلس سينعقد بتشكيله الحالي استكمالًا لأعمال الفصل التشريعي الأول    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    رئيس الوزراء يفتتح المحور المروري الجديد لمدخل شبين الكوم    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    إطلاق اسم وزير الخارجية على محور مروري جديد بأسيوط    أخبار الإمارات اليوم الثلاثاء.. محمد بن زايد وألبانيز يبحثان تعزيز الشراكة الاقتصادية والتنموية    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    إصابة 3 أشخاص إثر انفجار في مطعم وسط مدينة ليون الفرنسية    بث مباشر لمباراة بايرن ميونيخ وبافوس اليوم في دوري أبطال أوروبا    تأجيل محاكمة 71 متهمًا بخلية التجمع لجلسة 24 نوفمبر    السيطرة على حريق سيارة "ميكروباص" في سموحة بالإسكندرية    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    قضايا إنسانية ورسائل مجتمعية في عرض "زائر الثانية عشر" بمهرجان مسرح الهواة    بدر محمد يروي تجربته مع فيلم "ضي"    محافظ الدقهلية يتفقد مركز اللجان الطبية التخصصية بسندوب    لأول مرة.. تشغيل جهاز قياس وظائف التنفس بعيادة السلام بمدينة بني سويف    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    اليوم.. النطق بالحكم في دعوى تعويض مليون جنيه ضد الفنان أحمد صلاح حسني    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    خاص فيديو | علاء عرفة: زينة عبد الباقي مخرجة مجتهدة وطلعت مني حاجات جديدة    «أكاديمية الفنون» تعلن إطلاق مسابقة لكتابة النصوص لمسرح العرائس    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    محافظ الغربية في جولة مفاجئة بقرى قطور: صحة المواطن أولوية ولا تهاون في الخدمات    الفيلم الوثائقي "الحرب والناس".. قريبًا على قناة "الوثائقية"    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    موعد مباراة الشارقة الإماراتي والسد القطري في دوري أبطال آسيا للنخبة والقنوات الناقلة    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    وزير الخارجية يلتقي الشباب المشاركين في برنامج زمالة "شفيق جبر" من مصر والولايات المتحدة    سعر طن الأرز الأبيض والشعير اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر فى المنيا    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    1.2 مليون جنيهًا تكلفة إحلال وتجديد شبكة المياه في 5 قرى ببني سويف    الجمسي.. فيلم يوثق سيرة مهندس النصر في حرب أكتوبر    تشافي يرد على عرض اتحاد جدة السعودي    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    محافظ قنا يكرم أبطال الجمهورية في كرة القدم واللياقة البدنية والفائزين ببرامج الموهوبين    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    "القاهرة بقى لونها أحمر".. ريمونتادا الأهلى أمام الزمالك حديث الصحف العربية    الرئيس السيسى يستقبل الأمير "رحيم" رئيس شبكة الآغا خان للتنمية ويهنئه بمنصبه ويشيد بإسهامات والده فى دعم التنمية وحفظ التراث الإسلامى.. الرئيس: حياة كريمة و100 مليون صحة تجسد رؤية مصر 2030 للاستثمار فى الإنسان    أرقام عماد النحاس فى دور المدير الفنى المؤقت للنادى الأهلى للمرة الثانية هذا العام    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    استمرار تدفق المساعدات إلى غزة وسط تحديات ميدانية ووعود بإعادة الإعمار    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    «لاعب مختلف.. ومبيلعبش عندهم!».. شيكابالا يتغنى بنجم الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيم نأتلف.. وفيم نختلف؟ (1 3)
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 12 - 2008

لا يزال الكثيرون يعتبروننى شخصية «جدلية» وهؤلاء الذين عجزوا عن تحديد موقعى بالضبط، لأن الناس فى مصر ألفوا «الخندقة»، فهناك «إسلاميون»، وهناك «شيوعيون»، وهناك «علمانيون»...إلخ، وكل فريق يرفع لواء، ويلتزم باتجاهات وشعارات معينة، ولا يمكن «تسكينى» فى أى خندق من هذه الخنادق.
ففى الإسلاميين من يرون أننى أسوأ عدو للإسلام، وأنى اعمل لهدمه، وسيكون مصيرى الدرك الأسفل من الجحيم يوم القيامة، وإن كان فى الإسلاميين قلة ترى أنى مجدد شجاع، وإن همى الحقيقى استنقاذ الإسلام من قبضة الشيوخ والسلفيين والمنتفعين.
أما خنادق اليسار، فيرى بعضها ما يراه المسلمون المتشددون، لأننى انتقدت بقوة سياسة الاتحاد السوفيتى ورأيت فى لينين العدو رقم واحد للحرية، وأنى لم اقنع بكبتها فى الاتحاد السوفيتى وتأسيس أكبر جهاز مخابرات أطلق عليه «درع الثورة»، بل أيضًا أردت تبرير ذلك بأسباب موضوعية.
وحتى التروتسكيون الذين يعادون خط ستالين يجدون أنى انهال على تروتسكى لأنه أراد عسكرة الحركة النقابية، ولأنه مؤلف «دفاعًا عن الإرهاب» الذى ذهب فيه إلى أن الإنسان كسول بطبيعته، ولابد من استخدام العنف لدفعه للعمل طبقاً لما تقتضيه الخطة، مما يجعل العمل نوعًا من السخرة.
بصفة عامة، فإن خنادق اليسار بأطيافها المختلفة قد تتقبلنى دون حماس، لحملتى الشعواء على جمود وتصلب وحكر المؤسسة الدينية، ولكنها تضيق بى مع ذلك، لأنى لا انطلق من الإسلام كما ينطلق المستشرقون الذين يدعون الحياد، و«الشك» ولكنى انطلق من منطلق الإيمان بالإسلام والحرص عليه، وإبعاد الغشاوات والخرافات عنه، واقاوم الذين يكيدون للإسلام، فأكون فى النهاية «إسلامى».
وقد قال الجميع آراءهم عنى خلال تعليقات «النت» أو المداخلات فى اللقاءات التليفزيونية، وآن لى أن أوضح الأسباب التى جعلتنى اقف حيث أنا واختلف عن «الخنادق» وأصحابها حتى يخلص الجميع من حيرتهم، ويفهموا «سرى» .
فأنا اؤمن بحرية الفكر والاعتقاد والتعبير، وارفض وضع أى قيد عليها، وارفض أى حجة يضعونها لتبرير ذلك من حرص على «الثوابت» أو حماية «النظام العام والقانون»، أو الخوف من البلبلة،
كل هذا ارفضه بقوة، وارى أن الموقف من الآراء المخالفة يكون الرد عليها كلمة بكلمة، حجة بحجة، برهانا ببرهان، ولا يجوز ألبتة وضع وصاية على الفكر أو مصادرة كتاب أو جريدة أو محاكمة كاتب أو مؤلف،
وهذا الإيمان بحرية الفكر والاعتقاد والتعبير دون قيد استند فيه على القرآن الكريم «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» (الكهف: 29)، «لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ» (البقرة: 256)، «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ» (الغاشية: 22)، «أفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» (يونس: 99)، «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» (الكافرون: 6)، كما اقيمه على أساس تجربة البشرية فى التعامل مع الفكر من سقراط حتى الآن، وأنه يجب أن يقوم على أساس الحرية.
وهذا الموقف هو ما يجعل «الخنادق» تضيق بى، لأنها فى الحقيقة لا تؤمن بالحرية الفكرية المطلقة، ولا بحرية الآخر، ولكن تؤمن بحريتها.
ولكنى اسلك فى مجال العمل والعلاقات ما بين الناس مسلكاً آخر يستبعد فيه الحرية، لأن المجال ليس مجال الفكر، ولكن العمل، وفى مجال العمل يكون العدل هو الفيصل، وهو القانون، فلا يجوز لصاحب مصنع أن يقول إنه حر فيما يضعه من أجور وساعات وعمل، وأن العمال أحرار أيضًا فى أن يعملوا عنده أو يرفضوا، ولا من حق الزوج أن يتحكم فى زوجته، ولا من حق الحاكم أن يستبد بالمحكومين، ففى هذه المجالات يكون العدل وليس الحرية هو الأساس.
وهذا الموقف يغضب الرأسماليين الذين يؤمنون بحرية العمل، ويشيدون بإنجازاته العظيمة التى توصل إليها عندما فتحت أوروبا له كل الإمكانيات، فجعلها تحقق المعجزات التى كانت قبلاً وقفاً على الأنبياء، وماذا يعنيه بساط سليمان الذى ظن أنه لن يدرك بالنسبة لما تملكه شركة بوينج من طائرات تشق عنان السماء، بل تجاوز الأرض إلى القمر وغيره. كما ترفض حكم العدل أيضًا فالديمقراطية هى فى الحقيقة الوجه السياسى للرأسمالية،
ومع أن هذا الموقف يرضى الاشتراكية، إلا أن ممارسة الاشتراكيين على طريقة لينين والاتحاد السوفيتى - مرفوضة، لأنها ضحت بالعدالة على مذبح السياسة وضرورات الدولة، وهكذا نرى أن الاشتراكيين والرأسماليين يقفون موقف المعارضة منى.
                                      ***
أنا اؤمن بالعقل، وارى صلاحيته للنظر فى كل شيء باستثناء أمر واحد هو ذات الله وطبيعته التى يعجز العقل البشرى عن اكتنائه، لأن الله تعالى هو خالق هذا الكون بأسره بمجراته التى لا تمثل الأرض بكل ما عليها، إلا رملة فى صحراء، أو قطرة من بحر، فأين يذهب العقل البشرى؟!
باستثناء طبيعة الله وذاته، وما بعد الموت من غيب، فإن العقل يجب أن ينظر فى كل شيء، وأول شىء هو قدرته على التحسين والتقبيح الفعليين، وأن العقل قبل الشرع قادر على التمييز، وأنا اتفق مع المعتزلة فى هذا،
ولكنى اختلف معهم عندما يلزمون الله تعالى بالعدل، فهذا وإن كان أمرًا سبقهم الله تعالى إليه عندما نص أنه لا يظلم أحدًا مثقال ذرة، فإن محاولتهم هذه تصور تطلعًا يفترض ألا يقحموا أنفسهم فيه، ولأن هذا التطلع له دلالته السيئة التى ظهرت فى أنهم لم يستطيعوا أن يلزموا الحاكم- الخليفة المأمون- بالعدل، ولا أن يلزموه بالحرية فى مجال الاعتقاد، فلا يجلد إمامًا جليلاً مثل الإمام أحمد بن حنبل لاختلاف الرأى والفكر،
ويدل هذا على أنهم لم يلتزموا فى مجال العمل بما كان يجب الوقوف عنده فى حين أنهم فى مجال الفكر تطلعوا وجاوزوا الإطار الذى يجب أن يقفوا عنده، وفى هذه الحالة ارى أننى فى حرصى على الحقيقة الكاملة خسرت الأشعرية، ولم اكسب المعتزلة، وهى حالة نموذجية تصور أن التمسك بالحقيقة كل الحقيقة يمكن أن يخسر صاحبها الجميع، مع حين أنه لو قنع ببعض الحقيقة لظفر بتأييد البعض.
                                  ***
ولى رأى فى القضية الشائعة قضية الحكم فى الإسلام فارى أن الإسلام دعوة هداية، وأنه ليس فى حاجة لإقامة دولة، لأن الهداية لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة التى تكسب المؤمنين طواعية وإيماناً، وقد كان هذا هو طريق الأنبياء، وبه كسبوا المؤمنين،
وماذا عسى الدولة أن تفعله لكسب المؤمنين أو لتعميق الإيمان ؟ فالدولة تصول بسيف المعز وذهبه، وهما لا يصلحان فى مجال الهداية، بل يفسدان،
وقد كنت اظن منذ عشر سنوات إمكان إقامة دولة إسلامية بضمانات محددة ومشددة، ولكن دراستى لهذه القضية انتهت بى إلى استحالة إقامة دولة إسلامية أو مسيحية أو حتى اشتراكية، لأن جهاز العمل فى الدولة هو الحكومة وجهاز الحكومة هو «السلطة» والسلطة تفسد القيم التى هى روح الأديان،
وهكذا فإذا أقيمت دولة على أساس دينى، فإن السلطة ستفسد القيم الدينية وستكون النتيجة استغلال الدين لأهداف الحكام، وهذه النهاية هى النتيجة العملية لكل محاولات إقامة دولة دينية، ففى الإسلام تحولت الخلافة إلى ملك عضوض، وحولت السلطة المسيحية من ديانة المحبة إلى محكمة تفتيش،
 وحتى فى الاشتراكية التى مثلت العدالة للعمال وجعلهم ذلك يؤمنون بها ويقيمون دولة اشتراكية، فإنها كانت وبالاً على العمال، وكان وضع العمال فى الاتحاد السوفيتى أسوأ من وضع العمال فى الولايات المتحدة.
ونتيجة لهذا آمنت باستحالة إقامة دولة إسلامية ووضع كتابه الكبير «الإسلام دين وأمة.. وليس ديناً ودولة».
وبالطبع فإن هذا كان لطمة عنيفة لكل آمال الإسلاميين الذين علقوا مستقبلهم على إقامة دولة، وجعلوا شعارهم «الإسلام دين ودولة»، ولكنى فى هذه الحالة ظفرت بتصفيق «العلمانيين»، خاصة بعد عدم ترحيبى بالمادة الثانية من الدستور التى تنص على أن مبادئ الشريعة هى مصدر التشريع، أو حتى بالمادة التقليدية القديمة «الإسلام دين الدولة»، واقترحت بدلها صيغة «دين هذه الدولة خدمة شعبها».
ولكن تصفيق العلمانية لم يستمر، فقد اتضح أن فكرتى عن العلمانية تخالف فكرة العلمانيين الأقحاح، فقد تقبلت العلمانية، وأن العلمانية فى أوروبا كانت موجهة ضد الكنيسة الكاثوليكية، وليست ضد الديانة المسيحية، لأن الكنيسة الكاثوليكية جاوزت كل الحدود فهيمنت على الفكر واضطهدت المفكرين وحكمت على بعضهم بالمحرقة، وسيطرت على الحكام، واستغلت ثقة الشعب فأخذت تبيع صكوك الغفران، فكانت ثورة مارتن لوثر على الكنيسة، كما حددت الثورة الفرنسية دور الكنيسة فى التعميد والزواج...إلخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.