خبير صحراوي: لا تأثير سلبي لمنخفض القطارة على المياه الجوفية    الشيوخ يحيل عددا من تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة لتنفيذ ما ورد بها من توصيات    ارتفاع صادرات مصر الزراعية إلى 5.2 مليون طن خلال 6 أشهر    تداول 12 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و635 شاحنة بموانيء البحر الأحمر    أستاذ عمارة: مشروع منخفض القطارة الأخضر سيعتمد على مدن ذكية من الجيل الخامس    الشباب والرياضة بالأقصر تستهدف 3890 مستفيد ب 45 نشاطًا    ملخص عقد التأسيس والنظام الداخلى للجمعية التعاونية الخدمية «ونس»    مصر تعرب عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة في إيران    الكونجرس يتهم ترامب «بخرق الدستور» بعد هجومه على إيران    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    موعد مباراة يوفنتوس ضد الوداد البيضاوي في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    ألونسو: فينيسيوس يملك كرة مختلفة.. وهذا موقف مبابي    جوارديولا: التواجد في كأس العالم للأندية شرف.. ورودري لن يبدأ أمام العين    ضبط سائق ميكروباص تعدى على سيدة واستولى على هاتفها    ب«35 جنيها للمادة».. بدء تظلمات الشهادة الإعدادية 2025 في المنيا اليوم    طقس اليوم.. حار نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 36 درجة    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    ضبط 3 طلاب تسلقوا طائرة هيكلية بالشرقية    وزير الثقافة يستقبل السير مجدي يعقوب قبيل احتفالية تكريمه والإعلان عن تفاصيل تمثال "طبيب القلوب"    مع التقدم في العمر.. 5 نصائح ضرورية للتخلص من آلام الركبة    عبد الحفيظ: الأهلي كان ممكن يرجع ب13 مليون دولار.. لا يليق أن نودع مونديال الأندية في المركز 27    مياه الشرب بالقليوبية: انقطاع المياه 9 ساعات عن 4 قرى لإجراء أعمال ربط خطوط الصرف الصحي بمحطة عرب شركس    مصرع تاجر مخدرات وضبط آخرين لحيازتهم مواد ب50 مليون جنيه في أسوان    «حياة كريمة»: قدمنا خدمات ل45 مليون مواطن على مستوى المحافظات    معلمي الأول| أحمد عزمي يكشف كواليس علاقته بالراحل أشرف عبد الغفور    د.عبدالراضي رضوان يكتب : ل نحيا بالوعي "15" .. التساؤلات العشر حول ناكر الجميل    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    بدون تكييف.. حيل ذكية لاستخدام المروحة لتبريد منزلك بكفاءة في الصيف    محافظ أسيوط يبحث آليات دعم المنظومة الصحية وتحسين مستوى الخدمات الطبية    هيئة الرقابة النووية: مصر بعيدة عن أي تأثير لضرب المنشآت النووية الإيرانية    وزير الإسكان: تخصيص قطع أراضي لمن تم توفيق أوضاعهم بقرعتين بالعبور الجديدة    صور.. المركز الكاثوليكي المصري للسينما يكرم صناع مسلسل "لام شمسية"    مسؤول بالبيت الأبيض: ترامب قال إن قصف إيران هو الشىء الصحيح الذي ينبغي فعله    تداول حل امتحان اللغة العربية للثانوية العامة 2025 في جروبات الغش.. والتعليم تحقق    إرهاصات أولى لحرب عالمية ثالثة.. محللة سياسية تكشف: الحرب مع إيران لم تكن مفاجئة    شوبير يكشف موقف الأهلي من عودة محمد شريف    الأهلي يرد على رسالة عبد القادر وُيبلغ زميله بالرحيل.. شوبير يكشف    «الرعاية الصحية»: إطلاق برنامج «عيشها بصحة» لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    منهم أحمد عز.. 5 نجوم في بلاتوهات التصوير    الفن فى وسط الحطام: غزة تطلق أول مهرجان دولى لسينما المرأة    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    هل يجوز إعطاء زكاة المال للأبناء؟.. أمين الفتوى يوضح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    "الصحفيين" تطالب باجتماع عاجل مع "الأعلى للإعلام"    بصحبة زوجته..إمام عاشور يغادر بعثة الاهلي في أمريكا ويعود إلى القاهرة    السيطرة على حريق داخل جامعة عين شمس    كريم سرور: أول معالجة لفيلم "في عز الضهر" كانت 2018 ولم أتوقع موافقة مينا مسعود    ثانوية عامة 2025.. أولياء الأمور يرافقون الطلاب لدعمهم أمام لجان الدقي    أبرزهم زيزو.. محسن صالح منتقدًا ثلاثي الأهلي: «ليس لهم عنوان في القلعة الحمراء»    ترامب عن مهلة الأسبوعين لإيران: الوقت وحده هو الذي سيخبرنا    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    مدرب يوفنتوس يحذر من قوة الوداد ويؤكد: المفاجآت واردة بمونديال الأندية    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    ترامب: موقع فوردو النووى انتهى تماما    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيم نأتلف.. وفيم نختلف؟ (1 3)
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 12 - 2008

لا يزال الكثيرون يعتبروننى شخصية «جدلية» وهؤلاء الذين عجزوا عن تحديد موقعى بالضبط، لأن الناس فى مصر ألفوا «الخندقة»، فهناك «إسلاميون»، وهناك «شيوعيون»، وهناك «علمانيون»...إلخ، وكل فريق يرفع لواء، ويلتزم باتجاهات وشعارات معينة، ولا يمكن «تسكينى» فى أى خندق من هذه الخنادق.
ففى الإسلاميين من يرون أننى أسوأ عدو للإسلام، وأنى اعمل لهدمه، وسيكون مصيرى الدرك الأسفل من الجحيم يوم القيامة، وإن كان فى الإسلاميين قلة ترى أنى مجدد شجاع، وإن همى الحقيقى استنقاذ الإسلام من قبضة الشيوخ والسلفيين والمنتفعين.
أما خنادق اليسار، فيرى بعضها ما يراه المسلمون المتشددون، لأننى انتقدت بقوة سياسة الاتحاد السوفيتى ورأيت فى لينين العدو رقم واحد للحرية، وأنى لم اقنع بكبتها فى الاتحاد السوفيتى وتأسيس أكبر جهاز مخابرات أطلق عليه «درع الثورة»، بل أيضًا أردت تبرير ذلك بأسباب موضوعية.
وحتى التروتسكيون الذين يعادون خط ستالين يجدون أنى انهال على تروتسكى لأنه أراد عسكرة الحركة النقابية، ولأنه مؤلف «دفاعًا عن الإرهاب» الذى ذهب فيه إلى أن الإنسان كسول بطبيعته، ولابد من استخدام العنف لدفعه للعمل طبقاً لما تقتضيه الخطة، مما يجعل العمل نوعًا من السخرة.
بصفة عامة، فإن خنادق اليسار بأطيافها المختلفة قد تتقبلنى دون حماس، لحملتى الشعواء على جمود وتصلب وحكر المؤسسة الدينية، ولكنها تضيق بى مع ذلك، لأنى لا انطلق من الإسلام كما ينطلق المستشرقون الذين يدعون الحياد، و«الشك» ولكنى انطلق من منطلق الإيمان بالإسلام والحرص عليه، وإبعاد الغشاوات والخرافات عنه، واقاوم الذين يكيدون للإسلام، فأكون فى النهاية «إسلامى».
وقد قال الجميع آراءهم عنى خلال تعليقات «النت» أو المداخلات فى اللقاءات التليفزيونية، وآن لى أن أوضح الأسباب التى جعلتنى اقف حيث أنا واختلف عن «الخنادق» وأصحابها حتى يخلص الجميع من حيرتهم، ويفهموا «سرى» .
فأنا اؤمن بحرية الفكر والاعتقاد والتعبير، وارفض وضع أى قيد عليها، وارفض أى حجة يضعونها لتبرير ذلك من حرص على «الثوابت» أو حماية «النظام العام والقانون»، أو الخوف من البلبلة،
كل هذا ارفضه بقوة، وارى أن الموقف من الآراء المخالفة يكون الرد عليها كلمة بكلمة، حجة بحجة، برهانا ببرهان، ولا يجوز ألبتة وضع وصاية على الفكر أو مصادرة كتاب أو جريدة أو محاكمة كاتب أو مؤلف،
وهذا الإيمان بحرية الفكر والاعتقاد والتعبير دون قيد استند فيه على القرآن الكريم «فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» (الكهف: 29)، «لا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ» (البقرة: 256)، «لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ» (الغاشية: 22)، «أفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» (يونس: 99)، «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ» (الكافرون: 6)، كما اقيمه على أساس تجربة البشرية فى التعامل مع الفكر من سقراط حتى الآن، وأنه يجب أن يقوم على أساس الحرية.
وهذا الموقف هو ما يجعل «الخنادق» تضيق بى، لأنها فى الحقيقة لا تؤمن بالحرية الفكرية المطلقة، ولا بحرية الآخر، ولكن تؤمن بحريتها.
ولكنى اسلك فى مجال العمل والعلاقات ما بين الناس مسلكاً آخر يستبعد فيه الحرية، لأن المجال ليس مجال الفكر، ولكن العمل، وفى مجال العمل يكون العدل هو الفيصل، وهو القانون، فلا يجوز لصاحب مصنع أن يقول إنه حر فيما يضعه من أجور وساعات وعمل، وأن العمال أحرار أيضًا فى أن يعملوا عنده أو يرفضوا، ولا من حق الزوج أن يتحكم فى زوجته، ولا من حق الحاكم أن يستبد بالمحكومين، ففى هذه المجالات يكون العدل وليس الحرية هو الأساس.
وهذا الموقف يغضب الرأسماليين الذين يؤمنون بحرية العمل، ويشيدون بإنجازاته العظيمة التى توصل إليها عندما فتحت أوروبا له كل الإمكانيات، فجعلها تحقق المعجزات التى كانت قبلاً وقفاً على الأنبياء، وماذا يعنيه بساط سليمان الذى ظن أنه لن يدرك بالنسبة لما تملكه شركة بوينج من طائرات تشق عنان السماء، بل تجاوز الأرض إلى القمر وغيره. كما ترفض حكم العدل أيضًا فالديمقراطية هى فى الحقيقة الوجه السياسى للرأسمالية،
ومع أن هذا الموقف يرضى الاشتراكية، إلا أن ممارسة الاشتراكيين على طريقة لينين والاتحاد السوفيتى - مرفوضة، لأنها ضحت بالعدالة على مذبح السياسة وضرورات الدولة، وهكذا نرى أن الاشتراكيين والرأسماليين يقفون موقف المعارضة منى.
                                      ***
أنا اؤمن بالعقل، وارى صلاحيته للنظر فى كل شيء باستثناء أمر واحد هو ذات الله وطبيعته التى يعجز العقل البشرى عن اكتنائه، لأن الله تعالى هو خالق هذا الكون بأسره بمجراته التى لا تمثل الأرض بكل ما عليها، إلا رملة فى صحراء، أو قطرة من بحر، فأين يذهب العقل البشرى؟!
باستثناء طبيعة الله وذاته، وما بعد الموت من غيب، فإن العقل يجب أن ينظر فى كل شيء، وأول شىء هو قدرته على التحسين والتقبيح الفعليين، وأن العقل قبل الشرع قادر على التمييز، وأنا اتفق مع المعتزلة فى هذا،
ولكنى اختلف معهم عندما يلزمون الله تعالى بالعدل، فهذا وإن كان أمرًا سبقهم الله تعالى إليه عندما نص أنه لا يظلم أحدًا مثقال ذرة، فإن محاولتهم هذه تصور تطلعًا يفترض ألا يقحموا أنفسهم فيه، ولأن هذا التطلع له دلالته السيئة التى ظهرت فى أنهم لم يستطيعوا أن يلزموا الحاكم- الخليفة المأمون- بالعدل، ولا أن يلزموه بالحرية فى مجال الاعتقاد، فلا يجلد إمامًا جليلاً مثل الإمام أحمد بن حنبل لاختلاف الرأى والفكر،
ويدل هذا على أنهم لم يلتزموا فى مجال العمل بما كان يجب الوقوف عنده فى حين أنهم فى مجال الفكر تطلعوا وجاوزوا الإطار الذى يجب أن يقفوا عنده، وفى هذه الحالة ارى أننى فى حرصى على الحقيقة الكاملة خسرت الأشعرية، ولم اكسب المعتزلة، وهى حالة نموذجية تصور أن التمسك بالحقيقة كل الحقيقة يمكن أن يخسر صاحبها الجميع، مع حين أنه لو قنع ببعض الحقيقة لظفر بتأييد البعض.
                                  ***
ولى رأى فى القضية الشائعة قضية الحكم فى الإسلام فارى أن الإسلام دعوة هداية، وأنه ليس فى حاجة لإقامة دولة، لأن الهداية لا تكون إلا بالحكمة والموعظة الحسنة التى تكسب المؤمنين طواعية وإيماناً، وقد كان هذا هو طريق الأنبياء، وبه كسبوا المؤمنين،
وماذا عسى الدولة أن تفعله لكسب المؤمنين أو لتعميق الإيمان ؟ فالدولة تصول بسيف المعز وذهبه، وهما لا يصلحان فى مجال الهداية، بل يفسدان،
وقد كنت اظن منذ عشر سنوات إمكان إقامة دولة إسلامية بضمانات محددة ومشددة، ولكن دراستى لهذه القضية انتهت بى إلى استحالة إقامة دولة إسلامية أو مسيحية أو حتى اشتراكية، لأن جهاز العمل فى الدولة هو الحكومة وجهاز الحكومة هو «السلطة» والسلطة تفسد القيم التى هى روح الأديان،
وهكذا فإذا أقيمت دولة على أساس دينى، فإن السلطة ستفسد القيم الدينية وستكون النتيجة استغلال الدين لأهداف الحكام، وهذه النهاية هى النتيجة العملية لكل محاولات إقامة دولة دينية، ففى الإسلام تحولت الخلافة إلى ملك عضوض، وحولت السلطة المسيحية من ديانة المحبة إلى محكمة تفتيش،
 وحتى فى الاشتراكية التى مثلت العدالة للعمال وجعلهم ذلك يؤمنون بها ويقيمون دولة اشتراكية، فإنها كانت وبالاً على العمال، وكان وضع العمال فى الاتحاد السوفيتى أسوأ من وضع العمال فى الولايات المتحدة.
ونتيجة لهذا آمنت باستحالة إقامة دولة إسلامية ووضع كتابه الكبير «الإسلام دين وأمة.. وليس ديناً ودولة».
وبالطبع فإن هذا كان لطمة عنيفة لكل آمال الإسلاميين الذين علقوا مستقبلهم على إقامة دولة، وجعلوا شعارهم «الإسلام دين ودولة»، ولكنى فى هذه الحالة ظفرت بتصفيق «العلمانيين»، خاصة بعد عدم ترحيبى بالمادة الثانية من الدستور التى تنص على أن مبادئ الشريعة هى مصدر التشريع، أو حتى بالمادة التقليدية القديمة «الإسلام دين الدولة»، واقترحت بدلها صيغة «دين هذه الدولة خدمة شعبها».
ولكن تصفيق العلمانية لم يستمر، فقد اتضح أن فكرتى عن العلمانية تخالف فكرة العلمانيين الأقحاح، فقد تقبلت العلمانية، وأن العلمانية فى أوروبا كانت موجهة ضد الكنيسة الكاثوليكية، وليست ضد الديانة المسيحية، لأن الكنيسة الكاثوليكية جاوزت كل الحدود فهيمنت على الفكر واضطهدت المفكرين وحكمت على بعضهم بالمحرقة، وسيطرت على الحكام، واستغلت ثقة الشعب فأخذت تبيع صكوك الغفران، فكانت ثورة مارتن لوثر على الكنيسة، كما حددت الثورة الفرنسية دور الكنيسة فى التعميد والزواج...إلخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.