كان صباح السبت قبل الماضى صباحاً غير كل صباح.. إنه بدء العام الدراسى الجديد، وعادة ما يكون هذا اليوم يوما استثنائيا فى كل البيوت المصرية، ويمتد هذا الاستثناء للشوارع ومحال الملابس والمخابز قبله بأسابيع.. إلا أن العام الدراسى سبقته هذه السنة أحداث ساخنة تنبئ بحدوث جديد قادتها الوزارة المسؤولة عن إعداد رجال مصر الذين سيحملون أمانة هذا الوطن فى المستقبل، وأعنى هنا وزارة التعليم.. أحداث قادها وزير خرج بالوزارة من الكمون الذى سادها على مدى سنوات إلى حالة من الجدل الإيجابى كان التعليم فى مصر فى حاجة إليه منذ زمن، وأعتقد يقينا أنه جاء متأخرا لسنوات شاخت فيها العملية التعليمية بمصر واكتنفها العقم الإبداعى فأفرزت أجيالا من أشباه المتعلمين المفتقدين للثقافة، والذين هم بحاجة لإعادة تأهيل كى يكونوا قوى نافعة لهذا الوطن. ولأن الشىء بالشىء يذكر، فمن يتذكر مثل هذه الأيام من العام الماضى.. يجد أن رعب أنفلونزا الخنازير كان يكتنف الجميع كبارا وصغارا، وبصرف النظر عن التضخيم الذى واكب هذه الجائحة سواء عالميا أم محليا إلا أنها أوضحت كيف أن المنظومة التعليمية فى مصر تفتقد عنصر التنسيق بين متخذ القرار والقاعدة العامة العاملة فى هذا القطاع الحيوى وهم المدرسون والإداريون وأولياء الأمور، فضلا عن سوء التنسيق بين الوزارة وباقى قطاعات الدولة المعنية بالأمر، فكان عاما دراسيا أشبه بالضائع من عمر مصر وأبنائها. وقد هم الوزير د.أحمد زكى بدر بالتغيير فى كل محاور العمل بالوزارة فى وقت واحد- وهو ما أراه أمرا عسيرا تسبب فى دخوله العديد من المتاعب والمواجهات خصوصا مع الإعلام- فإنه فى تحركه هذا لا يرجو إلا إحداث تحول جذرى فى مسار كيان حيوى أصابه الوهن والضعف وانعكس ضعفه على أجيال من أبناء مصر الذين كانوا يوما يُضرب بهم المثل فى التميز فى جميع مجالات العلم والأدب.. ولأن التعليم فى مصر يتناول قطاعا غالبا من مواطنى بلد يبلغ تعداده ما يفوق الثمانين مليونا، ويشكل من هم دون السادسة عشرة من العمر بينهم نسبة تفوق ال60%، فقد رأى الرجل أن الأمر إذاً جد خطير ويتطلب سرعة التحرك. ولأنه رجل جرىء لا يخشى لوم اللائمين فقد خاض المعركة بدءا بترتيب بيته وأعنى به ديوان الوزارة، مرشدا من حجم النفقات الإدارية والرواتب التى تستهلك قدرا غير يسير من المال رأى أن العملية التعليمية المتداعية أولى به، ثم كانت الأبنية التعليمية التى تعتبر الركن الركين فى القطاع فبدون مبنى ملائم لن يكون هناك بناء للأجيال، فكان تصويب العلاقة بين الهيئة والوزارة كى تضطلع فعلا بما هو موكل لها من مهام، ثم كانت متابعة مدى التزام السادة المدرسين بالحضور فى فترة الصيف كبروفة لعام دراسى أراده الوزير فارقا فى تاريخ التعليم فى مصر فكانت زياراته المفاجئة والجريئة للمدارس وقراراته الحاسمة واللازمة للتقويم والتى جلبت له نقدا إعلاميا ممن اعتادوا الانفعال والتصدى لأى تغيير، ثم كانت عملية تنقية المحتوى العلمى للكتاب المدرسى الحكومى واستعادة هيبته التى افتقدها على مدى أعوام. وصدقونى إن قلت لكم إن أبناءنا هم أول المنتفعين من حالة الحراك الإيجابى التى يقودها الوزير بدر.. وأدعوكم أن تصبروا قليلا على الرجل، فالتعليم يحتاج للكثير والكثير من العمل.