كما أن لكل موسم موضة، فإن لكل انتخابات أيضاً موضة، وقد دوّنت فى مفكرتى هذا الأسبوع أن موضة الانتخابات المقبلة حسبما يبدو لى ستكون بلا منازع هى الجلابية.. الجلابية بكل أشكالها. فبالرجوع إلى المفكرة وقت انتخابات الرئاسة الأخيرة وجدت أن الموضة كانت القميص وربطة العنق، ولكن دون «چاكت»، ولابد أن القراء يذكرون جيداً أن الصورة الرسمية أثناء الحملة الانتخابية المذكورة كانت على هذا النحو، كما أتصور أن القراء يعرفون بالتأكيد أن الموضة المعتمدة بين أعضاء لجنة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم هى عكس تلك الخاصة بانتخابات الرئاسة، أى «الچاكت» والقميص، ولكن دون ربطة عنق، وأن هذا الزى لا يتغير من موسم إلى موسم حتى أصبح هو الزى الموحد أو «اليونيفورم» الذى يميز أعضاء اللجنة، خاصة المقربين منهم أو الذين يريدون أن يتقربوا. ولقد بحثت فى مفكرتى عما يمكن أن أكون قد دونته من دلالات لهذا الاختلاف الواضح داخل البيت الواحد، أو الحزب الواحد بين زى الانتخابات الرئاسية والزى الموحد لأعضاء لجنة السياسات فلم أجد. وبما أننى على أبواب انتخابات برلمانية جديدة فقد لاحظت أن الاتجاه السائد حتى الآن بين أعضاء الحزب الوطنى جميعاً يسير فى اتجاه الجلابية، لذلك كان أول ما فعله وزير الاستثمار والخصخصة الدكتور محمود محيى الدين، حين تم اختياره لمنصب أحد مدراء البنك الدولى أن ارتدى الجلباب البلدى وسط الفلاحين فى دائرته. وقد علمت بقصة هذا الجلباب من أحد الأصدقاء المقربين من الوزير، وهو من أشد المؤمنين بالموضة الجديدة وبالنتائج المبهرة التى يمكن أن تحققها لكل من اتبعها، حيث قال لى إن الدكتور محيى الدين كان قد أعد هذا الجلباب للانتخابات المقبلة التى كان سيخوضها من مسقط رأس عائلته بكفر شكر، لكن اختياره للمنصب الجديد أطاح بآماله فى أن «يكوش» على الوزارة ومجلس الشعب معاً، وذهبت هباء خطة التلميع الواسعة التى استخدم فيها تليفزيون الدولة وبعض الصحف القومية طوال شهر رمضان، حيث ظهر فى معظم البرامج التى دأبت على استضافة الممثلين ولاعبى الكرة والشخصيات العامة التى ليس من بينها وزير الاستثمار والخصخصة الذى لم تكن شخصيته معروفة للجمهور العريض حتى ذلك الوقت. لكن صديق الوزير قام بطمأنته إلى أن الجهد الكبير الذى بذله فى هذه البرامج التليفزيونية والأحاديث الصحفية لم يذهب أدراج الرياح، فالتلميع مفيد فى جميع الأحوال، فرد الوزير فى أسى: ولكن تبقى عندى الجلابية.. ماذا أفعل بالجلابية؟ فنصحه الصديق بأن يأخذها معه إلى واشنطن، حيث سيحتاجها فى الحفلات التنكرية التى تقام فى أعياد الميلاد ورأس السنة وفى «الهالوين»، وذلك بعد أن تنكر فيها بنجاح كبير فى كفر شكر. وإذا كانت حملة محمود محيى الدين الانتخابية قد انتهت بالجلابية فإن حملة مرشح آخر للحزب الحاكم، وهو الوزير محمد نصر الدين علام، قد بدأت بها، فقد نشرت الصحف صورته بين فلاحى قريته «جهينة» وهو متنكر هو الآخر فى جلابية صعيدى، قال للصعايدة الذين أحاطوا به وهو جالس على كرسى مُذهب إنه كان يلعب بها الكرة الشراب. لذلك فحين سألنى أحد المرشحين فى انتخابات نادى الجزيرة التى تجرى اليوم عن نصيحتى الانتخابية، قلت بلا تفكير: عليك بالجلابية! إما البلدى منها مثل محمود محيى الدين أو الصعيدى مثل محمد نصر الدين علام، قال: ليس عندى إلا جلباب واحد للنوم أى «شميز دى نوى» اشتريته من محال «لافاييت» الشهيرة بباريس فى إحدى سفرياتى، فهل يصلح؟ قلت: ما لونه؟ قال: أبيض «روزيه»، أى مائل إلى اللون الوردى، قلت: إلبسه! نظر إلى ببعض الدهشة دون أن يتكلم، فكررت عليه: نعم إلبسه، وأؤكد لك أنك ستكون الوحيد فى نادى الجزيرة المساير للموضة الانتخابية لهذا الموسم، فبدأ يقتنع، لكنه قال: ولكن اللون! قلت: إلبسه يا رجل ولا تقلق، إن اختلاف اللون راجع فقط لاختلاف دائرتك الانتخابية عن كفر شكر منوفية وجهينة سوهاج، فالنجاح هو معروف لمن اتبع الموضة، والسلام كما هو غير معروف على من اتبع الهدى.