رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    البابا لاوُن الرابع عشر: حرية الصحافة هي خير عام لا يمكن التخلّي عنه    عاجل - إسرائيل تهاجم جنوب غربي إيران.. وانفجارات في الأهواز    وزارة الصحة الإيرانية: أكثر من 400 قتيل منذ بداية الحرب مع إسرائيل    إجلاء 256 طالبا هنديا آخرين من إيران    الصين: وصول أول رحلة تقل مواطنين صينيين من إيران    هذا اللاعب سينضم إلى باريس سان جيرمان في كأس العالم للأندية    «الهروب من العذاب»..ربة منزل تقفز من الطابق الأول بطفلتها بمركز دار السلام بسوهاج    انقلاب ميكروباص ببورسعيد وإصابة 10 أشخاص    ماجدة الرومي تطرح أغنية بلا ولا أي كلام    ضمن المسرح التوعوي.. بدء عرض "ميتافيرس" بقصر ثقافة الزقازيق الثلاثاء المقبل    استجابة لرغبة جمهوره.. حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من أغنية سيبتك    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    "100 مليون شيكل" للترميم والبناء.. "الملاجئ " تُرهق ميزانية إسرائيل وسط توترات الشرق الاوسط    وزير العمل: الوزارة توفر فرص عمل للشباب في السوق الأوروبي.. وتسعى لدمج ذوي الهمم    الأهلي يُحدد مصير مدرب بورتو البرتغالي    قلق في بايرن ميونخ بسبب إصابة موسيالا    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    مسئول نفطي روسي يشيد بخطوات أوبك بلس لتعزيز إمدادات النفط    وزير الخارجية يبحث مع مجموعة من رجال الأعمال الأتراك سبل تعزيز الاستثمارات التركية بمصر    جهود أمنية مكثفة لكشف لغز العثور على طبيب شهير مقتول ومكبل بمنزله في طنطا    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة الإسماعيلية.. خطوات الاستعلام فور ظهورها    تحرير 36 محضر إغلاق ومخالفات عدم وجود تراخيص في حملات لضبط الأسواق بأسوان    لطلاب الثانوية العامة.. ابدأ بالإجابة عن الأسئلة السهلة حرصا على وقت الاختبار    بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم السبت 21 يونيو 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية    لتأمين احتياجات الدولة.. مدبولي: 3 سفن تغويز تضخ في الشبكة القومية للغاز مع بداية يوليو المقبل    «كجوك»: فكر جديد يرتكز على التيسير لمد جسور الثقة مع المجتمع الضريبي    عمرها 17 عاما.. كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده    تامر حسني يكشف سر تعاونه مع رضا البحراوي بفيلم «ريستارت».. فيديو    أستاذ علوم سياسية: عدوان إسرائيل على إيران انتهاك صارخ للقانون الدولى    نائب محافظ أسوان يشهد ختام ورشة عمل الخطة الاستراتيجية للمحافظة 2030    جولة مفاجئة لوزير الصحة بمركز صقر قريش للاطمئنان على الخدمات وجودة الأداء    طب القاهرة تبدأ خطوات تطوير المناهج وتقليص محتواها لتقليل العبء الدراسي    تحرير 148 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    تقدم جامعة أسيوط 100 مركز في تصنيف "التايمز 2025" للتنمية المستدامة    من مصر إلى العراق.. احتفال "السيجار" يشعل الموسم الرياضي    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    سيطرة برازيلية على دور المجموعات بكأس العالم للأندية    ضبط لصوص المساكن والورش في حملات أمنية    وزارة الثقافة تحتفي بعيد وفاء النيل من خلال سلسلة من الفعاليات الفنية    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 16 فلسطينيا من الخليل    نقابة المحامين تقرر الطعن على حكم وقف جمعيتها العمومية    وزير الري يبحث "التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء" مع خبراء الجامعة الأمريكية| صور    وزارة الصحة: عيادات البعثة الطبية المصرية استقبلت 56 ألف و700 زيارة من الحجاج المصريين    مباريات اليوم.. صدام قوي لصنداونز.. ومواجهة أمريكية خالصة    المعهد القومي للأورام يطلق فعالية للتوعية بأورام الدم    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    «الكتاب الإلكتروني».. المتهم الأول في أزمة القراءة    قواعد ذهبية للحفظ والتخزين| الغذاء والصيف.. كل لقمة بحساب!    الخريطة الكاملة ل الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 بعد إجازة رأس السنة الهجرية    الشاطر ينتقد ريبيرو بعد تصرفه تجاه نجم الأهلي.. ويؤكد: حمدي ومروان زي بعض    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» تكشف وقائع نهب مدينة أثرية بالمنيا «في عز الضُّهر»
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 03 - 2013

ما إن تدخل قرية الشيخ عبادة، جنوب مركز ملوى فى المنيا، التى تحمل فوق ركامها آثار ثلاث حضارات، فرعونية ورومانية وإسلامية، حتى تصطدم قدماك بحطامها التاريخى، أو تسقط فى إحدى الحفر العميقة الناتجة عن البحث المستميت عن عملات رومانية أو تماثيل صغيرة، أو تمائم فرعونية، وربما تتعثر قدماك فى كفن من الكتان، كان يلف فى زمن قديم إحدى المومياوات، التى تم إخراجها وانتهاكها بحثاً عن الجعران الأثرى الكامن بجوار القلب.
إنها مدينة أنتينوبوليس (Antinoupolis) أو «قرية الشيخ عبادة» الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل جنوب مركز ملوى بالمنيا، نسبة إلى الصحابى «عبادة بن الصامت» الذى دخل الإسلام على يديه هذه المنطقة من صعيد مصر.
دخل الصحابى الجليل المدينة القديمة، ومر بين بقايا العمائر الرومانية الفخمة، والآثار المدفونة فى المحاجر والأديرة، التى شيدت عام 130 ميلادية على مساحة 7 كيلومترات فوق مدينة فرعونية أقدم لا تزال أسوارها الحجرية تقف شاهداً عليها حتى اليوم.
أول ما يواجهك عند دخول المدينة العتيقة، بئر «الصحابة» كما يطلق عليها المسلمون، أو بئر «السحابة» كما يطلق عليه مسيحيو المدينة، ويرجع تاريخ البئر إلى رحلة العائلة المقدسة، ليست السيدة العذراء وحدها من مرت بهذا المكان المقدس، بل إن السيدة ماريا القبطية، زوجة النبى، كانت من سكان المدينة، ومعها سيرين زوجة الصحابى حسان بن ثابت، اللتان كانتا من بين هدايا حاكم مصر، وشيد مكان بيت ماريا القبطية أو «بيت مريم» كما يطلق عليه المسلمون «مسجد عبادة» ويوجد فى المدينة بيت القديسة «ثيودورا» وهو من أهم المعالم القبطية، التى لم تمتد إليها أيادى لصوص الآثار بعد.
وبمجرد أن تتحول عن البئر، تجد نفسك أمام أول الانتهاكات، حيث ساحة الهيوبدروم، أو حلبة الخيل الرومانية، التى يماثل حجمها حجم حلبة خيل شهيرة فى روما تدعى «سيركس ماكسيموس»، وتأخذ الحلبة شكل حدوة الحصان، إلا أن أعمال التنقيب طمست معظم آثارها. أعمال التنقيب المنتشرة فى المدينة بالكامل ليست هى الانتهاك الوحيد، بل الأخطر يكمن فى المدافن الحديثة ل70 قرية مجاورة، وفشل أهلها فى توسيع مقابرهم القديمة، وسط تجاهل من المسؤولين الحكوميين، فاضطر الأهالى للبناء على بقايا أثرية تاريخية، وهو ما يقول عنه مسؤولون فى مكتب آثار ملوى، وطلبوا عدم ذكر أسمائهم: «هذا الأمر يجعل عملية نقل الرفات إلى مكان آخر مستحيلة، بحجة حرمة الموتى، خاصة فى مدينة صعيدية التقاليد».
الحفر العميقة فى كل مكان، وبقايا الفخار الملون، الذى يعود إلى العصرين الرومانى والإسلامى، وبقايا الكتان، الذى يلف أجساد الفراعنة، تنتشر فوق الأسوار وفى الساحات، وظلال لمسلحين يحفرون، ثم يختفون فجأة، بمجرد رؤيتهم غريباً من بعيد، فى مواجهة حارس وحيد ببندقية قديمة، بعد أن تقلص عدد الخفراء من 30 إلى خفير وحيد، ينتظر خروجه على المعاش، سبتمبر المقبل دون توفير بديل مدرب.
فى أعلى منطقة دير الهوى رصدت «المصرى اليوم» أشخاصاً يحفرون فى وضح النهار، وبمجرد إحساسهم باقتراب السيارة من المكان اختفوا تماماً، وكأن الجبل ابتلعهم، مخلفين وراءهم حفراً عميقة تشى بأعمال الحفائر غير الشرعية، بعد أن عثر بعض الباحثين عن الذهب الفرعونى على قطع من الزجاج الملون وأوراق البردى وعملات أثرية، الأمر الذى أعطاهم أملاً فى العثور على شىء ثمين، وسط محاولات يائسة من الحارس الوحيد، الذى يطلق أعيرة نارية فى الهواء لتفريقهم، ويبلغ الشرطة التى تأتى لمعاينة المكان، وحال انصرافها يعود الباحثون عن الذهب لمواصلة عملهم. وفى منطقتى دير الهوى ودير سمباط تظهر أطلال حجرات الرهبان، التى تسببت أعمال الحفر أسفلها فى انهيار أجزاء منها. وبعد فشل عمليات التنقيب غير الشرعية، التى تسفر عن تدمير البقايا الأثرية، تأتى مرحلة أخرى وهى زراعة الأرض بالبرسيم، بعد التخلص من الفخار الأثرى بالحرق مع قمامة المدينة، وبالقرب من محارق القمامة يوجد معبد قديم للملك رمسيس الثانى يحتفظ بمعظم أعمدته، عدا مجموعة منها تم تكسيرها دون أى محاولة لإصلاحها، وخلفها قام أحد الأهالى ببناء منزله، فى مخالفة واضحة لقانون البناء فى المناطق الأثرية، الذى يشترط البناء بعيداً عن محيط الآثار ب3 كيلومترات.
حول معبد الملك رمسيس الثانى تجفف بعض من فلاحات القرية روث البهائم لإعداد وقود يساعدهم فى الخبز بأفرانهم الطينية، ورغم هذه التجاوزات، لم تهتم نجوى محمد، مديرة المنطقة الأثرية بملوى، سوى بأمر واحد، وهو إصدار أوامر واضحة لكل موظفيها بعدم الإدلاء بأى تصريحات أو تقديم مساعدات لفريق «المصرى اليوم»، وطالبت مصور الصحيفة بإزالة الصور التى التقطها للانتهاكات.
مدرسة علم المصريات بجامعة برلين الألمانية، مونيكا حنا، اعتبرت ما يحدث فى الموقع الأثرى «جريمة متكاملة الأركان» فى حق تاريخ وتراث مصر، مشيرة إلى اطلاعها على ملاحظات البعثة الإيطالية من معهد البرديات (Istituto Papirologico) التى تعمل بالموقع - عن التعديات الهائلة، التى يقوم بها حفارو القبور الأثرية، وناهبو الآثار أو الأهالى الذين يقومون بالبناء والزراعة على مواقع تاريخية.
وتضيف «حنا»: «ما يحدث فى الشيخ عبادة مهزلة بكل المقاييس، لأن المواطنين هناك ليس لديهم أى مورد رزق، ومعظمهم يعمل فى سرقة الآثار والتنقيب عنها، إضافة إلى أن أراضى البناء محدودة تماما، وتقف حائلا أمام الزيادة الطبيعية فى عدد السكان، دون تدخل من الدولة لتوفير بديل آدمى لهم، فاضطروا للجوء إلى المدينة الأثرية، التى لا تكفى حراستها لردع أى لص»، مطالبة بزيادة الحراسة وتسليحهم بشكل جيد ليستطيعوا الصمود أمام البنادق الآلية للصوص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.