إعلان القائمة النهائية بأسماء مرشحى الشيوخ وانطلاق الدعاية الانتخابية    سعر الذهب اليوم الخميس 17 يوليو في الصاغة، عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد    أحمد الشرع يكشف عن وساطات أوقفت الضربات الإسرائيلية على سوريا    خريطة حركة المرور اليوم بشوارع ومحاور القاهرة والجيزة    موجة حارة على أغلب الأنحاء وأمطار أقصى الجنوب    أسعار الفراخ اليوم الخميس 17-7-2025 بعد الزيادة الجديدة وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أكثر من 15 قتيلًا ومصابًا.. مسيرات إسرائيلية تستهدف مدينة السويداء السورية    زلزال بقوة 7.3 درجة يضرب ولاية ألاسكا الأمريكية    سوريا بين خيارين.. قرار مهم من أحمد الشرع بعد القصف الإسرائيلي    ويتكوف: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة تمضي بشكل جيد    كندا ترد على رسوم ترامب: كارني يفرض تعريفات جديدة لحماية صناعة الصلب    بمشاركة ميسي، سينسيناتي يقسو على إنتر ميامي بثلاثية نظيفة بالدروري الأمريكي (فيديو)    رسميًا رابط تحميل كراسة شروط سكن لكل المصريين 7 pdf لمتوسطي ومنخفضي الدخل    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الخميس 17-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 7 بنوك    العد التنازلي لإعلان نتيجة الثانوية العامة 2025.. التصحيح يقترب من المحطة الأخيرة    بينهم طفل.. إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي ب طريق رأس غارب الشيخ فضل    ترامب يعلن موافقة كوكاكولا على استخدام السكر الطبيعي في مشروبها داخل أمريكا    دراسة تحذر: الأطباء يتجاهلون "سببا شائعا" لارتفاع ضغط الدم    فنان من الزمن الجميل.. «ستوديو إكسترا» يعرض تقريراً عن رشوان توفيق    محمد يوسف المدير الرياضي للأهلي.. رفضنا عودة حمدي فتحي وطلبت الجلوس مع إمام عاشور لتعديل عقده    شادي زلطة: 90 مدرسة تكنولوجية أحدثت نقلة نوعية بالتعليم الفني    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و«الليل وآخره» يحمل رسائل دينية    بمنهجية علمية وشهادات معتمدة.. «الأزهر» ينشر لغة القرآن في قارات العالم    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيراً بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 17 يوليو 2025    منة شلبي تكشف موقفًا لا يُنسى مع يوسف شاهين    خدمات مالية غير مصرفية تتصدر قطاعات الأسهم المقيدة الرئيسية نهاية جلسة الأربعاء    صدمة في وول ستريت بعد تصريح ترامب عن مناقشة إقالة رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    وزير خارجية إيطاليا: نعمل مع الشركاء على التوصل لاتفاق لضمان الاستقرار في سوريا    الدفاع الجوي الروسي يسقط طائرتين مسيّرتين أوكرانيتين كانتا في طريقهما إلى موسكو    المئات يحتفلون ب مولد الششتاوي بالمحلة الكبرى (صور)    «أنا المصري كريم العنصرين»!    تامر حسني بعد ترند "لينا ميعاد": تعبت تعب مش طبيعي ودخلت مستشفيات وبحاول أكون واجهة جميلة لمصر    رد فعل غاضب من الخطيب تجاه وسام أبو علي.. ياسمين عبدالعزيز تكشف    «كانو بيمثلوا».. الحنفي: وليد سليمان وأيمن حفني وأحمد عيد اعتادوا ادعاء السقوط بمنطقة الجزاء    مصرع شخصين اختناقًا داخل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار في الغربية    ضبط المتهمين بالتشاجر وإصابة 4 أشخاص بمدينة 6 أكتوبر    الحكومة: مقترح شامل لتأسيس كيان موحد لمنظومة التعليم الأهلي في مصر    حدادًا على رحيل ميمي عبد الرازق.. المصري يجمّد أنشطته 3 أيام    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    3 أبراج «ضد الكسر».. أقوياء لا ينهارون بسهولة ويواجهون الأزمات بثبات عجيب    حدث بالفن | وفاة مطرب وتعرض نجل مخرج لحادث وسوزي الأردنية تدخل التمثيل    أول تعليق من ريهام عبدالغفور قبل عرض مسلسل "كتالوج"    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    لو لقيت حاجة فى الشارع.. أمين الفتوى يوضح التصرف الصحيح شرعًا (فيديو)    أمين الفتوى يحسم حكم فوائد البنوك.. حلال أم حرام؟    فرج عامر ناعيا ميمي عبد الرازق: رحل رفيق الدرب    البابا تواضروس يهنئ الناجحين في الشهادة الإعدادية    ما حكم "تجميد البويضات"؟.. مفتي الجمهورية يجيب    متى يصدر قانون الإيجار القديم.. 1 أغسطس آخر موعد وفقا للمادة 123 من الدستور    ظلام تام في عز الضهر.. تفاصيل أطول كسوف كلي للشمس تشهده 10 دول عربية    لغز يكشف الحلم الذي تخفيه في قلبك.. ماذا ترى أولاً؟    كان حالة خاصة.. رانيا فريد شوقي تكشف إمكانية تقديم السيرة الذاتية لوالدها (فيديو)    ميكالي: حلمي لم يكتمل مع منتخب الشباب.. وأتمنى العودة للتدريب في مصر    عميد القلب السابق يكشف المعدن السحري لصحة الإنسان (فيديو)    مستشفيان بالفيوم يحصدان المركز الأول في جراحات الأورام والقلب المفتوح على مستوى الجمهورية    كيف نواجة الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    «الأوقاف» تُنظم ندوات ب 1544 مسجدًا بالتعاون مع الأزهر الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طارق حجى يكتب: حرق المصحف

 (1) لا شك أن إحراق الكتب هو عمل همجى، وتزداد الهمجية عندما تكون الكتب محل هذا العمل الشائن موضع تقديس وتجلة البعض (كثر هؤلاء أو قلوا)... ولا شك عندى أن القس الأمريكى الذى كان يهم بحرق المصحف فى ولاية فلوريدا الأمريكية هو رجل صيغ من مادتين بشعتين هما: التعصب الأعمى، والحماقة المنفلتة من عقال العقل والرشد. ولكن ذلك الرجل البشع ومشروعه الأخرق يجب ألا يثنيانا عن رؤية المناخ العام الذى كانت هذه الفعلة الشائنة على وشك الحدوث فى ظله.
ولا يعنى ذلك تبرير هذا الفعل المعتوه والمشرب بالجنون والتعصب وضيق الأفق والكراهية. فيجب علينا أن نرى بوضوح أن هذا الرجل كان على وشك القيام بعمل بالغ الرداءة، كالذى قامت به حكومة طالبان الإسلامية فى أفغانستان منذ نحو عشر سنوات عندما داست على مشاعر ملايين من البشر بإطلاقها دانات المدافع على تمثالين لبوذا، حتى تم تدمير التمثالين.
ويجب أن نتذكر أن قلة من المسلمين قد أدانوا يومها تلك الجريمة الحمقاء. ويجب أيضا أن نتذكر بل وأن نعى أن العالم لم ينقلب على المسلمين، بل إن أفعال وتوجهات وسلوك وأقوال ونوايا «بعض المسلمين» هى التى تقلب العالم ضدنا.
كثير من المسلمين لا يرون جريمة 11 سبتمبر/أيلول 2001 بحجمها الحقيقى، وقليلون هم الذين يصدقون أن القاعدة هى الفاعل، وكثيرون يرددون (بجهل أسطورى عجيب) أن فاعل تلك الجريمة هو من داخل النظام السياسى والأمنى الأمريكى، وملايين المهاجرين المسلمين فى أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا يعطون الانطباع شبه المؤكد أنهم عازمون على أسلمة المجتمعات التى هاجروا إليها... وكثيرة هى وسائل الإعلام والتثقيف(!!) فى مجتمعاتنا، التى تصور الغرب بأنه أضحى منغمساً بالكلية فى مؤامرة ضد الإسلام - وهو عبث محض.
وما أكثر الجهلاء فى مجتمعاتنا الذين لا يفرقون بين تدين البعض فى الغرب وعلمانية مجتمعات هذا الغرب. ولاشك عندى أن وسائل الإعلام وجُل طبقة الإنتلجنسيا فى مجتمعاتنا ستضرب الصفح عن مواقف نبيلة للأغلبية من رجال الدين اليهود والمسيحيين فى الغرب، الذين أدانوا بقوة الحماقة التى كان ذلك القس الشائه فى فلوريدا على وشك اقترافها، فمعظمنا أصحاب عقلية انتقائية تختار من بين الأشياء الحادثة ما تحب أن تراه،
وتستبعد ما لا يوافق أهواءها، كما فعل معظمنا عندما ناصرت أمريكا مسلمى البوسنة، على خلاف المواقف الأوروبية (الروس مع الصرب الأرثوذكس وفرنسا مع الكروات الكاثوليك) التى حكمتها عقد تاريخية يعرفها كل متمكن من تاريخ هذا الكيان، الذى تكون عنوة وقسرا وضد أبعاد عدة عقب الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918).
(2) منذ أيام سمعت عالماً مصرياً يشيد بالمستويات التعليمية العالية للغاية فى مصر فى الخمسينيات والستينيات، ويرجع الفضل لتلك الحقبة وقادتها وعلى رأسهم «جمال عبد الناصر». وهو قول ساذج للغاية. فأنا كابن لهذه المرحلة (إذ حصلت على الشهادات الابتدائية والإعدادية والثانوية والليسانس، أى الشهادة الجامعية الأولى) إبان رئاسة جمال عبد الناصر، أعرف أن مستويات التعليم بمصر كانت وقتها على أرفع المستويات،
 بل وبعض أبناء جيلى تذهلهم المستويات التعليمية والثقافية لمن هم فى أعمارهم من الأوروبيين والأمريكيين. ولكن تلك المستويات هى نتيجة طبيعية لمعدن وسبيكة ومستويات مدرسينا وأساتذتنا الذين هم (جميعا) من ثمار وتجليات ما قبل حقبة العسكر.
هؤلاء كانوا نتاج وثمار عهد كان وزراء التعليم (المعارف) خلاله على شاكلة منصور باشا فهمى ومحمد حسين هيكل باشا وطه باشا حسين. أما التعليم فى عهد جمال عبدالناصر فكان بيد عسكرى شبه أمى ومعدوم الثقافة وإخوانى النزعة. وكما كان التعليم المصرى رفيع المستوى فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين، فكذلك كانت الحياة الثقافية والحركة الأدبية والمسرح والفنون والسينما.
ولكن بسبب ذات العامل، وأعنى العنصر الرفيع لأجيال تشكلت وتكونت فى ظل الحقبة الليبرالية وقبل قيام مجموعة من أنصاف المتعلمين بخطف مصر يوم الأربعاء 23 يوليو 1952.
 أما المدرسون والأساتذة الذين تكونوا فى الحقبة الناصرية، فإنهم المسؤولون عن الأوضاع التعليمية المتردية فى مصر اليوم، ويقال ذات الشىء على المثقفين: فكما أن طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وسلامة موسى وسهير القلماوى ولطيفة الزيات ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ولويس عوض ومجدى وهبة ومحمد مندور، وجل المثقفين المصريين الماركسيين (جيل محمد سيد أحمد) هم أناس تكونوا فى بيئة ما قبل انقلاب غير المثقفين.
 أما المثفقون الذين تكونوا فى مصر - عبدالناصر، فهم المثقفون المصريون أصحاب القامات المتوسطة والقصيرة الذين يقفون اليوم فى حالة عجز عن التصدى للوحشين الكبيرين اللذين تقف مصر اليوم بينهما: وحش الاستبداد السياسى، الذى أفرز الفساد والزواج المشبوه بين السلطة والثروة، ووحش الأفكار الظلامية التى تحاول أن تجهز على روح مصر وتسحبها لما قبل القرون الوسطى.
(3) الائتلاف والتحالف مع الإسلاميين (بل ومع غلاة التطرف منهم) كان منتجا ذا منبعين: فهو من منتجات حقبة الحرب الباردة، إذ استعمل الإسلاميين ضد الاتحاد السوفيتى وضد نظم اشتراكية (أو تبدو كذلك) مثل النظام المصرى فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى (حرب السعودية المدعومة أمريكيا مع مصر المدعومة سوفيتيا على أرض اليمن). وكان شعار المرحلة (فى هذا الشأن) أن (عدو عدوى هو حليف لى).
ونظرا لأن الإسلام السياسى كان (بتفاهة وسطحية منقطعى النظير) عدواً للمعسكر الإشتراكى، فقد وجدته الولايات المتحدة (بغباء تاريخى منقطع النظير) «نعم الحليف» ضد الاتحاد السوفيتى وأنسبائه! أما المنبع الثانى لهذا الائتلاف فقد كان أمريكى - سعودى المصدر. وهذا المنهج (المفتقد كلية للثقافة وللحس التاريخى) هو نهج مخابراتى بريطانى منذ أوائل القرن العشرين.
فقد كانت الأغلبية فى المخابرات البريطانية (إم. آى. 6) تعمل مع عبدالعزيز آل سعود (المندمج آنذاك مع إخوان نجد ذوى الهوس الدينى) لكى يمد نفوذه ويسيطر على معظم الجزيرة العربية، بل وحارب معه فى بعض معاركه ضباط بريطانيون، بل ومات بعضهم وهو يحارب ضمن قوات عبدالعزيز آل سعود.
ونفس المخابرات (البريطانية) هى التى ساعدت حسن البنا على تأسيس جماعة الإخوان المسلمين فى مصر سنة 1928 أى بعد سنة واحدة من وفاة قائد وزعيم الحركة الوطنية المصرية سعد زغلول، حيث رأت بريطانيا والملك فؤاد ضرورة تأسيس حركة الإخوان فى محاولة منهما لسرقة الشارع المصرى (باسم الإسلام) من الوفد المصرى الذى فقد زعيمه منذ عام واحد.
ومعروف ان الأب الروحى لحسن البنا هو السورى المتزمت محمد رشيد رضا (صاحب تفسير المنار) الذى كان أداة الصلة بين حسن البنا وعبدالعزيز آل سعود الذى كان قد أصبح (بعون الإنجليز) ومنذ ثلاث سنوات فقط (1925) ملك الحجاز وسلطان نجد... وحتى اليوم، لم تعترف الولايات المتحدة بخطئها وخطيئتها التى جعلت العالم الذى نعيشه اليوم عالما خطرا، وأحيانا كثيرة «عالما كريها».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.