من منا بلا خطيئة.. وكم واحد يجرؤ على الاعتراف بالخطأ حتى لو كان بسبب التقصير أو لسوء التقدير.. الحقيقة أن هذا شىء نادر الحدوث وربما يكون أقرب للمستحيل.. فهذا النوع من المواجهة مع الذات والاعتراف به أمام الناس ثقافة لا يعترف بها الكثير من المصريين خصوصاً المسؤولين. لذلك جاءت الاستقالة لوزير النقل محمد منصور فى شكل واضح لتحمل المسؤولية، ويجب أن تحترم وتؤخذ من باب التقدير، وقد يجد البعض أنها جاءت من القيادة لعلاج بعض الفجوات، ومنها: 1- التوقيت لحادث القطار قبل مؤتمر الحزب جعل الحاجة لسرعة إيجاد كبش سياسى لامتصاص غضب المواطنين من حكومة الحزب. 2- إعادة إحياء مبدأ تلاشى من أذهان الناس، وهو مبدأ الحساب والعقاب، وهو علاج يستخدم فقط وقت اللزوم وبشكل استثنائى. 3- إيجاد رد فعل سريع يواكب الجدال الذى يتناول موضوع الانتخابات الرئاسية القادمة، وبالتالى يساهم فى تخفيف بعض الاجتهادات. فلم تعد الناس تتقبل التعازى أو تكتفى بالتعويضات والوعود بالإصلاح، فالشعب اكتوى من الأحداث والحوادث الكثيرة، من العبارة وما قبلها والدويقة وأمثالها، حتى وصل بنا الحال إلى عشرات الضحايا بسبب القطار الذى اعترضته الجاموسة وكل الأرواح التى أزهقت فى الفترة الأخيرة، لا يخرج السبب عن الإهمال والاستهبال والتقصير البشرى الذى لا يوجد مثيله سوى فى مصر المنحوسة. ولكن إن أعطانا الله نعمة القلم والكلام والتأثير فى الرأى العام فعلينا ألا ننسى ميثاق الشرف والأخلاق.. أن نغضب وننتقد ونعاتب ليس معناه أن نتقدم فى مباراة من الشتيمة والهجوم والتشكيك فى ذمم الناس دون دليل أو بيان.. فما شاهدناه من البعض، حتى الآن، لا يخرج عن استعراض مستفز لقوة اللسان دون مراجعة للمعلومات أو انتظار لنتائج التحقيقات.. فالهدف هو اجتذاب عدد المشاهدين لإثارة الغضب واللعب على وتر الإحباط الشعبى لكسب المزيد من الشعبية على حساب سمعة الناس. فالمعارضة الموضوعية أصبحت عملة معدومة، فلا مانع من أن نبدأ فى المحاسبة إذا وجبت، ولنعد إلى الأساس الأول من الوزير سليمان متولى لمدة 17 عاماً ومن بعده عدد من الوزراء، جميعهم تسبب فى ترك كارثة ثقيلة تبدأ من التهالك فى المعدات وتسيب فى الأداء وتخبط فى الإدارة، ولم يفكر أحد فى إعادة التأهيل أو الرعاية أو رفع الكفاءة لهؤلاء العاملين فى الطرق والسكك الحديدية. ولم يجرؤ وزير سابق على تصعيد المشاكل وتوضيحها فى العلن، للأسف كل وزير ممن سبق اعتمد سياسة «القص واللصق» والتخفيف من الأزمات عن طريق الكلام، وربما حالفتهم الظروف طويلاً أو قليلاً، كل واحد حسب حظه حتى يأتى من هو بعده. جاء محمد منصور إلى وزارة تعرف بمقبرة كل وزير، وربما خلفيته وخبرته فى القطاع الخاص جعلته يحمل من الثقة وروح التحدى والإصرار على النجاح، وطالب بالأموال لتجديد الموانئ والطرق والقطارات ورفع شأن العمال، وقام بالدعاية التى يقال إنها استفزت بعض الناس فى محتواها، مع أننى أجدها تحمل الكثير من الواقعية للتنبيه بالسرقات والإهمال من بعض الركاب وهو شىء معتاد ومعروف فى كل البلاد وليس فى مصر وحدها، والتوجيه له يكون مطلوباً أحياناً ولكن ثقافة المواجهة فى مصر مرفوضة على الدوام. اليوم الوزير منصور خارج الحكومة لتحمله مسؤولية إهمال السائقين والمساعدين لهم والمراقبين عليهم فى التحكم المركزى حتى غياب «عمال برج كفر عمار».. وعمار يا مصر بكل هؤلاء المهملين من الموظفين فى السكك الحديدية.. وما أدراك أن غيرهم مازالوا «مستخبيين». ■ العلاج الوحيد هو وضع غفير لكل مواطن لضمان الجودة فى أداء العمل لعدم التغاضى والإهمال أو التبلد والاستهانة فى الأداء. < فإن كان منصور تحمل مسؤولية القطار.. فمن سيتحمل مسؤولية الجاموسة؟.. وزير الزراعة فهى من خالفت مسارها وتوقفت أمام القطار. ■ وعن الفلاح الذى كان يتجول مع الجاموسة للبحث عن رغيف العيش علينا محاسبة وزير التضامن الاجتماعى.. وهكذا يأتى دور وزير البيئة حيث تسببت سحابة قش الأرز فى الكثير من حوادث السيارات. ■ يا ليت يتحمل الجميع مسؤولية التقصير فتتم محاسبة رئيس مجلس الوزراء والمعاونين. ■ وهناك مشكلة سلوك وأداء لشعب تهالك مع المشاكل والأزمات. ■ فلا مانع من محاسبة الجميع ولكن مع الحفاظ على خيط رفيع بين نوع الاتهامات والتطاول على سمعة الناس حتى لا نخيف من تبقى من مخلصين فى هذا الوطن ويحملون حلم التطوع للمبادرة والتغيير والتطوير، ونردع كل من سكت واستسلم للحفاظ على منصب أو كرسى مقابل السكوت على مدار السنين. ■ كلمة حق لجمال مبارك فى النهاية من أجلك أنت: هناك أبواق حزبية وإعلامية حكومية وليست محسوبة على المعارضة ولا المستقلة فإن أردت النجاح فى ثورة التحديث والتطوير، فأتمنى عليك استبعاد كل من هؤلاء وإيجاد فرصة لوجوه أكثر مصداقية وقبولاً لدى الناس حتى تهدأ النفوس قليلاً وتبدأ فى الاستماع لمخططات الحزب التى لم يشعر بنتائجها الطبقتان الفقيرة ولا المتوسطة. [email protected]