■ أحد القراء الأعزاء.. استفزه وأزعجه وأغضبه جدا كل هذا التفاؤل، الذى استعنت به وأنا أكتب الأسبوع الماضى أتوقع وأؤكد فوز مصر على الجزائر وتأهلها لنهائيات كأس العالم.. لكن ذلك فى المقابل لم يستفزنى ولا أزعجنى أو أغضبنى.. فقد كتبت ذلك كمواطن مصرى يحلم ويتفاءل ويثق فى قدرات وإمكانات حسن شحاتة ولاعبيه.. وليس كتحليل فنى أو رؤية نقدية لا تحترم كرة القدم ومفاجآتها وحساباتها، ولهذا أنا لا أزال متمسكا بتفاؤلى وبحلم التأهل لكأس العالم.. لم ولن أفقد ثقتى فى حسن شحاتة أو أى لاعب يرتدى فانلة مصر ويلعب بها أمام الجزائر.. وبالتأكيد هناك كثيرون سيختلفون معى.. ومع آخرين كثيرين أيضا.. فنحن حتى الآن وبعد هذا التاريخ الطويل مع كرة القدم لم نعرف بعد ما المطلوب من الإعلام؟.. هل يتفاءل ويشيع جوا من الثقة، فيخسر الفريق ويصبح الإعلام هو السبب باعتباره صانعا للغرور والوهم والاسترخاء؟.. أم يعرب الإعلام عن مخاوفه ومخاوف الناس وقلقهم فيصبح الإعلام هو سبب الخسارة، لأنه كان إعلاما محبطا داعيا للهزيمة مقدماً حتى قبل اللعب.. أم يعلو صوت الإعلام طالبا تسخير كل الإمكانات وشحذ كل الهمم، فيصبح هذا هو الشحن الزائد الذى يصنع الكوارث والأحزان.. وبالتأكيد سأجد الآن من يقول لى ولماذا لا يبقى الإعلام معتدلا فى كل شىء.. فى الثقة والخوف والتفاؤل والتحليل والتوقع.. وهذا بالفعل شىء رائع.. ولكن أين هو هذا الاعتدال وما هى حدوده ومقاييسه وشروطه؟.. وهى كلها أمور لا يمكننى أن أضعها وحدى.. فلست أقدر من الآخرين ولا أذكى أو أعمق أو الأكثر خبرة ومعرفة.. وهناك أساتذة كثيرون أراهم أولى وأحق بوضع حدود وآفاق هذا الاعتدال.. وإن كنت أشك أن ذلك سيحدث لسبب بسيط جدا.. هو أن هناك بيننا من لا يحبون اعتدال الإعلام وانضباطه.. وذلك حتى يبقى الإعلام جاهزا دائما للوقوف فى القفص متهما ومدانا عند كل هزيمة أو أزمة أو مشكلة.. فقطع رقبة الإعلام غالبا يكون هو الحل السحرى الذى ينشده المسؤولون فى كل مكان وكل مجال.. لأن إلقاء الطوب والحجارة فى وجه الإعلام عقب كل فضيحة يعفى كل الآخرين من كل مساءلة أو عقاب. ■ لأننى أحترم كل الناس وكل القراء، ولم ولن أنوى أبدا أن أخدعهم أو أحاول أن أفرض عليهم رأياً أو تعليقا.. فلابد أن أعترف أولا بأننى لست على الحياد بين «المصرى اليوم» و«الشروق».. لأننى واحد من أسرة «المصرى اليوم» أنتمى إليها وأحتمى بها وأغار عليها.. وهذه المقدمة كانت ضرورية للتنبيه والتوضيح قبل الإعلان والتأكيد على أن مبادرة «المصرى اليوم» الخاصة باستقبال الجزائريين بالورود فى القاهرة تبقى هى المبادرة الأعمق والأجمل والأهم، ولكننى أرى أيضا أن التسابق فى الخير والجمال والخوف على مصر وفى تأكيد كل المعانى النبيلة والرائعة ليس سباقا يخجل أو يخاف منه أى أحد.. والجمهور المصرى الرائع يحتاج لأكثر من مبادرة حتى لا ينساق وراء دواع كاذبة ومضللة لا هدف منها إلا إفساد المباراة المرتقبة مع الجزائر بأى شكل.. فاستاد القاهرة لم ولن يكون أبدا استاداً للموت.. ونحن لا نريد إلا أن نفوز على الجزائر فى تسعين دقيقة فقط هى عمر المباراة.. والمباراة تخص كرة القدم، وليست صراعا تاريخيا أو دينيا أو اجتماعيا أو سياسيا.. ولا يمكن أن تكون مباراة للشرف أو الكبرياء أو الكرامة.. لأن الذى سيخسر قطعا لن يخسر الشرف أو الكرامة أو الاحترام.. ولن يموت أيضا.. فهذا خلط للمعانى والدلالات.. وليس لهذا أو بهذا تلعب الشعوب وتعشق كرة القدم. ■ أعترف اليوم بخسارتى المعركة أمام أضواء الكاميرات ووهجها وشهوة الكلام أمامها.. فقد تمنيت وحاولت صادقا ومخلصا احتواء تلك الأزمات النارية والقاسية سواء بين أحمد شوبير ومرتضى منصور.. أو بين علاء صادق ووليد دعبس، ولكننى فشلت لأن محاولاتى بدت ضئيلة وهزيلة جدا أمام مطامع الظهور على التليفزيون وتبادل الشتائم والإهانات والانتقاص من أقدار الجميع واحترامهم.. لم أكن أقصد بمحاولاتى أن يقوم كل طرف بتقبيل رأس أخيه وإغلاق الملفات كأنها لم تكن موجودة.. فهذا أيضا خطأ.. لأنه بعد كل الاتهامات التى جرى تداولها لم يعد مجرد الصلح والسكوت كافيا.. وإلا كان هذا هو الخطأ أو الفضيحة الأكبر.. وإنما قصدت أن يهدأ الجميع بعدما لجأوا للقضاء.. وإلى أن يصدر القضاء أحكامه. كان عليهم كلهم أن يلتزموا الصمت احتراما لأقدارهم وللناس وللإعلام الرياضى نفسه الذى أصبح إعلاما سيئ السمعة.. وقد أصبحت أخشى أن يعود من جديد ذلك العصر الذى كانت فيه المحاكم لا تقبل شهادة الصحفى ولا تحترمها أو تعترف بها.. فما يحدث الآن فاق كل تصور أو خيال.. وقد تفضل هؤلاء وأعطوا الناس درسا بالغ العمق والدلالة فى فهمهم للاختلاف فى الرأى أو الموقف.. فعند أى خلاف يسقط كل حوار أو احترام للآخر، الذى يصبح فاسدا أو كاذبا أو مرتشيا أو حقيرا.. وقد كنت أتخيل أن زملائى الأعزاء فى مختلف القنوات الفضائية سيكونون معى وسيغلقون أبوابهم فى وجه كل أطراف هذه الصراعات السخيفة والرخيصة والمزعجة.. على الأقل احتراما للمهنة ولملمة ما بان من عوراتها وفضائحها.. لكن ما جرى كان العكس تماما.. فقد تسابقت قنوات لنشر هذا الغسيل القذر.. ومذيعون ومذيعات يتحدثون طول الوقت عن القواعد والمبادئ والأخلاق.. ولكن حين تأتيهم الفرصة لكسب مزيد من المشاهدين والاهتمام ينسون كل دروسهم القديمة، ويتسابقون على استضافة كل من يشتم أو كل من هو على استعداد لأن يخلع ثيابه أمام الناس متصورا أنه يجرد أعداءه فقط من ثيابهم.. وهل أصبح كل هؤلاء المتخاصمين والمتنازعين يدركون الآن كيف سيعاملهم الناس إن اختلفوا معهم فى الرأى.. هل سيحزن أو يغضب أى منهم لو أن مشاهداً لم يعجبه الرأى فقرر أن يشتم صاحبه.. وهل سيصح وقتها أن نعتب على هذا المشاهد، ونعيب عليه هذا السلوك والخروج عن نص الأخلاق والمبادئ.. فالمشاهدون رأوا النجوم أمامهم وكيف يختلفون فى الرأى وما الذى يقومون به عند أول خلاف فى الرأى. ■ كل أطراف الأزمة الأخيرة الخاصة بالبث التليفزيونى لمباريات الكرة كانوا على صواب، وكانوا على خطأ أيضا.. فالأهلى والزمالك والاتحاد كانت على حق فى تأكيد أنها وحدها صاحبة حقوق بث مباريات الدورى وأنهم الجهة الشرعية الوحيدة التى تملك هذا الحق دون أى مساومة أو مزايدة.. وكانت على خطأ لأنها لا تزال تفكربعقلية رجال العصابات أو بلطجية الشوارع حين يفاجئون الناس فى آخر لحظة بما يريدون.. ولا يجلسون يتفاوضون كالرجال حتى النهاية بثقة ويقين ومنطق صاحب الحق وليس صاحب المطواة.. وأنس الفقى، وزير الإعلام، كان على حق حين رفض أن تخرج شرائط كل المباريات من ماسبيرو لتذهب إلى الاتحاد، الذى سيبيعها وتضيع بعد ذلك وتفقد مصر تراثها الكروى.. لكن أنس الفقى لم يفاجئنا حتى الآن بأى تحقيق حقيقى ورسمى مع الذين باعوا أرشيف مصر الكروى طيلة الأربعين سنة الماضية، حيث لم يعد التليفزيون يملك شيئا إلا بضع مباريات ولقطات وأهداف.. فما الذى سيضمن الآن أن نفس التليفزيون الذى فرط فى هذا التراث وباتت تملكه «إيه أر تى» وفضائيات آخرى ومخرجون يحتفظون به فى بيوتهم هو الذى سيحمى مستقبلا هذا التراث ويحتفظ به.. واتحاد الكرة كان على حق حين انحاز للأندية باعتبارها صاحبة الحقوق والأولى بالاتحاد أن يحارب دفاعا عن حقوق أنديته، لكن الاتحاد نسى أنه هو نفسه.. ووحده.. صاحب حقوق مباراة الجزائر.. ولم يكن يليق باتحاد مصر فى مثل هذا المناخ المتوتر السابق لمباراة الجزائر أن يناقض نفسه، فيخرج فى العلن يطلب دعم وتشجيع وتضامن كل المصريين فى هذا اللقاء الحاسم والفاصل.. بينما نفس الاتحاد فى المكاتب المغلقة يطلب من أنس الفقى أن يدفع مزيدا من المال، وإلا لن يسمح بإذاعة المباراة إلا على شاشة التليفزيون الجزائرى فقط.. باختصار.. هذه الأزمة الأخيرة التى سبقت مباراة الأهلى والمنصورة، ولم يحلها إلا تدخل مباشر من وزير الداخلية، ستتكرر كثيرا مستقبلا، لأننا نثير الأزمة ونفرح بأى حل مؤقت دون أن نجلس كلنا فى جلسة مكاشفة ومصارحة لنتفق على التقسيم العادل والطبيعى لكل الحقوق.. وستبقى الأزمة قائمة، لأننا أبدا لا نتفاوض أو نتواجه كالرجال.. ولأن ما يقال فى الاجتماعات ليس هو النوايا الحقيقية بكل ما تتضمنه من مكاسب ومصالح ورغبة فى الاستئثار بكل شىء. ■ صديقى العزيز جدا.. حسن صقر، رئيس المجلس القومى للرياضة، فاجأنى بإصراره على أن يواصل المجلس مشروعه الجديد لإعداد البطل الأوليمبى فى السنوات الخمس المقبلة وبتكلفة مبدئية تزيد على 318 مليون جنيه.. وقد وافق الدكتور أحمد نظيف مؤخرا على اعتماد هذا المشروع.. ورغم ذلك فلا أزال أناشد رئيس الحكومة ورئيس المجلس القومى للرياضة ألا يواصلا العمل فى هذا المشروع.. أناشدهما وأشد على أيديهما وعلى استعداد لتقبيل الدماغ أيضا حفاظا على أموال الدولة، التى هى ملكى أنا وكل الناس.. فصناعة البطل الأوليمبى ليست من مهام الحكومة بكل أجهزتها ومؤسساتها.. وليس هذا هو دورها.. وأرجو أن يتذكر الاثنان أنه لا يزال لدينا فى مصر كيان اسمه اللجنة الأوليمبية المصرية هو المختص والمسؤول الوحيد عن مشاركات مصر الأوليمبية.. وأن الحكومة لديها واجبات وأدوار أخرى هى الأحق والأولى بالرعاية والاهتمام من هذا الكرم أو السفه الحكومى.. وبهذه المناسبة.. ليس لدى مانع أيضا فى الشد على يد وتقبيل رأس السياسى الرائع.. محمد كمال، رئيس لجنة الشباب بأمانة السياسات، ليقتنع بأن الانتصارات الرياضية المصرية فى العام الماضى ليست من صنع أو بفضل الحزب الوطنى.. فالدكتور محمد كمال أعلن أن ما تحقق للرياضة المصرية فى عام حزبى أكبر مما تحقق فى 15 عاما مضت.. وهى عبارة مليئة بالأخطاء والمغالطات.. فالذى تحقق لم يكن للحزب الوطنى فيه أى دور.. ولو كان الحزب الوطنى هو صاحب الفضل بالفوز بكأس الأمم الأفريقية فى غانا.. فمن العدل أن يصبح أيضا هو المسؤول الأول عن خروج منتخبنا من كأس العالم إن حدث لا قدر الله.. ثم إن كل تلك السنوات الماضية لم يكن يحكم مصر خلالها حزب آخر غير الحزب الوطنى ولا لجنة أخرى غير لجنة السياسات.. فإن صح وجاز القبول بتشدق رئيس لجنة الشباب بإنجازات الحزب الرياضية فى العام الماضى سيصح لنا فى المقابل أن نحاكم نفس الحزب ونفس الوجوه على الإنجازات التى لم تتم فى 15 عاما مضت. ■ أشكر إدارة الأهلى مرتين على ما جرى الأسبوع الماضى.. مرة لهذا الوضوح والحسم فى التعامل مع أمير عبدالحميد.. وأختلف تماما مع كل الذين تصوروا أن هذا الحسم كان فقط لأن الأهلى لم يعد يحتاج أمير عبدالحميد.. فهذا ليس صحيحا على الإطلاق.. ولو كان أمير عبدالحميد هو الحارس الأول أو الأوحد لم يكن ليتغير موقف وسلوك إدارة الأهلى.. أما المرة الثانية فلاستجابة الإدارة لمطالب أولياء أمور لاعبى السباحة فى مدينة نصر، الذين تم تسريحهم فجأة وبمنتهى الغطرسة ودون أى داعٍ أو عدالة أو تفسير.. ولم تتكبر إدارة الأهلى وفتحت الباب أمام أولياءً الأمور ليتكلموا ويشرحوا قضيتهم.. وهو موقف محترم لإدارة محترمة. ■ الدكتور طارق القيعى، رئيس المجلس المحلى لمدينة الإسكندرية، حذر كل المسؤولين بعد دراسة أكدت أن الإسكندرية ستصاب بالشلل والاختناق المرورى بعد ثلاث سنوات نتيجة دوام الزحام والتكدس.. وفى نفس الوقت قررت مصر أن تتقدم بطلب استضافة الإسكندرية لدورة البحر المتوسط بعد ثمانى سنوات.. نفس الإصرار على أن مصر ليس فيها إلا القاهرةوالإسكندرية.. نفس الإصرار الغريب على ألا تتحول أى بطولة رياضية كبرى إلى فرصة لتنمية الحياة فى مدينة مصرية جديدة.. لماذا لا تقام تلك الدورة فى العريش أو مرسى مطروح أو دمياط أو رشيد أو بلطيم.. طالما أننا من أول وجديد سنبنى ملاعب ونشق طرقا وكبارى وسنبنى فنادق وسننفق الكثير جدا من المال. ■ مع كامل احترامى لقواعد كرة القدم وجنونها وحساباتها ومفاجآتها.. إلا أننى أظن أن اعتماد إدارة الزمالك على ذلك لتفسير تعادل الزمالك الأخير مع الجونة وبعد فترة إعداد طويلة ومثالية لم ينعم بها أى فريق آخر فى مصر.. هو نوع من خداع النفس وخداع عشاق الزمالك أيضا الذين صبروا وتحملوا وقاوموا وحزنوا وأحبوا كما لم تقم بذلك جماهير أى فريق آخر.. وأظن أن إدارة الزمالك مطالبة الآن، أمام جماهيرها على الأقل، بأن تعترف بأن هناك خطأ أو أخطاء كثيرة.. وأنها دون أى عناد أو مناورات على استعداد لإصلاح هذه الأخطاء. [email protected]