صباح الأحد 23 أكتوبر عام 4004 قبل الميلاد، هذا التاريخ اتخذه العالم توقيتاً لبداية الخلق، يعنى ببساطة عيد ميلاد » أبوالبشر« سيدنا آدم ومعه كوكب الأرض والكائنات الحية من طيور وحيوانات وأسماك ....الخ، توصل إلى هذا التاريخ قسيس أيرلندى يدعى » جيمس آشر«، وقد اعتمد القسيس على نصوص التوراة وتسلسل الأجداد والآباء والأحفاد منذ آدم إلى المسيح، وبإضافة 2000 سنة يكون مجموع عمر كوكبنا العجوز أكثر من ستة آلاف سنة، حسب هذا التقويم الذى اعتمدته الكنيسة آنذاك، وبسبب اقتناعها بهذا الحساب وتبنيها هذا الرأى أخرجت جثة العالم »وكليف« الذى تجرأ وقال إن عمر الأرض يزيد على مئات الألوف من السنين، وأمرت الكنيسة بطحن عظام العالم الكافر هذا ونثرها فى البحر حتى لا يدنس رفاته الأرض!! نحن الآن بفضل تشارلز داروين، الذى يحتفل العالم فى هذا العام بذكراه المائتين، وبفضل نظريته التى استفزت العقول الغارقة فى نعيم الكسل العقلى، وبفضل جهود علماء الجيولوجيا، وبفضل الطرق الحديثة لقياس أعمار الصخور مثل قياس نقص النشاط الإشعاعى، عرفنا أن عمر الأرض حوالى أربعة مليارات ونصف مليار من السنين، هذا الفرق الرهيب بين نظرة عالم الجيولوجيا ورجل الدين خلقت مفارقة وصدمة، وخلقت رعباً عند بعض العلماء من نشر أبحاثهم العلمية وقتها خشية الصدام مع الكنيسة، وخلقت أيضاً طابوراً من المنافقين الذين أرادوا تلفيق النتائج وإخضاعها لتفسيرات كهنوتية للحفاظ على السيطرة والنفوذ اللذين كانت الكنيسة آنذاك تتمتع بهما فى أوروبا. اقترب ميعاد الاحتفال بعد غد، فهل نطفئ يوم الجمعة القادم ستة آلاف شمعة وفوقها أربع ومعها تسع احتفالاً بعيد ميلاد كوكب الأرض طبقاً لقياسات القسيس آشر؟، أم نحترم علم الجيولوجيا والحفريات ومبادئ نظرية داروين؟!! هل عندما يأتى إلى كليات العلوم عندنا مكتشف ليعلن أن أول الثدييات ظهر منذ 200 مليون سنة نطرده من الجامعة ونرفته ونقول له حساباتك خطأ يا سيد يا محترم، ألق بصخورك وحفرياتك وحساباتك الإشعاعية فى البحر حتى نستشير الكاهن فلان أو نعود إلى تقويم القسيس الأيرلندى أو نتبع ما كتب فى تفسير الطبرى نقلاً عن أبى ثعلبة الخشنى أن الماضى من الدنيا حتى زمن الرسول هو ستة آلاف وخمسمائة عام؟!! ولكن السؤال: على أى طريقة بحث إعتمد القسيس آشر فى تحديد هذا التاريخ؟ وحسب »آشر« فإن المدة منذ خلق آدم حتى النبى سليمان حوالى 1500 سنة، وأضاف مدة حكمه ثم تدمير الهيكل حتى السبى البابلى وصولاً إلى ميلاد المسيح، وكانت نتيجة الحساب 4004 سنة، اعتمد على أسفار التوراة فى تتبع فروع شجرة البشر وأعمارهم وتسلسلهم المدون فى الكتاب المقدس، حدد توقيت طوفان نوح 2348 ق. م، وحدد نبوة سيدنا إبراهيم 1921 ق.م، والخروج من مصر 1491 ق.م، والسبى البابلى 586 ق.م، ولكن كيف تم قياس عمر الأرض بطريقة علماء الجيولوجيا؟ هذا هو ما سنحكى عنه فى المقال القادم.