يعلم الدكتور فوزى فهمى مدى تقديرى واحترامى له، وقد تعلمت منه بالمعنى الحرفى لهذه الكلمة لأنه كان معيداً مع الراحل العظيم الدكتور محمد مندور، وهو يُدرس مناهج النقد طوال السنوات الأربع للدراسة فى معهد المسرح حتى عام 1965، ولكن الدكتور فوزى يعلم أيضاً أننى استقلت بعد أقل من سنة من اللجنة القومية العليا لمهرجانات السينما التى أنشئت منذ نحو عقدين. أنشئت هذه اللجنة لاختيار الأفلام التى تمثل مصر فى المهرجانات الدولية، ولكن الأفلام لم تعد تمثل دولها منذ عام 1969، أى منذ 40 سنة بالتمام والكمال، وكان ذلك بعد مظاهرات الشباب فى باريس عام 1968، والتى امتدت إلى مهرجان «كان»، وأوقفت المهرجان، وكان من بين مطالب السينمائيين الثوار جودار، وتروفو، وبولانسكى وغيرهم عدم عرض أفلام من اختيار الحكومات، وإنما من اختيار إدارة المهرجان. وتمت الاستجابة لهذا المطلب فى الدورة التالية، فلم تعد المذيعة قبل العرض تقول مصر تقدم أو بولندا تقدم، وإنما المهرجان يقدم فيلماً من إخراج صلاح أبوسيف أو من إخراج أندريه فايدا، ولأن مهرجان «كان» هو القدوة لكل المهرجانات تبعته المهرجانات الأخرى. ومن ناحية أخرى لا تستطيع لجنة المهرجانات أن تحول دون اشتراك أى فيلم مصرى فى أى مهرجان إذا تم الاتفاق بين إدارة المهرجان وبين المخرج أو شركة الإنتاج أو شركة التوزيع. لا أحب عبارة «إهدار المال العام»، لأنها أصبحت تستخدم من دون غرض المحافظة على المال العام فعلاً، وإنما لتصفية حسابات بيروقراطية، وأعلم مثل الجميع مدى حرص فوزى فهمى على المال العام، ولكن هذه اللجنة التى يرأسها أصبحت بالفعل إهداراً للمال العام، تماماً مثل جهاز الرقابة، الذى لم يعد له أى معنى فى ظل الثورة التكنولوجية، وقد أصبح السائد فى العالم وجود لجنة حكومية أو شعبية محدودة العدد من الخبراء تصنف الأفلام حسب أعمار المشاهدين، أى تمنع الأفلام لمن هم دون السادسة عشرة من الجمهور مثلاً، ولها فى بعض البلدان حق الحذف وحق المنع أيضاً، ولكن لا رقابة على السيناريو أو التصوير ولا جهاز حكومى كما فى مصر. ولأن «المسافر» من إنتاج وزارة الثقافة قامت لجنة المهرجانات بإصدار قرار بالحذف من الفيلم بهدف «تسريع» إيقاعه البطىء ليكون أكثر «جماهيرية» وهى نكتة مزدوجة، فهل كانت تستطيع أن تفعل ذلك مع أى فيلم من إنتاج أى شركة، أم تصرفت باعتباره إنتاج الوزارة وهى لجنة الوزارة على طريقة «فيلمى وأنا حرة فيه»، ثم تحولت النكتة إلى مأساة عندما وافق المخرج أحمد ماهر على تنفيذ ذلك القرار. [email protected]