معايرة من نوعية: «ياللى مامعكش شهادة» تلقاها من أحد الجامعيين من أبناء قريته الصفاصيف مركز دمنهور، كانت وراء تغيير حياته، حيث وضع الشيخ محمد الجعفراوى أمامه هدفاً واحداً: «لازم أثبت للناس كلها إنى مش أقل من حد، ويبقى معايا شهادة». التحدى الذى وضعه الجعفراوى أمامه، وحدده هدفاً له، دفعه إلى الدراسة فى فصول محو الأمية رغم أنه تجاوز الثلاثين من عمره، حتى حصل على ليسانس علوم القرآن من جامعة الأزهر.. كانت حياته تسير بشكل نمطى قبل التحدى: طفل بين 6 أشقاء توفى والده فخرج للعمل فى كل شىء، جمع العنب من المزارع مقابل 7 قروش يومياً وسافر إلى العراق وعاد إلى مصر وعمل فى فرن، وفى الفرن تشاجر مع أحد العاملين فيه من أبناء قريته فعايره: «ما تنساش نفسك.. إنت رحت ولا جيت حتة عامل مش معاه شهادة». يروى الجعفراوى: «قررت التخلص من لقب عامل، وتعلمت فى البداية على يد جيرانى، وأجدت القراءة والكتابة، وتقدمت فى مسابقة أعلنت عنها وزارة الأوقاف، ولكن للأسف تعيينى أيضاً جاء عاملاً، وهو ما زاد من إصرارى على محو الكلمة والحصول على شهادة.. حفظت القرآن كاملاً وتقدمت لمعهد القراءات ودرست به، واجتزت شهادة عالية القراءات وهى قراءة القرآن بالقراءات السبع بل وكنت من أوائل دفعتى. وأضاف: «لم أكتف بهذا القدر رغم أنه كاف لتغيير وظيفتى من عامل إلى مقيم شعائر واستكملت دراستى فى مرحلة التخصص فى القراءات العشر الكبرى، والتحقت بكلية علوم القرآن وأنهيت دراستى بها العام الماضى». كل سنوات الدراسة هذه قضاها وهو يعمل، ليساعد أسرته الكبيرة فى نفقاتها: «كنت بادى أمى وإخواتى فلوس وأصرف على بيتى ومراتى، ورغم التعب اللى بحس بيه، لكنه تعب ممزوج بالفخر لأننى حاسس إنى عملت حاجة كبيرة ومحترمة».. ورغم أن مسماه الوظيفى تغير قبل سنوات إلى مقيم شعائر وتخلص من مسمى عامل الذى يدين له بالفضل، فإنه لايزال يعانى رفض د. محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف، تسوية حالته الوظيفية ليصبح إماماً وخطيباً بدلاً من مقيم شعائر، بحجة أنه لم يدرس الفقه خلال دراسته الجامعية.. ويتساءل الجعفراوى: «مش عارف أعمل إيه؟.. نفسى الوزير يوافق على تسوية حالتى، ومستعد لأى اختبارات أو امتحانات، بس المهم يوافق».