رغم أن شوارع القاهرة أصبحت أكثر ازدحاماً بالسيارات، إلا أن 2009، أثبت أنه من أصعب الأعوام التى مرت على صناعة السيارات على المستوى المحلى، التى شهدت تراجعاً حاداً فى المبيعات. وقال خالد حسنى، المتحدث الرسمى باسم مجلس معلومات السيارات (أميك): «ليس من العدل مقارنة عام 2008 ب 2009» موضحاً أن الكساد سبب نوعاً من الجمود فى حركة السوق. وكانت المبيعات قد انخفضت خلال نهاية أغسطس بمقدار 23٪ على مستوى السوق، بالمقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وفقاً للأرقام الصادرة من مجلس معلومات السيارات. واستحوذت السيارات المستخدمة فى برنامج الحكومة لتطوير التاكسى على 10٪ تقريباً من حجم المبيعات، ولكن باستثناء تلك النسبة من المعادلة، نجد أن الحجم الكلى للمبيعات تراجع بنسبة 40٪ تقريباً. وفى الوقت الذى يرى فيه الخبير الصناعى عادل جزارين، أن الحال أفضل مما كان متوقعاً له، وأن «التأثير السلبى كان من المنتظر أن يكون أكبر من ذلك»، أكد محللون أن الكساد الحالى وجه أقوى ضرباته للصناعة المحلية، بل إن صناعة السيارات على المستوى العالمى عموماً أحست بوقع الأزمة. ويرى خالد حسنى، صعوبة تجاهل الأزمة التى تسيطر على العالم فى الخارج. كانت أكبر ثلاث شركات فى مجال صناعة السيارات بالولايات المتحدة، «جنرال موتورز»، و«فورد»، «كرايسلر»، قد حصلت مؤخراً على 85.3 مليار دولار كجزء من خطة التحفيز الاقتصادى التى تبنتها الحكومة الأمريكية، ورغم ذلك أعلنت «جنرال موتورز» مؤخراً أنها ستوقف إنتاجها من سيارات «ساتورن» و«بونتياك»، كما ستقوم بتصفية منتجاتها من طراز «أوبل» و«ساب»، وكانت الشركة قد استغنت بالفعل عن إنتاج سيارات ال«هامر» لصالح إحدى الشركات الصينية. من جانبها لاتزال كبرى شركات السيارات الأمريكية، تعانى التخبط الناتج عن الكساد الاقتصادى وسوء الإدارة، فى ظل تزايد حجم الصناعة فى الصين، وكوريا، والهند، وآسيا. وفى نفس الوقت، لم يكن لحالة المخاض التى تمر بها السوق الأمريكية أى أثر على نظيرتها المصرية، حيث إن ماركات السيارات، مثل شيفروليه على سبيل المثال، يتم استيرادها من كوريا. وقال يوسف منصور، رئيس مجلس إدارة شركة منصور للصناعة والتوزيع، في حديث لصحيفة «إيكونوميست» إنه «مهما بلغ حجم المشاكل فى صناعة السيارات بالولايات المتحدة، ستظل السوق المصرية تحصل على عدد السيارات التى تحتاج إليها، مضيفاً أن ما تمر به «جنرال موتورز» لا يمثل أمراً ذا شأن عظيم بالنسبة لهم. ولاتزال صناعة السيارات الآسيوية، والتى تعتمد على إنتاج السيارات منخفضة الكلفة بحجم ضخم، تمثل التحدى الأكبر للصناعة المحلية المصرية ضئيلة الحجم. وعلق جزارين، الذى أدار من قبل شركة النصر لصناعة السيارات المملوكة للدولة خلال حقبة الثمانينيات، والمتوقفة حالياً عن العمل، أن المصنعين المصريين ليسوا سعداء بالمنافسة الصينية، لأن حجم مبيعات السيارات المستوردة تعدى حالياً مبيعات السيارات المجمعة محلياً بنسبة 50٪ مما أثر سلباً على الصناعة المحلية. وأضاف جزارين أن اتفاقية أغادير، التى تهدف إلى تيسير التجارة بين مصر، والمغرب، وتونس، والأردن، قد وضعت الصناع المحليين تحت ضغط، لسماحها بتصدير البضائع ذات القيمة المضافة المحلية البسيطة دون جمارك. وقد يكون مستقبل صناعة السيارات فى مصر صعباً، رغم أن الحكومة ستبدأ تخفيض الجمارك على السيارات بصورة تدريجية تمهيداً لإلغائها تماماً عام 2019، وهو الأمر الذى سيعود بالنفع على العملاء، ويؤدى على الأقل إلى هامش الربح للتجار، إلا أنه ليس أمراً مبشراً بالنسبة لصناعة السيارات المحلية. يذكر أن العام الحالى شهد انخفاضاً فى مبيعات السيارات المجمعة محلياً بنسبة 37٪ فى شهر أغسطس، مقارنة بمبيعات السيارات المجمعة فى الخارج والتى انخفضت مبيعاتها بنسبة 31٪ فى نفس الشهر. وطبقاً لتقرير مجلس معلومات السيارات فإن ذلك يشير إلى وجود اتجاه لشراء السيارات المصنعة فى الخارج بدلاً من تلك المصنعة محلياً. وازدادت حصة السوق من المركبات المجمعة فى الخارج فى عام 2007، بحيث تخطت حصة الصناع المحليين. ومن المحتمل أن يستمر هذا الاتجاه فى ظل التخفيضات الجمركية التى سيتم تطبيقها. وأضاف جزارين محذراً، «التجميع المحلى تكلفته باهظة، ولن تتمكن صناعته من المنافسة دون حماية، خاصة فى ظل الغزو الصينى والهندى الذى يتهدده». غير أن صناعة السيارات لاتزال أمامها فرصة لتحسين أوضاعها، طبقاً لجزارين. فصناعة أدوات الأمان فى السيارات على سبيل المثال، وهى صناعة كثيفة العمالة، قد نجحت فى تصدير منتجها إلى الأسواق الأوروبية. وتابع جزارين: «مازلت آمل أن تتمكن مصر من استقطاب شركة دولية كبرى من الشرق الأقصى أو أوروبا لتبدأ تصنيع السيارات على نطاق واسع، ومن خلال اتفاقات التجارة، يمكنها أن تصدر منتجاتها إلى البلدان الأفريقية».