كانت تجربة «البديل» التى حلم بها مؤسسوها لسنوات قبل البداية الفعلية تجربة متميزة بالفعل، قادها د. محمد السيد سعيد بطريقة جعلت الجميع يحملون له مشاعر الود دائما والعرفان والتقدير، مجمعين على أن الدرس الأهم الذى تركه للوسط الصحفى ومصر كلها هو تطبيقه مبدأ تداول السلطة الذى آمن به ودعا إليه طويلا وطبقه بالفعل خلال تجربة «البديل» فى بلد يصل فيه الشخص إلى المنصب ليتركه كرها أو موتا. ووجه رئيس تحرير الجريدة «خالد البلشى» دعوة لمجلس إدارة البديل والمحررين للتكاتف وإصدار عدد خاص من الجريدة عن مؤسس التجربة، مساهمة ولو بسيطة منهم فى إحياء ذكراه وعرفانا بالجميل ومحاولة لتقديمه كنموذج على يد أبناء حلمه الذى لم يكتمل (البديل). ذلك الحلم الذى دفع فيه وقته وأعصابه وصحته أيضا. وعن مؤسس الصحيفة ورئيس تحريرها الأول، قال البلشى إنه كان رجلا على قدر مبادئه، وظل وفيا لها منذ كان واحدا من الطلاب فى السبعينيات، وكان حريصا على تقديم المثل، ونادى بتداول السلطة وطبق المبدأ على نفسه وترك تجربته الشخصية لغيره من الشباب إيمانا منه بدورهم، وقدم نموذجا لكل من يحتلون مناصبا يتشبثون بها حتى الرمق الأخير. وأضاف أن تلك التجربة كما كانت حلمه فربما تكون أيضا «وجعه الأكبر»، الذى كان مصرا حتى آخر لحظة على أن يصل بها لبر الأمان. وعلى الرغم من صعوبة الموقف عليه وصعوبة الحديث، فإن «مدحت الزاهد» مستشار تحرير جريدة البديل، ركز على المخاطرة التى أقدم عليها د. محمد فى تأسيس الجريدة.. فالجميع يعلم أن تأسيس صحيفة ناجحة بالإمكانيات البسيطة التى أتيحت للبديل كان مخاطرة حقيقية، خاصة فى حالة د. محمد الذى يعلم أن مكانه الأساسى هو عمله كمفكر، والذى تخفف من مشاريعه وارتباطاته كى يخرج المشروع للنور ولو لم يكن قَبِل الإقدام على تلك المخاطرة لما ظهرت البديل. وخلال التجربة كان طوال الوقت مهتما بالعمل على أساس سياسة تحريرية مكتوبة، وأعد بنفسه وثيقة السياسة التحريرية، التى ركزت على أخلاقيات المهنة والمعايير المهنية، وعمل على إشاعة روح الزمالة دون تمييز بين صغير وكبير. وحول اقتراح البلشى إصدار عدد خاص لتكريم د. محمد، اعتبر الزاهد أن الفكرة «وجيهة»، خاصة أن التكريم الأفضل لمؤسس البديل هو ذلك الذى يأتى من الصحيفة التى أسسها، والذى يعكس نبض المحررين الذين تدربوا فيها وتعلموا من خلال صفحاتها وساعدتهم التجربة على الانطلاق، فهى فكرة «جديرة بمحمد وجديرة بالتجربة وجديرة بالناس الذين عملوا بها». أما مدير تحرير الجريدة ياسر الزيات، فقد أشار إلى أن معرفته الحقيقية والعميقة بمحمد السيد سعيد كانت من خلال «البديل»، والتى تكشف أنه كان بالفعل على قدر مبادئه، وكان يتيح للجميع مساحات اختلاف واسعة ويقبل الرأى الآخر. وضرب مثالا علي كيفية الإخلاص لتجربة وإعطائها كل حياته لأنه آمن بها، وهو ما فعله مؤسس الصحيفة مع «البديل».. التجربة التى لم تكتمل لأن «الظروف كانت أكبر من الحلم» الذى سعى لتحقيقه. وأضاف الزيات أن من أبرز المميزات التى لا تتوافر لكثيرين، أنه كان يسمح دائما لمن حوله بالظهور، وكان أول من أتاح للزيات فرصة كتابة عمود يومى من منطق إيمانه بالحرية ومساحة أوسع للشباب واختلاف الآراء. من جانبه، قال محمد العريان، رئيس قسم الأخبار والمحافظات بالصحيفة، إن الراحل كان «أفضل من تعاملت معه على المستوى الإنسانى»، وكان يستمع إلى ما يقال حتى النهاية ومهما كانت درجة الاختلاف معه فى الرأى. وحتى فى إدارته للعمل كان يؤمن بقوة بالعدالة الاجتماعية ويطبقها فى الجريدة، فلم لكن هناك فارق فى التعامل بين الجميع أيا كانت مواقعهم فى المكان، كما لم يكن الفارق بين الرواتب المختلفة أكثر من 1/10.