أثناء عودته من الخارج بعد المشاركة فى معرض دولى للمبتكرين والمخترعين، استوقفه مسؤولو الجمارك فى مطار القاهرة وبعد تفتيش حقائبه اتهموه صراحة بأنه زور عبارة «صنع فى مصر» الموجودة على جهاز لتفتيت حصوات الكلى، لكى يتهرب من تسديد رسوم الجمارك على هذا الجهاز المستورد حسب ظنهم. وبعد نقاش طويل ومحاولات إقناع مستميتة عززها خالد ياسين المخترع المصرى البسيط بأوراق ومستندات تدل على أنه صاحب الابتكار، فما كان منهم إلا أن سمحوا له بأن يخرج بالجهاز رغم أن الشك لم يبرح قلوبهم تماماً ولكن ماذا يفعلون مع كل هذه الأوراق الرسمية التى تثبت أنه مخترع الجهاز وعبارة «صنع فى مصر» كانت صحيحة، ولسان حالهم يقول وهل هناك مثل هذه العبارة؟ خالد ياسين عبدالرحمن مصرى فى الأربعينيات من عمره وحاصل على دبلوم «صنايع»، بعد سنوات طويلة من العمل فى مستشفى المطرية «الحكومى»، استطاع أن يبتكر جهازاً مصرياً 100% لتفتيت حصوات الكلى، ويقول خالد ياسين: «عملى فى مستشفى حكومى كفنى أجهزة طبية جعلنى أسعى إلى فهم مكونات هذه الأجهزة حتى استوعبت كيف تعمل وبعدها عملت على تصنيع أجهزة مشابهة ثم قمت فى مرحلة متقدمة بتطوير أجهزة أفضل كثيراً من المستوردة». وعن فكرة جهاز تفتيت الحصوات يقول: «الفكرة جاءتنى من حفار الأسفلت فابتكرت جهاز مشابه لكنه بالطبع مختلف عنه فى الحجم والوظائف لأنه يعمل عن طريق دائرة إلكترونية تولد نبضات كهربائية (15 نبضة فى الثانية) يحولها الجهاز إلى نبضات هوائيه ثم تتحول لنبضات تردديه فى المقبض الخارجى لاجهاز، يتصل هذا المقبض بمنظار طبى يخترق جسم المريض ويستطيع تفتيت الحصوات ببراعة ودقة وسرعة شديدة ودون ألم». التجربة خير دليل على نجاح هذا الابتكار المصرى الذى يعرف فى الأوساط الطبية المصرية باسم «Egyptian Litho Triptor» حيث تمت تجربته بجامعات عين شمس والمنصورة والأزهر وقناة السويس وبالعديد من المستشفيات والمراكز الطبيبة الحكومية والخاصة مثل معهد ناصر ومستشفى التأمين الصحى، ويقول خالد ياسين: «بعد جولة طويلة من الاختبار والفحص بصورة أكثر دقة من تلك التى تجرى على البديل الأجنبى حصلت على براءة اختراع من أكاديمية البحث العلمى برقم (21051)». 200 ألف جنيه عُرضت على خالد ياسين مقابل شراء ابتكاره ولكنه رفض وعلل ذلك قائلاً: «البديل الأجنبى يبلغ ثمنه ما يعادل 160 ألف جنيه مصرى، وهو أقل من ابتكارى فى النتائج وأكبر منه فى الحجم بشهادة جهات رسمية منها وزارة الصحة، فكيف يكون ثمن حق تصنيع ابتكارى كله 200 ألف جنيه والبديل الأجنبى النسخة الواحدة منه ب 160 ألفاً». ويضيف: «أسعى إلى العثور على مستثمر أو جهة مصرية تقوم بتصنيعه هنا.. فى مصر لكى يستفيد أهل بلدى منه». ابتكارات خالد ياسين المصرى البسيط القادم من المنوفية للقاهرة قبل 23 عاماً كثيرة وأغلبها حصلت على براءات اختراع رسمية، مثل جهاز يعالج التبول اللاإرادى عند الأطفال والكبار، و«شنيور» لعمليات العظام الجراحية، وإبره مزدوجة تداوى عنق المثانة عند السيدات بعد الولادة، وابتكر أيضا جهاز مساح يدوى. وفى الطريق وصلة تخدير محكمة للعمليات الجراحية مازالت فى طريقها للحصول على براءة اختراع رسمية. ورغم هذه الابتكارات الكثيرة التى حصل معظمها على براءات اختراع فإن خالد يعتقد فى نفسه قدرة أكبر على المزيد من الابتكار والإبداع، ويطالب بدعم أكثر للمخترعين المصريين خاصة الجادين منهم ويقترح إنشاء جمعية تكون مهمتها رعاية وتوفير الدعم المالى والإعلامى لهم وتربطهم بالمستثمرين. وما يميز خالد أنه يفكر ويبتكر ويحاول أن يسوق لنفسه، وهذه مراحل مرهقة ومن الصعب جمعها ويعلق: «المخترع فى مصر بيشتغل على اختراعه فى كل مراحله دون مساعدة من أحد عكس الدول الأوروبية التى تستثمر عقول المخترعين فى التفكير والابتكار فقط ولا ترهقهم فى التنفيذ والإنتاج والتسويق». ويحكى ياسين قصة لقائه مع الرئيس مبارك قائلاً: «قابلت سيادته فى أحد المعارض التى استضافت اختراعى وأبدى إعجابه الشديد بالابتكارات التى قدمتها، وطلب من المسؤولين الذين كانوا يرافقونه صراحة أن يعمموا استخدام جهاز (تفتيت حصوات الكلى) تحديدا». ويضيف: «اعتقدت بعدها أن جميع مشاكلى انتهت وحلمت بإن أرى ابتكارى فى كل مستشفى فى مصر، ولكن بانتهاء المعرض انتهى الحلم ولم يتصل بى أى شخص حتى الآن».