بعد 15 يوماً فقط، تبدأ وزارة الصحة فى تطعيم الحجاج المصريين ضد أنفلونزا الخنازير بلقاح حديث مستورد لم يخضع حتى الآن لكل الإجراءات والاختبارات العلمية قبل طرحه فى الأسواق.. وأعلن الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، فى خبر نشرته كل الصحف الصادرة صباح الجمعة الماضى أنه «تم التعاقد مع شركة إنجليزية لتوريد اللقاح الذى يحتاج إلى 10 أيام ليبدأ مفعوله فى الجسم»، مشيراً إلى أن كل «حاج سوف يوقع إقراراً بموافقته على إجراء التطعيم على مسؤوليته الشخصية»! وتضمن الخبر معلومات مذهلة، من بينها أن الشركات الإنجليزية المنتجة للقاح تشترط على الدول المستوردة كتابة إقرار ينص صراحة على أن الشركات المنتجة غير مسؤولة عن الآثار الجانبية التى قد يتسبب فيها اللقاح.. كما تضمن الخبر أيضاً إقراراً من وزير الصحة بأن وزارته لا تعلم شيئاً عن الآثار الجانبية لهذا اللقاح! فى أى بلد فى العالم يمكن أن يحدث هذا؟ ومتى سمحت هيئات الرقابة الدوائية والصحية لشركات الدواء بأن تطرح عقاراً صيدلانياً لا تتحمل المسؤولية الأخلاقية والمادية عن الأضرار الصحية التى قد يسببها للمواطنين؟ وأى دستور دوائى أو عرف أخلاقى يعطى لمسؤول فى دولة مثل مصر الحق فى استيراد لقاح تبيعه عدة شركات مجتمعة لمن يطلبه، دون أدنى مسؤولية عليها فى تعويضات مالية أو أدبية فى حالة ظهور أعراض جانبية خطيرة بعد الحقن باللقاح؟ ومن الذى سمح لهذا المسؤول بأن يستورد هذا اللقاح غير المضمون وغير الآمن بقرار منفرد؟ وأى فوضى فاحشة سوّلت له أن ينتهك كل القوانين والدساتير الدوائية والصحية فى العالم، فيجرد المواطن البسيط من أى حماية ويعلق فى رقبته مسؤولية الآثار الجانبية لعقار دوائى لا يعرف عنه شيئاً؟ نحن نعرف، والوزير يعرف، أن وزارة الصحة، بأجهزتها ومعاملها وخبرائها، هى المسؤول الأول عن صحة المواطنين، كما نعرف ويعرف الوزير أن أى مواطن فى أى دولة محترمة يحق له أن يسوق وزير صحة دولته إلى محاكمة عاجلة، وأن يدفعه إلى الاستقالة لمجرد الاعتراف بأنه وافق على استيراد عقار دوائى بعقد إذعان يبرئ الشركة المنتجة من أى ملاحقات قضائية إذا تسبب العقار فى آثار جانبية خطيرة.. كما نعرف، ويعرف الوزير، أنه لا يحق له ولا لوزارته أن يرهب المواطنين من كارثة أنفلونزا الخنازير، ثم يستورد لهم لقاحاً لفقته عدة شركات أجنبية على عجل لاستثماره فى موسم الحج دون أن تتحمل أى مسؤولية أدبية أو مادية عن آثاره الكارثية.. كما أنه لا يحق للوزير أن يستثمر إرهاب أنفلونزا الخنازير فى حث المواطنين على الخضوع لهذا التطعيم بموجب عقد إذعان بشع يحميه من الملاحقات القضائية فى حالة وقوع كارثة صحية. ويا سادة.. لقد جربنا طريقة حكومة نظيف فى مواجهة أنفلونزا الطيور.. والتى انتهت بالقضاء على الطيور بدلاً من الأنفلونزا، وليس من المعقول أن نسمح بتكرار التجربة مع أنفلونزا الخنازير.. لأن الضحايا هذه المرة هم عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء ستحصد شركات الدواء ووكلاؤها المحليون أموالهم أولاً.. قبل أن تحصد أرواحهم! [email protected]