فى سياق مؤامرة حزب الله المخابراتية على مصر، وهى العنصر الرابع للبطء المقصود والمدبر، بغرض إفشال فكرة أن لمصر دوراً إقليمياً متجدداً ومؤثراً فى المنطقة، نلاحظ التالى: 1- إن الدور الإقليمى لا يمارس بمجرد توافق طرفين أو أكثر على ممارسة سلوك مشترك يكون قاعدة لدور. 2- الدور الإقليمى أكبر من ذلك، فيحتوى على ثلاثة عناصر تأسيسية: أولها، الشرعية الإقليمية للتدخل والوساطة، وثانيها، الحماية الإقليمية لهذه الشرعية والوساطة، وثالثها، الفاعلية الإقليمية لهذه الشرعية والوساطة. هنا تبرز عناصر مؤامرة حزب الله، حيث تركزت على إفساد منطق الشرعية الإقليمية للدور المصرى، من إخلال العمل مع حماس على بيان أن مصر غير حادبة على الصالح الفلسطينى العام، وأنها ليست المصدر الذى ينظر إليه باعتباره مؤهلاً لهذا الأمر المحورى. وتلعب بعض الأصوات المصرية، التى حياها أمين حزب الله فى خطابه الأخير هذا الأسبوع، دوراً لما قامت به من تشويش على مفهوم صياغة شرعية مصر الإقليمية، حتى إن كبيرهم ادعى فى «الجزيرة» القطرية التى يمتلكها وزير الخارجية القطرى، أن مصر ليست دولة فى أساس التكوين، وبالتالى ليست ذات عقيدة عسكرية واضحة يؤسس عليها أمنها القومى، وبالتالى ليست لها مصالح دائمة يتم الاحتراز بشأنها ومراعاتها. يأتى هذا فى سياق إعلامى مترابط مع تحية حزب الله للأصوات المصرية الشاردة، التى تحركها مصالح مالية ونفسية محددة ومسجلة عابرة للحدود من خلال شركات قائمة وارتباطات محددة ومواعيد مرصودة تنتظر الاتهام الرسمى والإدانة، فى الأغلب، أمام محكمة عسكرية، اعتماداً على تحقيقات النيابة العامة فى هذه القضية. أما الحماية الإقليمية فتبرز الرغبة فى إفشال ميكانيزمات هذه الحماية من خلال إجراء عمليات لوجيستية مخابراتية تستهدف زرع عدة خلايا للعمل المضاد للأمن القومى المصرى. فرصد ما قام به مسؤول حزب الله المخابراتى السيد قبلان من عدة سفريات إلى مصر، بهدف استكشاف فرص نجاح زرع الخلايا، بعد إقرار العملية من أعلى سلطات فى جهاز مخابرات حزب الله المشترك مع قيادة الحرس الثورى الإيرانى ثم إدخال سامى شهاب اللبنانى، وهو اسم مزور لحامل جواز سفر قانونى لبنانى.. هذا الأمر الذى يوضح مدى اتساع المؤامرة العابرة للحدود، خاصة فى ضوء اشتراك عناصر سورية وحماسوية تميل إلى جناح مشعل بارتباطاته الدمشقية والقطرية والإيرانية وقامت بالاشتراك بالتدريب لتنفيذ هذه العملية. هذه عملية اختراق تستهدف إفساد الحماية الإقليمية للدور المصرى، والتى تأتى فى سياق ما قامت به السلطات المصرية من محاولة لرأب الصدع اللبنانى - اللبنانى الداخلى بقصد تكوين مركز قوى ودور مستقل للدولة اللبنانية فى مواجة الأحزاب والقوى اللبنانية خلال التسعة أشهر الأخيرة. بعبارة أخرى، إن هذه المؤامرة ليست فقط ضد القاهرة ، ولكن أيضاً ضد استقرار واستقلال الدولة اللبنانية. أما بشأن الفاعلية الإقليمية للوساطة، فنجد وضوح دور إسرائيلى وربما تركى، وقد تحدثنا حول الدور التركى فى اختراق بعض المجالات المصرية فى السلسلة السابقة من المقالات، وضّحت الرغبة فى إفساد فاعلية الوساطة المصرية من خلال تصريح الرئيس بشار الأسد هذا الأسبوع: «إن حماس وحزب الله لن يهاجما إسرائيل عبر سوريا»، يبدو أنه مسموح لهما فقط أن يهاجماها عبر مصر. والطريف أن سوريا أعلنت أن تركيا وعدت سوريا بأنها توافقت مع إسرائيل على عودة الجولان كلياً من خلال المفاوضات المباشرة، وأنها قامت بتقديم الخرائط المطلوبة لتحقيق هذا الأمر، ولم نسمع عويلاً لقناة «الجزيرة» ولا للمتحدث الأول فيها عن الخيانة العربية كما حدث عند مصر السادات، بل قامت أصوات سورية فى صحافة القاهرة بخفض صوتها حتى تلاشى. سيقوم ليبرمان بالاشراف على هذه المفاوضات وتسريعها، الأمر الذى يقول إن هناك محاولة عظيمة ضد مصر والسعودية لإفقادهما فاعليتهما كمركزين للاعتدال الإقليمى.