* قلت لخالد مشعل رئيس المكتب السياسى لحماس: (حمد الله على السلامة)، طال غيابكم عن القاهرة عامين؟ ** فقال: نعم، ولكن الغياب لم يكن طويلاً فالمدة لم تزد عن عام ونصف العام. * هناك ترحيب بكم على المستويين الرسمى والشعبى.. فماذا تعنى الزيارة بالنسبة لرئيس المكتب السياسى لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»؟ ** أى فلسطينى تعنى له مصر الكثير، فكيف لمن يقود حركة حماس ومعنى بالصراع العربى الإسرائيلى، بالتأكيد مصر لها مكانة مركزية فى الموقف السياسى العربى وفى إدارة الصراع العربى الإسرائيلى، وزيارتنا هى استجابة لدعوة الوزير عمر سليمان، وبالنسبة لنا مصر جسر للتشاور والتفاهم سواء فى الموقف السياسى العام فى موضوع الصراع العربى الإسرائيلى، أو فى موضوع المصالحة الفلسطينية وهو موضوع أساسى. وبالتالى فمصر مفتاح مهم، ومهما اختلفنا أو اتفقنا يبقى الوزن السياسى لمصر أساسى ونحن فى الساحة الفلسطينية حاجتنا لمصر حاجة ماسة وحماس فى طليعة قوى المقاومة نحن قوة للعرب والموقف العربى ولسنا عبئاً عليه، ومن هنا فنحن حريصون على حُسن العلاقة مع مصر والتشاور مع قياداتها والتواصل الدائم بما يخدم المصالحة الفلسطينية من ناحية وإدارة الصراع العربى الإسرائيلى من ناحية أخرى بما يحقق الحقوق الوطنية الفلسطينية ويمكّن شعبنا من تقرير مصيره. * هل هذا إعلان لبدء المصالحة وانتهاء الانقسام الفلسطينى- الفلسطينى؟ ** نحن حريصون على إتمام المصالحة بأسرع ما يمكن لأنها ضرورة وطنية وحالة الانقسام حالة استثنائية لا يمكن الاستمرار فيها وهى حالة أُجبرنا عليها والشعب الفلسطينى بحاجة إلى أن يعيش فى ظل مصالحة ووحدة وطنية وليس فى ظل انقسام لأن الانقسام يلقى بظلاله السلبية على غزة بالحصار وإغلاق المعابر، وعلى الضفة بالاحتلال الإسرائيلى المباشر والاستيطان والتهويد وبناء الجدار العازل، ومن زاوية أخرى هناك سلوك قاس جداً ومدان من الإخوة فى السلطة، ونحن محتاجون أن نخرج من هذه الحالة. ونحن متعاونون مع الجهد المصرى للوصول إلى المصالحة. لكن بكل صراحة هناك عقبات فرعية كبرى تم تجاوزها، لكن العقبة الكئود اليوم هى ما يجرى فى الضفة الغربية من ملاحقة لرجال المقاومة ونزع سلاحهم بل استهدافهم بالقتل مع حملة اعتقالات واسعة وضرب لمؤسسات المجتمع المدنى وهذا كله يجرى تحت ستار تطبيق الشق الأمنى من خارطة الطريق من الطرف الفلسطينى، فى الوقت الذى لا يطبق فيه الجانب الإسرائيلى أى شىء بل يرفض الالتزام بأى بنود، فضلاً عن أنه لا يجوز أن يكون لدينا التزامات تجاه إسرائيل على حساب الوحدة والمصلحة الوطنية الفلسطينية، وما دمنا تحت الاحتلال فالمقاومة حق مشروع لكل أبناء الشعب الفلسطينى. * هل ناقشتم هذا الموقف مع الوزير عمر سليمان.. وهل هناك محاولات مصرية للضغط على فتح لتخفيف هذه الإجراءات؟ ** كان اللقاء مع الوزير عمر سليمان ممتازاً وتم التأكيد على أن هذه عقبة لابد من تذليلها، ووعد الإخوة فى مصر بتذليلها سواء بالضغط على حكومة فياض والسلطة فى رام الله أو تفعيل اللجنتين اللتين اتفقنا على تشكيلهما قبل شهور وهى لجنة فى غزة وأخرى فى الضفة تشترك فيها حماس وفتح وآخرون لحل مشكلة المعتقلين والإجراءات الأمنية الخاطئة التى تضر بالمصلحة والوحدة الوطنية وإذا لم تعالج فستعيق المصلحة الوطنية. * هل تجاوزت العلاقات ما بين حماس ومصر مسألة التصريحات التى صدرت من بعض قادة حماس إبان القبض على شبكة حزب الله بالقاهرة، وإلى أى مدى تضر هذه التصريحات بالعلاقات التاريخية بين مصر والشعب الفلسطينى؟ ** هذه الزيارة قطعا، ستجعل أية قضية خلافية فى الماضى خلف ظهورنا وأجواء الزيارة إيجابية جداً ونحن مرتاحون للقاء الوزير عمر سليمان وكذلك السيد عمرو موسى، وقلت للإخوة فى مصر يجب ألا نقف عند تصريحات البعض التى لا تعكس سياسة حركة حماس، ولا أحد يستطيع أن يمس مصر ودورها التاريخى والحاضر، ولكن ما يعيشه الشعب الفلسطينى من معاناة قاسية خاصة فى قطاع غزة بالحصار وإغلاق المعابر فى النهاية يشكل حالة غضب تدفع البعض إلى بعض التصريحات التى تحمل بعض التجاوزات ولا نقرها لأنه فى النهاية معركتنا الوحيدة مع الإسرائيليين ونحن ومصر فى خندق واحد فى وجه العدوان والاحتلال الإسرائيلى، وإسرائيل هى التى تستهدف الشعب الفلسطينى كما تستهدف الأمة العربية والدور الإقليمى لمصر، ونحن فى حماس حريصون على مصر ودورها ولا أحد يمكن أن يتجاوز مصر، ولكن فى حالة الغضب بسبب العدوان الإسرائيلى والحصار خاصة بعد حرب الصهاينة على غزة، لا شك أنها دفعت البعض لمواقف غاضبة قد يكون بها بعض التجاوز لا نقر به، ولكن ينبغى أن يؤخذ فى سياقه الطبيعى ولا ينبغى أن يؤخذ على أنه إعلان سياسة- لا سمح الله- «حمساوية» أو «فلسطينية» تجاه مصر. * ماذا ينقص حتى ينتهى ماراثون هذا الحوار.. وما الذى يمكن أن تقدمه حماس وفتح لإنهاء هذا التمزق الفلسطينى؟ ** بصراحة.. حتى ينجح الحوار ونصل إلى بر المصالحة محتاجون إلى أمرين: الأول إبعاد التدخلات والاشتراطات الخارجية عن الشأن الفلسطينى، والثانى أن نقبل ونتراضى بقواعد اللعبة الديمقراطية داخل الوطن الفلسطينى، هناك قانون وديمقراطية وانتخابات ينبغى أن نحتكم إليها ونرضى بنتائجها أياً كانت لصالح طرف أو لغيره مع العمل فى الساحة الفلسطينية سواء فى إطار السلطة أو فى إطار منظمة التحرير على قاعدة الشراكة بين الجميع. لا أحد يستطيع أن يُقصى أحداً، باعتقادى إذا استحضرنا واصطحبنا الروح الديمقراطية وروح الشراكة وعدم الإقصاء بل الاعتراف بالآخر الفلسطينى والعمل المشترك معاً فى ظل القانون وقواعد اللعبة الديمقراطية، هذا من ناحية، ثم ننأى بأنفسنا عن الاشتراطات والتدخلات الخارجية من ناحية أخرى أجزم لك بأن كل العقبات ستذلل وسننجح فى المصالحة. * هل تقصد بالتدخلات الخارجية الولاياتالمتحدة أم المجموعة الأوروبية أم مصر.. على سبيل المثال؟ ** المقصود بها التدخلات الأمريكية و(الرباعية) تحديداً، أما مصر أو أى دور عربى فلا يعتبر تدخلاً لأن الدور العربى ضرورة للقضية الفلسطينية، إنما الذى نريد أن ننأى بأنفسنا عنه ولا يجوز أن نقبله أو نخضع له أو نستقوى به هو التدخل الأمريكى أو «الرباعية». * ماذا يمكن أن تقدمه فتح وحماس للوصول إلى اتفاق نهائى؟ ** العقبات من فتح وحماس وليست من طرف واحد، والمطلوب من الجميع رفض الاشتراطات والتدخلات الخارجية وقبول قواعد اللعبة الديمقراطية، ومطلوب من حماس وفتح وجميع القوى الفلسطينية على حد سواء، ونحن جاهزون لهذا، نحن فى حماس مستعدون لقبول قواعد اللعبة الديمقراطية، وبمبدأ الشراكة فى الإدارة وليس الإقصاء ولا نجبر أحداً على شىء، كل ذلك بالحوار والتفاهم والتراضى. * أنت الرجل الأول فى حركة حماس التى تعتبر حركة تحرر وطنى.. فكيف قرأت حماس خطاب أوباما الأخير الذى ألقاه بالقاهرة؟ ** لا شك أن الخطاب تمت صياغته بذكاء شديد شاركت فيه بالتأكيد عقول متنوعة ويحمل لغة جديدة ومقاربة أمريكية وجاء فى وقت مناسب، ونقرأ فيه تغييراً واضحاً فى اللغة الأمريكية لكن الاختبار الحقيقى هو ترجمة هذه اللغة الجميلة إلى سياسات جديدة على الأرض، فالشعب الفلسطينى والشعوب العربية تحتاج إلى تغيير فى السياسات الأمريكية وليس فقط فى الخطاب الذى يعتبر خطوة إيجابية ولكنها غير كافية، نريد من الإدارة الأمريكية أن تتعامل مع المنطقة بسياسات جديدة تنصف العرب والفلسطينيين وترفع عنهم الظلم، وتمارس ضغطاً على الطرف الإسرائيلى لأنه ثبت عبر تجربة العشرين عاماً الماضية من مدريد حتى الآن أن العقبة ليست فى الطرف العربى أو الفلسطينى وإنما من إسرائيل، وبالتالى فإن المخرج من هذه الحالة نحو إيجاد حل عادل ومنصف للصراع العربى الإسرائيلى هو تشكيل إرادة دولية تقودها الإدارة الأمريكية لإجبار إسرائيل على إنهاء الاحتلال واحترام الحقوق العربية الفلسطينية، هذا التغيير فى السياسات الأمريكية على الأرض هو الدليل الحقيقى على أن أوباما نجح بالفعل فى إثبات وجود فارق فعلى بين مرحلته ومرحلة بوش، ولكن أن يظل التغيير فى حدود اللغة فلا معنى له لأن تأثير اللغة لحظى، أما التغيير على الأرض فهو عملى ودائم والناس تشعر بالفارق. المسألة الثانية، كان ينقص خطاب أوباما الإشارة إلى قضايا مهمة مثل الحديث عن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة بكل بشاعتها واستخدامها الأسلحة المحرّمة دولياً كالفسفورية واليورانيوم وغيرها، والحديث عن حصار غزة وإغلاق المعابر وتأخير الإعمار والحديث عن التغييرات التى تقوم بها إسرائيل فى الضفة الغربية، نعم كان هناك حديث عن الاستيطان ورفضه له ولكنه لم يكن كافياً، كان يلزم أن يكون فى الخطاب الأمريكى الاقتراب أكثر من التوازن، لكن يبقى هناك تغيير ملموس فى الخطاب الأمريكى وهذا أمر نرحب به ولكن الحكم سيكون على الأفعال وتغيير السياسات وليس فقط على اللغة. * لقد طالب أوباما حماس ببعض المواقف.. هل أنت مع حل الدولتين؟ ** أولاً لغة أوباما عن حماس بها شىء جديد ولكن التعامل مع حماس عبر بوابة الاشتراطات ليس سليماً، فالأصل أن حماس حركة شرعية بالنضال، وتعبر عن الحقوق الفلسطينية بوصفها حركة مقاومة، فضلاً عن شرعيتها الديمقراطية عبر صناديق الاقتراع، كما أن الإدارة الأمريكيةالجديدة فتحت باباً للحوار مع إيران وسوريا وأطراف أخرى بالمنطقة.. فلماذا فقط حماس تعرض عليها اشتراطات؟ أما قصة الدولتين، نحن كفلسطينيين ما يعنينا هو قيام دولتنا، لا أريد أن أتحدث عن قضية الدولتين، أنا الضحية ولا أملك الدولة، نصف الشعب الفلسطينى يعيش تحت الاحتلال والنصف الآخر فى «الشتات» لذلك أنا الضحية، ويعنينى كفلسطينى أن أتحدث عن الدولة الفلسطينية وحق تقرير مصير الدولة وإنهاء الاحتلال، ولا يعنينى الطرف الآخر.. هو يتعامل مع واقعه كما يشاء، أنا معنى تحديداً بقضيتى، فضلاً عن أن أحد أخطر الوجوه فى الحديث عن الدولتين مدخل لإسرائيل للحديث عن يهودية الدولة وهو فخ خطير، لذلك أرى أننا كعرب ومسلمين معنيون أن نتحدث عن حقوقنا، وليتحدث الإسرائيلي عما يراه لنفسه، فلا يعنينى الحديث عن عدوى الذى يمارس الاحتلال والقمع والشعب الفلسطينى ضحية. * تحدثت عن الآمال لدولة مستقلة عاصمتها القدس.. ما الحلول التى تراها لإقامة هذه الدولة؟ ** حدث تطور مهم فى الساحة الفلسطينية وهو توافق فلسطينى بين كل القوى الفلسطينية عام 2006 تجسد فى وثيقة الوفاق الوطنى التى تمثل برنامجاً وطنياً فلسطينياً تقاطعت فيه برامج الفصائل والحركات الفلسطينية على تنوعها، بالتالى هذا البرنامج المشترك يتكلم عن دولة على حدود الرابع من حزيران عام 1967. * تراجعت عن تصريحاتك فى إحدى صحف أمريكا ثم نفيتها.. ما تفاصيل هذا الموضوع؟ ** كان حديث ل «نيويورك تايمز» واشتمل على أخطاء فنية وتعبيرات لم تكن دقيقة كما قلتها، فحديثى عن الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران ليس حديثاً جديداً. * أنتم إذن تقبلون بالدولة الفلسطينية بحدود الرابع من يونيو، وبهذا تغيرون خطابكم السياسى حول الدولة الممتدة من النهر إلى البحر؟ ** نحن نتحدث عن تاريخ طويل يمتد إلى 60 سنة، هناك أجدادنا وآباؤنا الذين عاشوا المأساة وولدوا فى فلسطين، هذا تاريخ لا يمكن نسيانه لكن حماس وكل القوى الفلسطينية إدراكاً منها للمتغيرات الدولية والإقليمية ولواقع موازين القوى بالمنطقة ومن أجل توحيد الجهد الفلسطينى على قواسم مشتركة تم الاتفاق على هذا البرنامج، لكن هذا لا يلغى قناعات الناس بأن لكل منهم انتماءه وله تطلعاته وحقوقه، والبرنامج الوطنى يراعى موازين القوى والمتغيرات الإقليمية والدولية.. لكن السؤال كيف نشغّل هذا البرنامج؟ يجب أن نضغط ولا نقبل المساومة، وأن تظل قناعاتنا بالتمسك بحدود الرابع من حزيران وهى مرونة كبيرة من الجانب الفلسطينى فالضفة والقطاع تمثلان خُمس الوطن الفلسطينى وهذه المرونة تكفى أن نضع نقطة وبعدها نبدأ مرحلة أوسع، ونعمل على إنجازه بطاقتنا، وأعتقد أن الشعب الفلسطينى والعرب قادرون على إنجاز هذا المشروع إذا توحدت كل أوراق القوى الوطنية. * أرى من خلال الحديث قراءة عاقلة للواقع.. رغم أن البعض يتصور أن حماس تريد أن تتعامل كدولة وليس كحركة بناء على تصريحات بعض قادتها؟ ** حماس لا تحتكر الشرعية الفلسطينية، لأنها جزء من كل فلسطينى، وجزء من الدولة، نحن ليس لدينا دولة، فغزة ليست دولة، والضفة ليست دولة، مازلنا تحت الاحتلال ونبحث عن حق تقرير المصير ونتطلع لدولة بعد تحرير الأرض، أما دولة قبل ذلك فلا معنى لها، وهذا ليس موقف حماس على الإطلاق، لأنها تتعامل مع المجتمع الدولى وليس من بوابة حماس وحدها، ولكن من خلال الشرعية بكل مكوناتها ولا ندخل فى سباق فلسطينى لخطف الشرعية من هنا أو هناك، الشرعية عبر أدوات السياسة، وعبر صناديق الاقتراع، ثم نحن نتعامل مع المحيط العربى والإسلامى والإقليمى والدولى لتحقيق المصلحة الوطنية وليس الحزبية لكن فى المقابل لا يجب أن يعنى هذا إقصاء حماس، ثم أن الضغط باتجاه إقصاء- طرف ما- يدفع هذا الطرف للتشدد حفاظاً على ذاته، وفى المقابل أيضاً عندما تُعامل حماس باحترام وبحجمها وبدورها الذى تستحقه وفق المنظومة الفلسطينية وليس بمعزل أو بديل عنها فإنها تتصرف بأريحية وبشفافية ووضوح. * الخطاب الجديد لحماس ربما يذيب جبل الخلافات مع الغرب، ويتم الاعتراف بوجود حماس وفق المنظومة الفلسطينية الشرعية؟ ** منذ سنوات نقدم هذا الخطاب، ونؤمن به، ونعمل بصدق من أجله، نحن منفتحون على كل الأطراف الدولية، أنا مكتبى لا يكاد يخلو طوال الأسبوع من وفود أوروبية وأمريكية ومن أقطاب الدنيا ويخرجون من عندى بصورة مختلفة لأنهم يأتون إلينا بصورة نمطية عنا وعن قيادات الداخل والخارج، والصورة السلبية رسموها من المنظار الإسرائيلى المضلل والمحرض، ولذا أقول لهم «نحن نحب أن تسمعوا منا.. لا أن تسمعوا عنا» لأنكم عندما تسمعوا عنا تظلموننا. وآن الأوان لإنهاء التعامل مع حماس بالصورة غير اللائقة وأن يتم تقديرها واحترامها على الساحة الدولية، فنحن لا نتكلم فى أحاديثنا إلا عن مطلب شعب يريد حق تقرير مصيره. * ما الجهد المبذول فى ملف الأسرى.. وآخر تطورات الأسير الإسرائيلى شاليط؟ ** منذ سنوات ونحن نعمل على إنهاء هذا الملف، والأخوة فى مصر بذلوا جهداً كبيراً فى رعاية التفاوض غير المباشر من أجل إنهاء صفقة التبادل «شاليط مقابل عدد من أسرانا وأسيراتنا» لكن إسرائيل أجهضت هذه الجهود خاصة المفاوضات المكثفة أواخر أيام أولمرت الذى تعمد إفشالها فكان يريد شاليط بأبخس الأثمان، نحن لم نطلب الكثير، ولكن الطريقة الإسرائيلية المعروفة بالإغراق فى التفاصيل والتجزئة عرقلت المفاوضات، فقد طلبنا ألف أسير وأسيرة وأطفالاً ونساء وأعضاء بالمجلس التشريعى ووزراء وقالوا إنهم سيفرجون عن 450 ثم 550 وسيتم تقسيم العدد الأول إلى 3 شرائح، وكان للمراوغة الإسرائيلية الدور الأكبر فى فشل إنهاء هذا الملف الذى صار حالياً مجمداً، وربما نتنياهو يحاول تجاهل الصفقة، لكنه لن يستعيد شاليط إلا إذا عاد أسرانا وأسيراتنا الذين طلبناهم. * هل تتوقع من نتنياهو أن يصنع السلام وأن يرضى بحل الدولتين؟ ** بعيداً عن التوقعات، نتنياهو تاريخه معروف بالمراوغات، وأتوقع أن يتبع ذلك مع إدارة أوباما خاصة فى موضوع الاستيطان، فى الظاهر سيجامل الإدارة الأمريكية ويدعى الموافقة على وقف الاستيطان ولكنه سيراوغ فى المضمون، ويلتف حول المطالب الأمريكية بتنفيذ هذا الجهد الذى بدأ يتشكل فى المجتمع الدولى للضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان والاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، توقعى أنه ذاهب للمراوغة، وتكلمنا مع الوزير عمر سليمان والسيد عمرو موسى ليكون لدينا وعى عربى وفلسطينى حتى لا يمرر نتنياهو خديعته من ناحية، وألا نخرج من زاوية الضغط على إسرائيل وهذا مطلوب ولكنه يحتاج جهداً كبيراً. * هل يمكن الاستفادة من المناخ الدولى الداعى لإنصاف الشعب الفلسطينى ومنحه حقه فى قيام دولته، واستغلال الدعم العربى والدولى لتعزيز وحدة الأرض والشعب والقيادة لمواجهة المراوغات الإسرائيلية المحتملة؟ ** أعتقد أنه لا يمكن أن يكون هناك إنجاز فلسطينى سياسى مؤثر لاستعادة حقوقنا بدون توحيد القيادة وهو ما نسعى إليه، أن نتوحد فى إطار السلطة ومنظمة التحرير ونحن فى حماس جاهزون لذلك. * إذاً الحديث عن مرجعية جديدة ليس صحيحاً؟ ** لم نبحث عن قيادة بديلة، نحن أردنا الضغط لإعادة بناء منظمة التحرير، لذلك كان الضغط ليعاد بناؤها بعد تردى أوضاعها وتهميش دورها وانهيار مؤسساتها، لذلك كان لابد من إعادة تشكيل المجلس الوطنى الفلسطينى وانتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير لتشارك فيه جميع القوى الوطنية، ومساحة عمل السلطة فى الضفة والقطاع محدودة، بل لها دور فى الخارج يتجسد فى قضية «الشتات» كإحدى ضمانات حق العودة، وحقوقنا معروفة «الأرض والسيادة عليها، القدس، حق السيادة على المعابر، التخلص من الاستيطان» هذه مسائل يجب أن تنصهر فى شراكة وروح وطنية. * التطور فى الخلاف الفلسطينى وتصعيده إلى قنص واعتقال فى غزة أغضب الشعب الفلسطينى.. كيف تسعون لإنهاء هذه الأزمة؟ ** لم يحدث نزاع مسلح فى غزة إلا قبل سنتين ونريد تجاوز هذه الأزمة من أجل إخراج شعبنا من محنته ومعاناته وهذا يتطلب الاحتكام للديمقراطية والشراكة مع جميع الأطراف. * ما تبقى يمكن تجاوزه من أجل ذلك؟ ** إذا نجحت الجهود على الأرض برعاية مصرية، وإنهاء القمع المأساوى فى الضفة الغربية هذا سيذلل العراقيل ويعجل بالمصلحة الوطنية، وأتمنى توقف الحملة الشعواء ضد حركة حماس فى غزة وأن يتوقف التنسيق الأمنى المعلوماتى ضد الحركة، وإذا تم حل هذه المشاكل نكون قد قطعنا شوطاً كبيراً ومصر تستطيع أن تلعب دوراً بارزاً فى ذلك. * أشعر من لهجتكم بحس وطنى ومسئولية عالية.. وألمح لغة تعقل واعتدال وتفهم للظروف.. هل لعبت القاهرة دوراً فى ذلك من خلال الجلسة التى جمعتكم بالوزير عمر سليمان.. وهل سيظل الخطاب الحماسى متمسكاً بذلك؟ ** نحن نملك خطاباً إعلامياً عقلانياً.. لكن للأسف الصورة النمطية الرائجة عنا التى ذكرتها من قبل هى السبب وراء هذا الالتباس، نحن حريصون على الموقف الوطنى ولكن بعقلانية، ونحاول المزج فى معادلة دقيقة وذكية فى التمسك بحقوق شعبنا بكفاءة وأمانة، والتعامل بمرونة وواقعية وانفتاح ومراعاة المتغيرات الإقليمية، لذا نحن حريصون على هذه المعادلة الدقيقة فى حواراتنا فى مصر، وناقشنا الوزير عمر سليمان والسيد عمرو موسى حول هذه المتغيرات وخطاب أوباما والمصالحة، نحن حريصون على التواصل الدائم مع مصر خصوصاً فى القضايا ذات الاهتمام المشترك. * كيف ترى الانتخابات اللبنانية الأخيرة كمتابع.. دون التدخل فى الشأن الداخلى؟ ** نحن نحترم الانتخابات كخيار ديمقراطى لكل الشعوب فى تقرير مصيرها ونقدر حق الشعب فى اختياراته بصرف النظر عن النتائج، وكانت الانتخابات اللبنانية ناجحة ولكن لابد من فائز وخاسر مادمنا ارتضينا الديمقراطية أسلوب حياة. وقد تجلى هذا النموذج المحمود فى لبنان، حتى عندما خسر حزب الله فكان فى إطار محترم حيث عبّر عن آرائه واعترف بالهزيمة وهو سلوك ديمقراطى رائع، وحاول البعض سحب الوضع علينا، إلا أن الحالة اللبنانية لها تعقيداتها، أما نحن فى فلسطين فظروفنا مختلفة وخريطتنا الداخلية مختلفة. * ما حقيقة علاقة حماس بإيران؟ ** حماس منفتحة على محيطها العربى والإسلامى بل منفتحة على العالم ومنذ نشأة الحركة ونحن نؤمن بالعمق العربى الإسلامى لقضية فلسطين واجتهدنا فى حماس لتجنب أخطاء من سبقونا فى العمل الوطنى الذى كان ينتقل ويراوح من الصراع مع الأنظمة أو السقوط فى أحضانها نحن ضد هذا وذاك لا نقبل أن ندخل فى صراعات مع الدول العربية والإسلامية أو بما يضر بالأمن القومى العربى لأنه أمننا وسندنا ولا نقبل فى المقابل السقوط فى أحضان الآخرين نحن نريد إقامة علاقات متوازنة وأن نجعل قضية فلسطين نقطة تجمع العرب لا تفرقهم وعلى هذه القاعدة نحن منفتحون على إيران وسوريا ومصر والسعودية والأردن ودول الخليج بدرجات متفاوتة والسبب ليس حماس ولكن استجابات الطرف الآخر، حماس حريصة على علاقاتها مع المحيط العربى بذات الدرجة، فالحب لا يمكن أن يكون من طرف واحد. * لكن هذه العلاقة سبّبت عبئاً على حركة حماس؟ ** علاقتنا بإيران جلبت لنا الكثير من الاتهامات والضغوطات والتشكيكات والتحليلات، لكن حماس أو أى فلسطينى لا يلام حينما يطرق أبواب العالم طلباً للدعم فى مواجهة الاحتلال ولكن الملام هنا الذى يقصّر فى هذا الأمر، حماس لها قرارها المستقل وليست تابعة لأحد، وتدير علاقاتها بتوازن مع العالمين العربى والإسلامى والمجتمع الدولى، هذا موقفنا ويعلمه الأخوة فى مصر، فحماس تنطلق قراراتها من المصلحة الوطنية. * متى ستعود إلى مصر.. وهل سنراك فى يوليو القادم؟ **ستروننى فى القاهرة إن سارت الأمور على ما يرام وتم تذليل العراقيل لتوقيع اتفاق المصالحة الوطنية فى الشهر القادم. حوار: مجدى الدقاق