فى الأسبوع الماضى قررت أنا وإحدى صديقاتى أن نتجنب زحمة السيارات فى الشوارع ونأخذ المترو توفيرًا للوقت.. وفى عربة المترو أتانى رجل يسألنى عن أنفلونزا الخنازير وهل هى فعلا بتلك الخطورة واللا هى حاجة بيشغلوا بيها الناس والسلام!!.. وتعجبت!.. إلى هذه الدرجة أدمن الناس عدم الثقة فى الحكومة ؟.. فأجبته: «هى فعلا خطيرة، لكن افرض انها حاجة والسلام، انت هتخسر إيه يعنى لما تمشى على إجراءات الوقاية اللى بيقولوا عليها؟».. رد قائلا: «إن كان على منع البوس والأحضان، دى حاجات نسيناها من زمان، دا احنا حتى نسوانّا خلقهم تقطع الخميرة من البيت، واهو الحمد لله الحكومة خلت حجتنا بقت معانا فى إننا مانقربش منهم ونلبس الكمامة علشان نرتاح، المشكلة بقى فى الزغاليل اللى برة البيت، حد برضه يقاطع نعمة ربنا؟!». فقاطعته سيدة أخرى وصاحت: «اسم الله عليك، اللى يسمعك كده يقول إنك الفحل اللى مفيش لا قبله ولا بعده، واللى يدور عليك يلاقيك ماشى بالستر ودعا الوالدين، والنبى ياختى هى الحكومة لو تسيبها من الخنازير وتاخد الحلاليف اللى احنا متجوزينهم ويدبحوهم ويريحونا منهم.. إنما ياختى هو اسم المرض بقى صعب كده ليه؟ إيه الحروف الأجنبية دى، مش برضه النبى عربى؟ وغرفة العمليات اللى عملوها دى هيولدوا فيها النسوان؟».. فرد عليها الرجل اللى ماشى بالستر ودعا الوالدين قائلا: «يا ولية يا جاهلة ياللى شبه البؤرة، غرفة العمليات دى علشان الواحد يبلغ عنك لما تتحورى زى الفيروس وتبقى جاموسة، والأسامى الافرنجى دى للدكاترة بس، إنما عندنا أكيد هيسموه اسم تانى نفهمه، يعنى لو الفيروس ذكر يمكن يسموه مدحت ولو نتاية هيبقى اسمه فتحية».. فأجابته مستنكرة: «إيه الأسامى القديمة دى؟ وليه مش طارق لو ذكر وسونيا لو نتاية ؟».. فتدخلت فى الحوار: «يا جماعة سواء مدحت واللا سونيا اللى جابلكو يخليلكو.. بس أهم حاجة من هنا لحد ما تسموا الواد إنكم تشغلوا مخكم وتسمعوا كلام الحكومة المرة دى بس وتاخدوا الموضوع جد، لازم برضه الواحد يبقى عنده مخ مش مهلبية».. فتدخل مواطن آخر كان يتابع الحوار باهتمام: «بصراحة الحق يتقال الحكومة اليومين دول ابتدت تجيب فى الحنين، دى حتى بقت بتوزع علينا مجانا شنطة الإسعاف والمثلث وفوقهم بوسة».. وتدخل ثالث قائلا: «الصراحة الحكومة فى الأزمات بقت بتعمل اللى عليها وزيادة، أنا سمعت إن الكماين انتشرت لضبط الخنازير، ده حتى فيه كمين مسك خنازير كانوا مستخبيين بيشربوا حشيش، وكان معاهم خمور مستوردة.. وفيه كمين تانى قبض على خنازير يشتبه أنهم وراء الحوادث الأخيرة لخطف الأطفال.. والخنزير اللى الجرايد كتبت إنهم لقوه ميت فى الشارع من كام يوم، بيقولوا إنه مات فى خناقة على نسوان».. وقال مواطن آخر: «بس أنا برضه أعتقد ان الكمامات والحاجات دى مالهاش لازمة وأكيد الحكومة مزوداها شويتين».. وهنا تعجبت من إصرار المواطنين على العند مع الحكومة حين يتعلق الأمر بالصحة العامة.. وتذكرت فى أزمة أنفلونزا الطيور كيف يتبارى الناس إلى الآن فى إخفاء الطيور من الحكومة ويتناسون أنهم أقرب للمرض من أى فرد آخر.. بصراحة، دائما ما أرى أن العلاقة بين الشعب والحكومة مثل العلاقة بين الزوج وزوجته.. وفى أزمات الأنفلونزا الأخيرة، أرى أن الحكومة أصبحت مثل الزوج الغلبان الذى لا يدرى كيف يقوّم زوجته المناكفة التى تعند معه لمجرد العند حتى لو كان على حسابها.. ونزلت من المترو وتداعى إلى مسامعى أغنية لمطربة الإسكندرية الشهيرة فى الستينيات بدرية السيد: «فسحنا يا اسطى ولف ودور بهداوة تحلو السكة، خلى الحصان ويا الحنطور زى القانون والدربوكة».. يا ترى هل ممكن فى أزمة الأنفلونزا الحالية أن يصبح المواطنون مع الحكومة زى القانون والدربوكة ؟.