وماذا بعد أن عاد حجاجنا إلى ديارهم دون إصابات أو وفيات بسبب أنفلونزا الخنازير، هل تتغير سياستنا ونتخلى عن سياسة التخويف والتهديد؟ لقد كنا نتوقع كارثة خلال موسم الحج، وكانت المحاذير تشير إلى أن اختلاط الحجاج ببعضهم سوف يؤدى إلى كوارث وخاصة عندما يجتمع 4 ملايين مسلم فوق عرفات ومنهم من هو حامل للفيروس أو على استعداد للإصابة به، ومع ذلك خابت كل هذه التوقعات وبفضل الله تعالى أنعم على ضيوفه بالصحة والعافية وضلت أنفلونزا الخنازير الطريق إلى ضيوف الرحمن فى جميع الأماكن المقدسة.. وعاد حجاجنا إلى ديارهم سالمين. لا تقولوا إن حجاجنا اتحصنوا ضد هذا الفيروس قبل سفرهم.. فالمصل وحده كان أكثر أكذوبة.. لأن معظم حجاج هذا العام لم يتمكنوا من الحصول على المصل ومع ذلك أنهوا حجتهم بلا خسائر.. أى بلا إصابات أو وفيات.. لذلك أقول علينا أن نعيد حساباتنا فبعد أن كنا نتوقع إقامة المدافن الجماعية.. وأصبح الرعب يسيطر على أولادنا فى مدارسهم.. وفى كلياتهم.. أصبح مطلوبًا منا أن نعيد الطمأنينة إليهم بالتوعية نستخدم عقولنا ولا نستخدم عضلاتنا. لقد وصل بنا الحال إلى الاتجاه لإلغاء موسم الحج بعد أن قضينا على موسم العمرة بأيدينا.. بعض الشركات السياحية أعلنت رسميًا عن توقفها عن العمل فى موسم الحج بعد الخسائر التى تحملتها مصر للطيران فى موسم العمرة.. ربما لأن التخطيط كان سيئًا وقد فشل مجلس الوزراء فى التعامل مع هذا الحدث الذى أصاب أجهزتنا بالخلل بسبب تبنى منظمة الصحة العالمية لسبوبة اكتشفها وزراء الصحة العرب مؤخرًا، المنظمة أعلنت عن هذا الفيروس وهى التى تبنت الدعاية لمحاربته وكانت تنقل أرقامًا للوفيات والإصابات بين الدول الأوروبية غير حقيقية وللأسف الدول النامية انساقت وراءها ولم يظهر الرعب إلا فيها، فى حين أن الدول الأوروبية كانت هادئة تمامًا وكأن شيئًا لم يكن.. لم نسمع أن إنجلترا أو فرنسا أو ألمانيا أعلنت حالة الطوارئ فى المطارات والموانئ أو فى شوارعها فالناس كانوا عاديين جدًا.. أنا شخصيًا مازلت أتنقل حتى هذه اللحظة بين الدول.. اكتشفت أن هناك فرقًا بيننا وبينهم لم أشهد الرعب الذى نعيش فيه داخل مصر.. لا فى ألمانيا.. ولا فى إنجلترا.. ولا فى فرنسا.. الحياة تسير ولا أحد يدرى عن أنفلونزا الخنازير.. الزحام فى الأسواق وتحت الأرض فى محطات المترو.. وداخل القطارات.. لم أر أوروبيًا يرتدى «الكمامة».. ولا أعرف لماذا هذا الرعب والفزع الذى نعيش فيه فى مصر حتى غرسناه فى أطفالنا؟ فى لندن التقيت بأسرة إنجليزية علاقتى بهم منذ ربع قرن وقت أن كان أولادى يدرسون عندهم فى لندن.. وهذه الأسرة ارتبطت مع إحدى شركات السياحة لقضاء الكريسماس ورأس السنة الميلادية فى مصر.. وسألونى هل نلغى سفرنا؟ - قلت لهم: لماذا؟ - قالوا: سمعنا بالتحذيرات والمخاوف التى يعيش فيها المصريون بسبب أنفلونزا الخنازير. - قلت لهم: وهل ليس لديكم أنفلونزا الخنازير؟ - قالوا: صحيح إنها موجودة لدينا، لكنها ليست بالصورة المخيفة التى تتبنونها.. فالفيروس ضعيف جدًا ولا توجد مخاوف منه.. ثم إن الحياة عندنا عادية ولا قلق ولا رعب.. وقد كنا أقوياء لا نضع فى حساباتنا أى خوف إلى أن سمعنا أن المصريين أنفسهم يعيشون فى ذعر وهذا هو الذى سوف يجعلنا نلغى سفرنا. - قلت لهم: لا تلغوه.. واطمئنوا.. فأنا على استعداد أن أطلب لكم محافظ جنوبسيناء.. لتسمعوا منه عن حالة الأمن والأمان فى شرم الشيخ مادمتم اخترتم شرم الشيخ.. وفعلاً اتصلت بالمحافظ اللواء هانى متولى الذى أكد أن مدينة شرم الشيخ ومدن سيناء لم تدخلها أنفلونزا الخنازير وأن البلاد نظيفة وأن نسبة السياحة وإقبال السياح عليها فى تزايد لدرجة أن نسبة الإشغالات فى الفنادق وصلت إلى مائة فى المائة. - كلام المحافظ هانى متولى لم يكن للفرقعة السياسية.. لكنه كلام رجل وطنى غيور على مصر.. وأراد أن ينقل صورة أمينة لهؤلاء الأجانب ويؤكد أن مصر بخير ولم تتعرض لكارثة صحية كما تدعى بعض وكالات الأنباء. - المؤسف أن بعض الوكالات نقلت مخاوفنا بسبب السياسة الإعلامية الخاطئة والتى تبنتها الأجهزة الحكومية وعلى رأسها وزارة الصحة ثم أجهزة الحزب الحاكم.. لقد آلمنى أن نطفش السياحة بأيدينا، ونحن فى حاجة إلى هذه الحشود التى تختار بلادنا فى المناسبات والأعياد المسيحية.. فالعالم ينتقل إلينا ويتعرف علينا وبدلاً من أن نفتح له أبوابنا.. نغلقها فى وجهه بالتخويف والتطفيش.. هل هذا معقول؟ - لقد أعجبنى محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد وهو يخاطب العالم من خلال لقاءاته مع ممثلى وكالات الأنباء ويطلب منهم زيارة أسوان ليتأكدوا أن هذه المدينة نظيفة وأن سياحها يلقون رعاية صحية كاملة.. وفعلاً زاد الإشغال فى فنادقها وأصبحت تستعد لاستقبال آلاف السياح القادمين بغرض قضاء أعياد الميلاد فيها. أنا هنا لا أطلب إلا الرحمة بمصر.. أرحمونا من «السبوبات» التى تنظمها الصهيونية العالمية تجار الأدوية فى العالم الذين أصبحوا الآن أخطر من تجار السلاح، لأنهم يضحكون على العالم الثالث ب«التاميفلو».. والكمامات الواقية.. فاخترقوا منظمة الصحة العالمية لنشر الرعب والفزع حتى وصل بنا الحال للإعلان عن إنشاء مقابر جماعية فى مصر.. صحيح نحن شعب طيب يسهل الضحك عليه، لكن أين حكومتنا من هذه الألاعيب؟ - الذى يدهشنى أن وزارة الصحة اكتشفت مؤخرًا أن الإعلان اليومى عن زيادة الإصابة بأنفلونزا الخنازير ليس مطلوبًا.. فقررت أن يكون البيان كل أسبوع وليس كل يوم كنوع من التهدئة.. لكن للأسف بعد خراب مالطة.. وتحطيم نفسية أطفالنا. - على أى حال.. أتمنى أن يخرج علينا الدكتور حاتم الجبلى، وزيwر الصحة ويعترف أنه هو الآخر وقع ضحية خداع منظمة الصحة العالمية التى عبأتنا ضد أنفلونزا الخنازير وهولت من خطورتها ولا أعرف لماذا اختارتنا بالذات.. الذى أعرفه عن حاتم الجبلى أنه رجل شجاع لا يحنى رأسه للخطأ، وإذا وقع فيه يعترف لأن اعترافه لا يمحو إنجازاته التى أصبحت وساما على صدره، بعد أن أعاد ترتيب البيت فى وزارة تسلمها مهلهلة وأصلح من المستشفيات. [email protected]