سعدت كثيرا بالتصريحات التى ألقاها الدكتور مفيد شهاب، وزير الدولة للشؤون القانونية، ونفى فيها ما يشاع حول حل مجلس الشعب وإجراء انتخابات جديدة قبل نهاية العام، معلنا، بتأكيد واضح، أن المجلس سوف يستمر حتى تنتهى مدته القانونية المقررة وهى أكتوبر من العام المقبل 2010. ومصدر السعادة بالتصريحات والتأكيدات ليس فقط تبديدا لشائعات لاتزال مستمرة، وإنما لاحترام القواعد القانونية والدستورية بما فيها تلك المتعلقة بالفترة الزمنية اللازمة لتواجد مؤسسة ما، أو حتى وظيفة عامة لشخص أو منصب، حيث يكون التلاعب بالمدد الزمنية ومخالفة القوانين المرعية سببا فى تراجع المصداقية وتصاعد السلطوية، حيث لا حرمة لقانون أو قاعدة إلا بالقدر الذى يناسب وضعا أو شخصا أو جماعة فى لحظة سياسية بعينها. والحقيقة أن مجلس الشعب الحالى، رغم كل ما يثار حوله من مظان، بل وبما يكثر حوله من طعون، يعد من أكثر المجالس النيابية حيوية خلال العقود الأخيرة ليس فقط لأنه أول المجالس التى مثلت فيها المعارضة بقوة – حوالى 27% من الأعضاء، وهو ما لم يحدث فى تاريخ مصر إلا فى برلمان عام 1950، حيث كان للمعارضة 29%- وإنما لأن الحزب الوطنى الديمقراطى صار أكثر ديناميكية من أى وقت مضى، سواء من حيث عرض القوانين أو من خلال مناقشتها داخل الحزب أو فى مجلسى الشعب والشورى. وبشكل من الأشكال، فإن هناك نوعا من المنافسة البناءة بين مجلسى البرلمان حول النظر فى القوانين المختلفة بحيث باتت الحكومة واقفة على أطراف أصابعها عند عرض كل موضوع بعد أن بات واضحا لها أن زمن مرور القوانين من المجلس بسلاسة ويسر لم يعد من الأمور المضمونة، ولم يعد من الأمور المعتادة أن تعاد القوانين مرة أخرى للفحص أو للصياغة الجديدة وبالنسبة للميزانية، فإن الحكومة أخذت الأمور من أولها وباتت تطلب من المجلس- وفقا للقواعد الدستورية - أن يقرر أوجها للإنفاق لم تعرف كيف تقررها كما حدث مؤخرا مع العلاوة الاجتماعية. ولكن يبدو أن مثل هذه الحيوية لا تُرْضِى مَنْ لا يريدون للتقاليد البرلمانية الاستقرار مجلسا بعد الآخر، بل إنهم لا يريدون تفويت الفرصة فى قطع عملية النضج الجارية فى التفاعل بين الأحزاب المختلفة وجماعة الإخوان حيث تصير الوحدة ممكنة فيما يخص القضايا الوطنية العليا كما حدث مع شبكة حزب الله الإرهابية عندما اختار أعضاء كتلة الإخوان «مصر أولا» على خلاف ما صدر عن قيادتهم، والاختلاف بعد ذلك فى كل شىء آخر حيث يكون لكل أمر اجتهاد ورأى. وبالطبع فإن مَنْ يريدون قطع المسيرة لا يفعلون ذلك بتعسف، بل إنهم يحاولون طرح أسباب للملاءمة السياسية وفرضها على التقاليد والقوانين، ومنها التزاحم بين انتخابات مجلس الشعب وانتخابات التجديد الدورى لمجلس الشورى وقرب كل من هذه الانتخابات من الانتخابات الرئاسية التى سوف تأتى فى عام 2011، ومن ثم فإن عقد الانتخابات البرلمانية هذا العام، والشورى العام المقبل، والرئاسية فى موعدها، يبدو من الأمور المنطقية. ولكن مثل ذلك سوف يجعل عملية الانتخابات نوعا من اللعبة السياسية التى لا تجرى وفق قوانين كان معروفا ساعة وضعها أنها سوف تتزاحم بهذه الطريقة فى وقت ما، كما أن البلاد الأخرى لا تجد فى الأمر صعوبة حينما تتجمع الانتخابات بهذه الطريقة، ولا بأس فى كل الأحوال أن يجرى نوع من الحراك السياسى على جبهات متعددة طالما أن ذلك قد جرى الاستعداد له بالشكل الملائم من حيث الشفافية والقواعد والمصداقية. ولعل الأمر هنا هو ما يؤكد ضرورة عقد الانتخابات فى موعدها، فمن ناحية، فإن اللجنة القومية العليا للانتخابات لم تأخذ وقتها الكافى بعد للاستعداد للانتخابات البرلمانية، ومن ناحية أخرى، فإنه لا الحكومة، ولا الحزب الوطنى قد توصلا بعد إلى قانون مقنع للانتخابات يجرى التجهيز العملى له على مستوى الأحزاب واللجان، وبصراحة أكبر، ومن ناحية ثالثة، فإن الحزب الوطنى لم ينجز ما وعد به بالنسبة لقانون الانتخابات، وإنهاء حالة الطوارئ، وقانون اللامركزية أو الإدارة المحلية، وهو تأخير سببه- فيما أعلم- أن الحزب يحتاج المزيد من الوقت حتى يقوم بهذه المهمة التى تبدو أكثر صعوبة مما كان مقدرا من قبل.