تنسيق المرحلة الأولى 2025.. حقيقة وجود تغييرات لطلاب الثانوية    "الدستور" يعقد اجتماعًا مع مرشحيه المحتملين للانتخابات البرلمانية المقبلة    تحصين أكثر من 42 ألف رأس ماشية في الجيزة خلال 3 أسابيع    "الزراعة" تُعلن توصيات ورشة تنمية المهارات الشخصية للعاملين بالقطاع الزراعي    مصلحة الضرائب تحدد موعد إصدار ايصالات ضريبية إلكترونية على بيئة التشغيل    هيئة أممية تؤكد تفاقم أزمة الجوع المميتة في غزة    القاهرة الإخبارية: دخول 117 شاحنة مساعدات أمس لقطاع غزة    كمبوديا: نجاح 45 موظفا محاصرا في الفرار من معبد برياه فيهيار    صور.. وزير الرياضة يفتتح منشآت جديدة في الجيزة ويشيد بتطوير البنية التحتية    "مقابل 7.5 مليون دولار".. تقرير يكشف مصير وسام أبو علي بالانتقالات الصيفية    "مخدرات وسلاح".. الداخلية: تنفيذ 83 ألف حكم قضائي خلال 24 ساعة    إصابة سيدة في انهيار منزل قديم بقرية قرقارص في أسيوط    "وداع العمر".. مصرع سيدة تحت عجلات القطار أثناء توديع أبنائها في إسنا    جورج وسوف ناعيا زياد الرحباني: "أعمالك رح تبقى خالدة"    "بسبب الفلوس".. طالب يتخلص من حياته شنقا بشمال قنا    ترامب يعلق على الهجرة إلى أوروبا: «أوقفوا هذا الغزو الرهيب»    فلكيا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر    ارتفاع جديد للطن.. سعر الحديد اليوم السبت 26 يوليو 2025 أرض المصنع    «دفع المقابل المادي».. الغندور يكشف اقتراب بيراميدز من خطف هدف الأهلي    المعز علي: مونديال الناشئين 2025 حافز قوي لصناعة جيل جديد من النجوم    «اتطمن يا بندق هيجيب بطولات مش أهداف».. رد ناري من المنيسي على تصريحات الغندور بشأن زيزو    «كان بالونة دلوقتي لاعب عالمي».. رسائل نارية من خالد الغندور ل جماهير الأهلي بسبب زيزو    التموين خفض أسعار الدواجن المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية من 125 جنيهًا ل 110 جنيهات    شروط القبول والتسجيل بجامعة بني سويف الأهلية «تعرف عليها»    إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. شيخ الأزهر يعلق مكالمات تهنئة أوائل العام ويلغي المؤتمر    النيابة تقرر إعادة استجواب الطاقم الطبي لأطفال دلجا بالمنيا    السيطرة على حريق بدروم منزل بحي غرب أسيوط    «ميتا» تعين أحد مؤسسي «شات جي بي تي» كبيرًا لعلماء مختبرات الذكاء الفائق    القومي للطفولة والأمومة يشيد بقرار محافظ الجيزة بحظر قيادة الأطفال للإسكوتر الكهربائي بالطرق العامة    مصر تنفذ مشروعًا مائيًا لحل مشكلة انسداد مخرج بحيرة كيوجا في أوغندا ب«ورد النيل»    أمير كرارة وهنا الزاهد على قمة شباك تذاكر السينما في مصر (تفاصيل وأرقام)    مجمع الشفاء الطبي في غزة: سجلنا 7 وفيات بسوء التغذية خلال أسبوع    «توفير 1.8 مليار جنيه» .. الصحة تكشف نتائج التقييم الاقتصادي لمبادرة «صحة الأم والجنين»    بجهازي قسطرة قلبية.. دعم المنظومة الصحية ب46 مليون جنيه في البحيرة (تفاصيل)    كم مرة يجب تغيير «ملاية السرير»؟.. عادة بسيطة تنقذك من مشكلات صحية خطيرة    الاتحاد الإفريقي يرحب بإعلان ماكرون نيته الاعتراف بدولة فلسطين    وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    إعلام فلسطينى: الاحتلال يستهدف منزلا غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    ماذا قال أحمد هنو عن اطلاق مبادرة "أنت تسأل ووزير الثقافة يجب"؟    وفاة 3 رضع في غزة نتيجة سوء التغذية ونقص الحليب بسبب حصار إسرائيل للقطاع    إنتر ميامي يتعاقد مع صديق ميسي    ما هي أموال الوقف ومواردها؟.. القانون يُجيب    مصر تشارك في صياغة وإطلاق الإعلان الوزاري لمجموعة عمل التنمية بمجموعة العشرين    غينيا تتجاوز 300 إصابة مؤكدة بجدري القرود وسط حالة طوارئ صحية عامة    من رصاصة فى القلب ل"أهل الكهف".. توفيق الحكيم يُثرى السينما المصرية بكتاباته    كيف احافظ على صلاة الفجر؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم قضائي جديد بوقف أمر ترامب بشأن «حق الجنسية بالولادة» رغم قرار المحكمة العليا    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    أسفار الحج (9).. زمزم والنيل    أجندة البورصة بنهاية يوليو.. عمومية ل"دايس" لسداد 135 مليون جنيه لناجى توما    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن الدين (2)
نشر في المصري اليوم يوم 05 - 09 - 2009

أثار مقال الأسبوع الماضى حول «فن الدين» ردود أفعال غاضبة بين الكثير من القراء، وتحفظ بعضهم، ورفض البعض الآخر رفضاً قاطعاً الرأى الذى ذهبت فيه إلى أن دعاة الفضائيات يعتمدون على «التمثيل» فى تقديم المضمون الدينى، بصورة تفقده الكثير من جلاله وقدسيته، وتجنح به إلى الاستغراق فى الجوانب الشكلية والمظهرية فى الإسلام، وتفقده القدرة على التعامل مع الكثير من القضايا الحقيقية التى تتصل بالواقع المتردى الذى يعيش فى ظله المسلمون فى مصر، وفى شتى بقاع العالم.
وكان أكثر ما أثار حفيظة بعض القراء الحديث بالاسم عن بعض الدعاة التليفزيونيين الذين يمارسون الدعوة بمنطق «التمثيل» من نموذج عمرو خالد، وخالد الجندى، ومبروك عطية وغيرهم. وهو الأمر الذى يعكس حالة التقديس التى أصبحت تسيطر على تفكير الكثيرين عند النظر إلى هذه الشخصيات، من منطلق أنهم دعاة دينيون، وبالتالى فإن أى مساس بهم يعد تهجماً على الإسلام!!، ويدفع إلى تصنيف من يحلل أسلوبهم أو طريقتهم فى فئة من يغرد خارج سرب الجماعة!. والناس معذورون فى ذلك لأنهم- فى النهاية- ضحايا لهذه الأسماء التى استطاعت أن تسكن فى عقولهم ووجدانهم فى خانة الشخصيات المقدسة والذوات المصونة التى تتصدرها يافطة «ممنوع الاقتراب».
و يكفى هؤلاء «الدعاة الفنانون» عبثاً أن بلغوا بالناس هذا المبلغ ووصلوا بهم إلى حد تقديسهم ورفض أى انتقادات توجه إلى أسلوبهم الدعوى. والسبب فى ذلك الأفكار التى تتردد فى كلامهم، فأحدهم يقدم نفسه على أنه صاحب رسالة، وأنه يريد فقط أن يمتد به العمر حتى يكمل رسالته!، وغيره يقول إنه يدعو إلى تصحيح مسيرة الغرب الذى غرق فى المادية، ويحتاج إلى صوت إسلامى عاقل ليصلح ما فسد من أمره!، والثالث يردد أنه جاء من أجل إصلاح «المعوج» فى حياتنا وإعادته إلى «الطريق الصح»، وهذا جاءه النبى صلى الله عليه وسلم فى المنام وقال له «اذهب وافعل كذا»، وذلك جاء النبى لصديقه فى المنام أيضاً وقال له قل لفلان يذهب ويبلغ عنى.
ماذا ننتظر من الناس وهم يسمعون هذا الكلام سوى أن يقدسوا قائليه ويرفعوهم إلى مرتبة فوق البشر، ويرفضوا أى مساس بهم أو نقد لأسلوبهم؟!. والعجيب فى الأمر أن هذا يحدث باسم الإسلام الذى لم يجعل الدعوة إلى الله وظيفة يتخصص فها عدد من المسلمين، بل جعلها مهمة ينبغى أن يقوم بها كل مسلم، إن لم يكن كل إنسان خلقه الله «والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر». فالتواصى بالحق مهمة كل إنسان آمن بالله.
أضف إلى ذلك أن الدعوة إلى الله ليست مجرد كلام يردده البعض باللسان، وإنما هى- قبل أى شىء- سلوك. والداعية الأول والأعظم فى تاريخ الإسلام، وهو النبى، صلى الله عليه وسلم، لم يكن مجرد محدث بالقرآن بالكريم الذى يحمل رسالة السماء، بل كان- عليه الصلاة والسلام- قرآناً يمشى على الأرض. وكتاب الله نزل على المسلمين من أجل أن يُقرأ، وليس من أجل أن نسمع قصصه الشريف فى وقائع تمثيلية ترتبط بكفاءة الحكى عند هذا الشخص أو ذاك، ولهذا سماه الله تعالى القرآن.
هذا القرآن الذى تأدب النبى، صلى الله عليه وسلم، بأدبه رفض فكرة تقديس الشخص، وربط عصمة شخص النبى بالوحى، ولم ينف عنه بشريته «قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ». وبعد وفاة النبى، صلى الله عليه وسلم، كانت صيحة أبى بكر رضى الله عنه مدوية وهو يقول «من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت»، وذلك حين بدأت بوادر الفتنة والاختلال فى صفوف المسلمين أمام هذا الحادث الجلل. وقد ارتبطت الردة فى تاريخ الإسلام بفكرة تقديس الأشخاص، فالذين امتنعوا عن دفع الزكاة قالوا إننا كنا ندفعها للنبى، أما وأنه قد مات فلا زكاة علينا، وقد أطاع هؤلاء سادتهم وكبراءهم فأضلوهم السبيل حتى أعادهم أبوبكر إلى حظيرة الطاعة.
لقد حارب الإسلام فكرة تقديس الفرد، أيا كان هذا الفرد، حتى ولو كان أبوبكر الذى كان يقول للناس «إنى وليت عليكم ولست بخيركم»، أو عمر الذى قال «أخطأ عمر وأصابت المرأة»، أو عثمان الذى قال عندما لامه بعض المسلمين فى أسلوب خلافته «والله ما عاب من عاب شيئاً أجهله وما جئت شيئاً إلا وأنا أعرفه ولكن ضل رشدى»، أو على بن أبى طالب الذى نزل على حكم أصحابه الذين قبلوا بتحكيم كتاب الله فى قتاله لمعاوية، وقبل برأيهم رغم أن نفسه لم تكن راضية بذلك. فإذا كان هؤلاء الأفاضل لا قداسة لهم فكيف نفهم تلك الهالة من القداسة التى يضفيها الكثيرون على دعاة الفضائيات التليفزيونية.
إن تحرير العقل المسلم يبدأ من فك رباط تبعيته لأى شخص من هؤلاء الكبار المشاهير الذين تملأ صورهم إعلانات الطرق والشوارع أكثر مما تملأها صور الرئيس ونجله!. ولو أن غريباً زار البلد هذه الأيام فسوف يسأل عن موقع أصحاب هذه الصور فى مؤسسة الرئاسة، ومن المؤكد أنه لن يصدق بحال أن هؤلاء هم نجوم الدعوة الدينية الذين صنعتهم الشركات الراعية التى تبث إعلاناتها وسط برامجهم التى يشاهدها الناس أكثر مما يشاهدون الأفلام والمسلسلات. وقد يظن من يشاهد نجوم البرامج الدينية الذين تزدحم بهم القنوات الفضائية المصرية أن حياة المصريين هى دين خالص حتى ينزل إلى الشارع، ليفهم أن هناك فارقاً كبيراً بين دين التليفزيون ودين الواقع.
إننا ما زلنا نذكر أفكار علمائنا الأفاضل من أمثال الشيخ محمد الغزالى والشيخ حسنين مخلوف والشيخ أحمد حسن الباقورى والشيخ عبدالحليم محمود وغيرهم كثيرون، رغم رحيلهم عن دنيانا، فقد ذهب الشخص وبقيت الفكرة. وأتحدى أن يلخص لى أى شخص فى مجموعة من العبارات أفكار أو مواقف أحد هؤلاء الدعاة التليفزيونيين «على حياة عينه» أو يشير إلى كتاب قام بتأليفه، إنه فقط يستطيع أن يصف لك صورته، أو يقلد لك صوته!، تماماً مثلما يفعل «البهلوان» أو «البغبغان».
فأغلب هؤلاء الدعاة لا يقدمون أى أفكار متماسكة، بل لديهم «سيولة فى الفكر» تؤدى إلى «سيولة فى تفكير المشاهد». ولعلنا نذكر أنهم بدأوا فى الظهور فى حياتنا بصورة حادة بعد أحداث سبتمبر 2001، واجتهدوا فى استخدام الأسلوب الإعلامى «الغربى» فى صناعة نجوميتهم فى دنيا الدعوة إلى الإسلام فى طبعته «الأمريكية»!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.