تابعنا (نحن الذين قلوبنا على المحروسة) قضية استمرت شهورا رفعها المهندس كارل رايللى، وعمره 46، ضد شركة «فيرست تشويس» للسياحة متهما إياها بالتقصير وتسببها فى إصابته بتعطل مزمن فى الكلية يتطلب غسيل الكلى فى المستشفى ثلاث مرات أسبوعيا وتدهور صحته مما اضطره للتقاعد قبل الأوان. وتجنبا لمصاريف القضية ( مئات الآلاف) وتأكد محاميها أن الأدلة ضدها، رأت الشركة تجنب النطق بالحكم الذى سيصبح سابقة قضائية لها قوة القانون حسب النظام القضائى فى إنجلترا وإمارة ويلز، حيث لا يوجد قانون مكتوب وإنما تصدر الأحكام حسب الأدلة وبراعة المحامين فى المرافعات والرجوع إلى سوابق أحكام قضائية، عرضت الشركة على رايللى التسوية خارج المحكمة؛ فقبل التعويض، وهو ثلاثة أرباع مليون جنيه إسترلينى، أى ستة ملايين وثلاثة أرباع مليون جنيه مصرى. وبينما ابتسم المستر رايللى باطمئنان، وضعنا، نحن المصريين، أيدينا على قلوبنا جزعا وارتسم العبوس على وجوهنا حزنا. فكلية المستر رايللى باظت يا سادة لإصابته بتسمم حاد فى الأمعاء ثم الدم فى أكتوبر عام 2004 أثناء قضائه إجازة أسبوعين نظمتها فيرست تشويس على شاطئ أوتيل محترم فى جنوبسيناء (أخفى التفاصيل لأسباب وطنية) بعد التهامه هامبورجر يفترض طهيه على الشواية المفتوحة على شاطئ الأوتيل. المصريون هنا، من سائق التاكسى حتى دكاترة هارلى ستريت، نبذل أقصى ما فى وسعنا، سواء فى حفلة عشاء مع ناس من جنسيات أخرى، أو من نقابلهم فى الأتوبيس، أو من كان مثلى، له نافذة على الإعلام البريطانى، للترويج لمصر كمقصد آمن للسياح، و»أهلها ناس طيبين» يكرمون الضيوف. وفى كل مناسبة نحاول طمأنة الناس بأن ما يقرأونه عن الإرهاب وضرب المتشعوذين لبنات الناس لإجبارهن على التحجب، هو أحداث متفرقة تقوم بها قلة إجرامية من المهابيل والمخبولين الذين لعب الإرهابيون الدجالون الإسلاموجية بعقولهم، فيقذفون بارا أو قهوة، لأن «ناس فى حالهم» طلبوا زجاجة ستيلا مثلجة. ونطمئنهم بأن الأماكن السياحية التى يشاهدونها فى التليفزيون (لا يمر يوم واحد هنا إلا وتعرض قناة أو أكثر برنامجا أو أكثر عن عظمة ما شيده أجدادنا من إعجازات معمارية) ويتلهفون لرؤيتها هى آمنة؛ مؤكدين للبريطانيين أن مصر اسمها «المحروسة» تحويرا على مدى التاريخ من اسم الإله «حورس» الصقر الذى يشاهدونه على طائرات مصر للطيران، وعينه على الأمة المصرية التى يفرد «حورس» جناحيه دائما لحراستها. ويصدقون كلامنا مبتسمين متطلعين لزيارة مصر وآثارها العظيمة وإرسال كارت - بوستال - لنا من ابوسمبل أو الكرنك. ثم يأتى جرسون كبابجى ابن ستين «...» ليسمم المستر رايللى ويقطع رزقه مدى الحياة، ويصرخ المصريون هنا: «هو إحنا ناقصين ياولاد ال...؟». خيبتنا فى الجرانين، وستطالب الشركة الأوتيل بتعويض - وهو أقل الأضرار - وتوجه زبائنها إلى شواطئ مجاورة منافسة. هل أبلغ الأوتيل وزارة السياحة ليعملا معا لاحتواء هذه الكارثة قبل خروجها للعلن؟ أما جهاز السفارة المشغول هنا بتتبع المصريين «المهمين» فى كل مكان لإرسال التقارير عن نشاطهم، هل تابع القضية «الخيبة» المستمرة لأربع سنوات وأبلغ بها وزارة السياحة قبل جلجلة أجراس الفضيحة.. أم أنها «خارج الاختصاص»؟ هل ارسل وزير السياحة مندوبا او السفير المصرى، نيابة عن البلد كله، للاعتذار لمستر رايللى وعلاجه على نفقة الدولة المصرية؟ إذا كان معالى وزير السياحة يعلم «ومطنش» فهى مصيبة.. أما إذا كان جيش موظفيه نايم على ودانه مغمض «ومعمص» العيون ومعاليه لا يعلم، فالمصيبة أعظم والكارثة أفدح.