موعد إطلاق جامعة القاهرة الأهلية: التسجيل الإلكتروني لبيانات الطلاب تمهيدًا لإبداء الرغبات    وفقا للقانون.. تعرف على حالات تتسبب فى وقف ترقيات الموظفين    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    أسعار العملات اليوم السبت 16-8-2025.. الدولار ب48.28 جنيه للشراء    أسعار الدواجن اليوم السبت 16 أغسطس 2025.. بكام النهاردة؟    90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 16 أغسطس 2025    العالم هذا الصباح.. الأجواء الإيجابية تسيطر على لقاء الرئيسين ترامب وبوتين.. لافروف: واشنطن قد ترفع بعض العقوبات المفروضة على موسكو.. وبوتين بعد انتهاء القمة التاريخية مع ترامب: المحادثات بناءة وإيجابية    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي    18 قتيلا و24 مصابا في حادث سقوط حافلة وسط العاصمة الجزائرية.. صور    مساعد الرئيس الروسي: لم يتم بحث عقد اجتماع ثلاثي بين بوتين وترامب وزيلينسكي    إعلام فلسطيني: جيش الاحتلال يوسع نطاق العمليات العسكرية شمالي قطاع غزة    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في شمال غرب باكستان إلى 220 شخصا    جدول مباريات اليوم.. الزمالك ضد المقاولون.. ظهور مرموش.. ومواجهة برشلونة    لماذا بكى محمد صلاح بعد مباراة ليفربول وبورنموث؟ (فيديو)    اليويفا يتضامن مع أطفال غزة| «تويتة صلاح».. صاروخ في صدر العدوان الصهيوني    «أدوله حقه الماتش اللي فات شيلتوه الليلة».. رضا عبدالعال يوجه رسالة ل جماهير الأهلي بشأن نجم الفريق    الطقس اليوم.. انكسار الموجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 36    استخراج سائق وتباع احتجزا داخل سيارة نقل انقلبت أسفل كوبرى أكتوبر.. صور    ننشر أسماء ال10 حالات المصابين بالتسمم في جنوب المنيا    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    وفاة والدة الفنان صبحى خليل وتشييع جثمانها بعد صلاة الظهر بالغربية    تفاصيل إخلاء سبيل عبد الرحمن خالد في واقعة فيديو المتحف المصري الكبير    هاني شنودة الأبرز.. تكريم 12 مُبدع بافتتاح مهرجان القلعة للموسيقى    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    مدير الرعاية الصحية بالأقصر يقود جولة على 5 مستشفيات لمتابعة خدمات المواطنين    اليوم.. سيولة مرورية بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    إخلاء سبيل صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    السيسي يوافق على ربط موازنة الهيئة الوطنية للإعلام لعام 2025-2026    أول تعليق من مدرب فاركو بعد الخسارة أمام الأهلي    عيار 21 الآن بالمصنعية.. سعر الذهب اليوم في مصر السبت 16-8-2025 بعد الهبوط الكبير    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    حلا شيحة تفاجئ جمهورها ب إطلالة محتشمة في أحدث ظهور.. ماذا قالت؟    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    بعد حريق محطة سلوا، عودة الكهرباء إلى أكثر من نصف مساكن إدفو في أسوان (صور)    هل كتبت انتخابات الشيوخ نهاية الأحزاب ذات المرجعية الدينية؟ صبرة القاسمي يجيب    الصحة تخصص خطا ساخنا لمعرفة أماكن توفير تطعيم السعار    ترامب يغادر ألاسكا بعد قمته مع بوتين    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    حيل ذكية لتخفيف الغثيان في الشهور الأولى من الحمل    محمد معيط يشارك في عزاء وزير التموين الأسبق علي المصيلحي    بالأسماء.. تفاصيل إصابة 10 أشخاص من أسرة واحدة باشتباه تسمم جنوب المنيا    مصرع طفل غرقا في حمام سباحة ببني سويف    محاكمة 53 متهمًا في قضية "خلية القطامية".. السبت    عبيدة تطرح فيديو كليب أحدث أغانيها «ضحكتك بالدنيا»    قرار عاجل من النيابة بشأن صاحب فيديو المتحف المصري الكبير    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    السيطرة على حريق بمحطة كهرباء الحصايا بأسوان    «مرسال» يعلن إطلاق مبادرة الإستثمار الزراعي في كينيا    ب«الجبنة القريش والبطاطس».. طريقة تحضير مخبوزات شهية وصحية (خطوة بخطوة)    ماذا قال ريبيرو بعد فوز الأهلي على فاركو برباعية ؟    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم ورياضة.. كليات ومعاهد متاحة والحد الأدنى 2024    «لو بتكح كتير».. تحذير قد يكشف إصابتك بمرض رئوي خطير    وزير الأوقاف يختتم زيارته لشمال سيناء بتكريم 23 شابا وفتاة من حفظة القرآن الكريم بقرية 6 أكتوبر بمركز رمانه (صور)    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    خطيب المسجد الحرام: الحر من آيات الله والاعتراض عليه اعتراض على قضاء الله وقدره    حكم من مات في يوم الجمعة أو ليلتها.. هل يعد من علامات حسن الخاتمة؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معارك فكرية .. الفن
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 08 - 2009

فى مطلع عام 1944م، دارت هذه المعركة «القديمة - المتجددة» والتى طرحت سؤالاً حول ماهية الفن والإبداع.. حول الفن للفن.. والفن للمجتمع، وبدأت أولى جولات هذه المعركة على صفحات مجلة «الثقافة» فى 4 أبريل من عام 1944م، وكان هناك ثلاثة أطراف أساسيون فى هذه المعركة، هم: أحمد أمين وتوفيق الحكيم وعبدالوهاب عزام.
وكانت هذه المساجلة قد بدأت بعنوان: «مستقبل الأدب العربى»، حيث دبج أحمد أمين مجموعة مقالات فى مجلة الثقافة الجديدة حول هذا المعنى، وقد عرض أحمد أمين لضرورة تأسيس أدب جديد يعنى بالإصلاح الاجتماعى، وعرض فى سياق مقالاته للأدب الاجتماعى الأمريكى وهاجم الأدب الذى يعتمد على التراث القديم ويستوحى أساطير اليونان والرومان وغيرهما، فرد عليه توفيق الحكيم مؤكداً أن الأدب الأكثر بقاءً وخلودًا هو الذى لا يرتبط بالأحداث ولا المشاكل الاجتماعية العامة وأن بقاءه وخلوده مرتهن بالتجربة الإنسانية ومرتبط بتجربتها فى العموم.
وهاجم توفيق الحكيم دعوة أحمد أمين إلى «أخلاقية الأدب»، وقال إن الفنان ليس مطالبًا بأن نحدد له طريقاً ونهجًا بشكل مسبق حيث يتعين أن يكون الفنان حراً. وكان الحكيم فى هذا متأثرًا بالنظرية الغربية التى تفرض فصل الأدب عن المجتمع، ورأى البعض آنذاك أن هذه النظرية تخدم الاستعمار وتشجع على التغريب، وأنه يتعين ألا نقبل بها دون فرز مدقق لها ولا ينبغى قبولها على علاتها.
أحمد أمين: للمجتمع
أول واجب على الأدب العربى فى نظرى، أن يتعرف على الحياة الجديدة للأمة العربية ويقودها ويجد فى إصلاح عيوبها ويرسم لها مثلها الأعلى ويستحثها للسير إليه. إن الأدب العربى إلى الآن تغلب عليه النزعة الفردية لا النزعة الاجتماعية. وأرى أن الأدب العربى يجب أن يتجه من جديد - بقوة ووفرة - إلى النزعة الاجتماعية حتى يعوض ما فاته منها، ومستقبل الأمم العربية وحاضرها فى أشد الاحتياج إلى الأدب الاجتماعى ينهض بها.
أطمع فى أن يكون لنا فى الأدب العربى أمثال برناردشو فى الأدب الإنجليزى وأنانول فرانس فى الأدب الفرنسى وتولستوى فى الأدب الروسى وأمثالهم ممن وقوفوا أدبهم على خدمة المجتمع وإشعاره واستثارته إلى التسامى.
وهذا هو الأدب الأمريكى يحمل لواءه اليوم رجال مارسوا الحياة العملية فى شتى شؤونها، ثم لم يكتبوا فى خيال أو أوهام وأحلام، وإنما يكتوب أكثر ما يكتوبون فى مشكلاتهم المالية ومسائلهم اليومية وحياتهم الاجتماعية، وأكثر هؤلاء لا يستوحون أساطير اليونان وإنما يستوحون مجتمعهم وما فيه وما يصبو إليه وللأدب العربى أن يستوحى أمرأ القيس أو شهرزاد ولكن يجب أن يكون ذلك نوعا من الأدب لا كل نوع وهو النوع الغالب ولا هو الأرقى.
والذى أوقع الأدب العربى فى هذا النقص أن الأدب ظل من ظلال الحياة الاجتماعية، وللبيئة أثر كبير فى تكوينه.
والأمم العربية قضت عهداً طويلاً فى دور قوى فيه الوعى الفردى ولم يقم فيه الوعى الاجتماعى شأن الأمم كلها ولكن الأمم الحية قطعت هذا الدور، وتعلمت الوعى الاجتماعى والأمم العربية لا يزال الوعى الاجتماعى فيها فى حالة التكون لم يتم ولم يقو.
فالوعي الاجتماعى يكون حيث يكون شعور أفراد الأمة بعلاقاتهم وخيرهم وتجاه تفكيرهم وإرادتهم لخير المجتمع بجانب الشعور بالتفكير والإرادة فى أشخاصهم.
إن الأمم الشرقية فى بدء عهدها بالوعى الاجتماعى يجب أن يكون لها أدباء يدفعون هذا الوعى العام إلى الأمام حتى يكمل وينضج.
إنه - أى الأستاذ توفيق الحكيم - قلب غرضى رأساً على عقب ونسب إلىَّ ما لم أقل. إنى دعوت إلى أن يكون من مصادر الأدب حياتنا الاجتماعية التى نحياها فيكون لها روايات تمثل بؤس الشعب وإغلالها والاستعداد بها وتدعو إلى حياة اسمى من حياتنا وإلى تكسير أغلالنا والثورة على الظلم الذى ينتابنا، فاستنتج من هذا استنتاجاً عجيباً، أنى أدعو إلى المادية وإلى تسخير الأدب فى خدمة العيش وأنى أربد - على حد تعبيره - أن استخدم الأدب للدعايات الاجتماعية.
لا يا أخى، فرق كبير بين الدعوة إلى أن يكون من مصادر الأدب الحياة الاجتماعية والوعى الاجتماعى وبين الدعوة إلى مادية الأدب وتسخيره للأغراض الوضيعة، فالأدب الاجتماعى قد يكون فى اسمى مراتب الروحانية.
توفيق الحكيم: للفن
مع الأسف أرانى مضطراً لأن أقول إن استيحاء أساطير اليونان والرومان وامرئ القيس و«شهرزاد» هو النوع الأرقى فى الأدب، فى كل أدب، لا فى الماضى وحده ولا فى الحاضر. بل فى الغد أيضا وبعد آلاف السنين ما دام الإنسان إنسانا، وما دام رقيه الذهنى بخير لم يصبه نكاس، فالإنسان الأعلى هو الذى يصون «الجمال الفنى» من الاستغلال فى أى صورة من صوره.
ويحتفظ به لمتعته الذهنية وثقافته الروحية. وأن اليوم الذى نرى فيه «الأدب» قد استخدم للدعايات الاجتماعية والتصوير استغل فى معارض الإعلان عن السلع التجارية، و«الشعر» جعل أداة لإثارة الجماهير فى الانتخابات السياسية، لهو الذى نوقن فيه بأن الإنسان قد كر فانقلب طفلا يضع فى فمه تحف الذهن وطرف الفكر لأنه لا يدرك لها نفعاً غير ذلك النفع المادى المباشر، والأدب الأمريكى الذى يعجب به أحمد أمين هو فى أغلبه صحافة راقية أكثر مما هو أدب حقيقى. والأدب الحقيقى فيه هو ما استند إلى أساطير اليونان والرومان، أى مخلوقات الإنسانية التى أبدعتها أحلامها وخيالها الرائع.
فالخلاف بينى وبين الأستاذ أحمد أمين هو على معنى الرقى، فأنا لا أسلم أبدا بأن رقى الإنسان هو فى تقدم أسباب معايشه المادية، هذا حقا هو الرقى بالمعنى الأمريكى ولكن الرقى بالمعنى الإنسانى المثالىشيء غير ذلك. أن الإنسان الأعلى ليس ذلك الذى يضع كل شىء فى فمه.. ولكنه ذلك الذى يشعر بحاجته إلى متع معنوية وأغذية روحية وأطعمة ذهنية لا علاقة لها من قرب أو بعد بتطورات حياته المادية أو الاجتماعية.
إن مطامع الناس شاءت أن تمتد أيديها الفانية إلى هذا الجوهر السامى لتسخره فى شؤون الأرض، فرأينا الشعر والأدب يتجهان إلى غايات نفعية.. فاستخدم الشعر أحيانا لمدح الملوك والأمراء من أجل المال والثراء، أو لنشر الدعوة فى الدين والسياسية من أجل الثواب أو الجزاء.. ولكن كلمة الفن هى العليا دائماً.
بملك ما لا يسلم به الأستاذ أحمد أمين، فهو يعتقد الفن المسخر لخدمة الضرورات اليومية فى المجتمع هو الفن الأرقى متأثراً ولا ريب بتلك النظريات الحديثة فى السياسة والاقتصاد التى ترمى كلها إلى تملق الجماهير ومداهنة الدهماء ومصانعة الجماعات والنقابات ومسايرة الكتل والسواد من الناس والشعوب.
أما إذا كان فى الإمكان وجود فن يخدم المجتمع دون أن يفقد ذرة من قيمته الفنية العليا، فإنى أرحب به وأسلم من الفور بأنه الأرقى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.