لم يتخط عمر الطفولة، لكنه يحمل على عاتقه ثقلا يكل منه الرجال، لم يشتر فانوسا ولم يشارك من فى عمره زفة قدوم رمضان، عالمه مختلف تماما، أوناش وأثقال وعمل لا يتوقف من أجل توفير مصروفات أسرة تدور فى قواديس الفقر، لم يكن أمس الأول، يوما عاديا فى حياة «محمد» البالغ من العمر 12 عاما، وقف إلى جوار الونش فى شركة معالجة القطنيات، فى الزاوية الحمراء لتنزيل الأقطان، حدث ماس كهربائى فى الونش، تسبب فى صعق الصغير، حمله عاملان مثله إلى المستشفى ولفظ أنفاسه، تلقى اللواء اسماعيل الشاعر مساعد أول وزير الداخلية لمنطقة القاهرة، مدير الأمن، إخطارا بالمأساة وصرحت النيابة بدفن الجثة.بدأت التفاصيل القاسية قبل سنوات حين جاء الطفل محمد على رضا، إلى الدنيا فى أسرة تعيش تحت خط الفقر، عاش بضع سنوات، هى كل طفولته، بعدها التحق بالعمل فى الشركة السورية لمعالجة الأقطان، فى المنطقة الصناعية، بدأ العمل على الونش، يحمل أقطانا على ظهره مثل غيره من العاملين باليومية، أمس الأول أستيقظ مبكرا وقصد المصنع وبدأ «وردية العمل» وقف إلى جوار الونش الكهربائى ينتظر نزول «بالات القطن» لنقلها، فجأة حدث ماس كهربائى، وحاول أن يصرخ فلم يستطع، أراد أن يفلت من التيار ففشل، سقط على الأرض فاقدا القدرة على النطق والحركة، حمله اثنان من العاملين معه إلى المستشفى العام، وبتوقيع الكشف الطبى عليه تبين أنه فارق الحياة . وصل الخبر الشؤوم إلى والدته «ابتسام أحمد-43 سنة»، لم تحتمل الصدمة وأطلقت صرخات جمعت كل جيرانها فى «بلوكات المساكن»، أسرعت إلى المستشفى ولم تصدق أن «محمد» لن يعود فى نهاية كل يوم من عمله، يملأ البيت عليها سعادة .كيف تكون نهاية الاسبوع من غير مساعدة «رجل البيت». قالت فى التحقيقات الأولية التى أشرف عليها اللواء فاروق لاشين مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة إنها لا تشك فى أن أحدا تسبب فى مصرع فلذة كبدها، لأن الجميع كانوا يحبونه، لكن شيئا واحدا، اسمه «الفقر» هو الذى قتله وقتل كثيرين قبله بعد أن حرمهم من طفولتهم والحياة الكريمة. وقال زميلى الضحية أمام اللواء أمين عز الدين مدير مباحث القاهرة إن ماسا كهربائيا حدث فى الونش تسبب فى مصرع زميلهم وأن قدره وظروفه دفعوه للعمل فى هذه السن الصغيرة وأكدوا أنهم لا يشتبهون فى أن تكون الواقعة جناية.