دعانى تليفزيون «القدس» مساء الأحد لمناقشة «توصية برلمانيين بريطانيين للحكومة بفتح حوار مع المعتدلين فى حماس»، بمشاركة أحد قيادات الحركة فى دمشق. تعبير «معتدلين»، ابتدعناه، نحن الصحفيين للملتزمين بالحلول السلمية القانونية، و«المتطرفين» لممارسى العنف، فدخل التعبيران القاموس السياسى. صدر تقرير لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس العموم، الأحد، عن فرص السلام عقب جولة اللجنة لتقصى الحقائق فى الضفة الغربيةوغزة وإسرائيل والأردن؛ والاستماع لأقوال المعنيين، وآخرهم مفوض اللجنة الرباعية، تونى بلير الشهر الماضى. اقتراح البحث عن «معتدلين» من حماس للتفاوض، طرحه بلير، وقبله اللورد مالوك براون (وزير شؤون الشرق الاوسط وآسيا فى الخارجية البريطانية)، ضمن البحث عن وسيلة تفتح الباب أمام إيصال المعونات الإنسانية لغزة. كثير من الإعلاميين العرب انتقوا لبرامجهم عبارة واحدة هى «امكانية الحوار مع معتدلين من حماس» من تقرير طوله 40 صفحة. وعندما طلبت تفسير مسؤولى 10 داوننج ستريت (مكتب رئيس الوزراء) صبيحة الاثنين أجابوا حرفيا ب«موقفنا الرسمى عدم التعامل مع منظمة إرهابية، كحماس، بقنابلها الانتحارية ضد المدنيين»، أما المعتدلون فيمكنهم إيصال التزامهم بالاتفاقات الموقعة «عبر القنوات الشرعية»؛ وقصدوا السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس المعترف بها دوليا. الالتزام بالاتفاقيات التى وقعتها السلطة الفلسطينية شرط اللجنة الرباعية (الأممالمتحدة، أمريكا، روسيا، والاتحاد الأوروبى) الذى ذكره تقرير اللجنة البرلمانية؛ ولذا كررت، فى تليفزيون القدس، فكرة بلير بفصل الاعتبارات الإنسانية عن الأيديولوجية، فيتمكن الاتحاد الأوروبى من إيصال معونة مليارات الجنيهات إلى الناس «إللى مالهومش دعوة بالسياسة». لكن القيادى الحماسى اعتبرها «مؤامرة» لإرغام الشعب الفلسطينى «البطل» على التخلى عن المقاومة! كانت اتهاماته للرئيس عباس ومنظمة فتح أكثر حدة من انتقاده لإسرائيل؛ ويبدوا أن قلب النظام السورى أكثر عطفا على الفلسطينيين من قلب رئيسهم محمود عباس! ونبهت مقدمة الحلقة إلى توصية برلمانية قدمها النائب دانيال كاوتشينسكى يوم 3 يونيو بإعادة وزارة التنمية الدولية البريطانية، النظر فى ترتيب أولويات المعونات الدولية لتنسجم مع مصالح السلام والالتزام بميثاق حقوق الإنسان وقدم للبرلمان تقرير الشبكة العربية فى حزب المحافظين (وكاوتشينسكى ممثلها البرلمانى) عن أرقام الأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبى، ووزارة التنمية الدولية، خلاصته أن نصيب الفرد من سكان غزة من أموال الإعمار فى شهر مارس فقط يساوى نصيب الفرد المصرى من الناتج القومى طوال عام 2007/2008؛ وأن نسبة الأطباء لعدد السكان فى فلسطين تبلغ أربعة أضعافها فى مصر. ورأى كاوتشينسكى أنه من غير المعقول تدفق الدعم على غزة تحت سيطرة «منظمة إرهابية ذات سجل مخجل فى حقوق الإنسان، بينما تحرم من الدعم شعوب بلدان كمصر التى تحارب التطرف والإرهاب فى الخندق نفسه مع بريطانيا». وبينما يتماثل نصيب الفرد من الناتج القومى فى الكونغو مع المغرب، فان الأولى تحتل المرتبة العاشرة فى أولويات الدعم الخارجى البريطانى بينما لا تظهر بلدان الشمال الأفريقى أو الأردن «ذات الدور المحورى فى السلام» على قائمة العشرين بلدا الأولى التى حصلت على ما يقابل تريليونين ونصف (2500 مليار) جنيه مصرى فى العام الماضى من بريطانيا. فأوروبا تتجه اليوم لاستقطاع أجزاء من المعونة لمناطق»تدعم الإرهاب أو تنتهك حقوق الإنسان» لمنحها لشعوب اكثر حاجة فى «بلدان تحارب الإرهاب»؛ ولذا فعزلة حماس وعنادها خطر على معونة غزة. مذيع القدس والقيادى الحماسى اعتبرا تحذيرى بشان توصية المعونة خروجا على موضوع الحلقة!