مواقف وطرائف يكتبها جلال علام

وجدت نفسى أستكمل حديثى فى مقال الأسبوع الماضى، ورفضى إطلاق كلمة «هروب» على اللاعبين المصريين أبطال رفع الأثقال بعد دورة البحر الأبيض المتوسط. لقد علمت أن كثيراً من البعثات المصرية يحتفظ فيها إدارى البعثة بجوازات سفر اللاعبين معه حتى العودة، رغم أنهم رجالاً أو فتيات، أعمارهم أكبر من سن الرشد. هذا امتهان لكرامة الرياضى الذى ائتمنته مصر على تمثيلها فى المحافل الدولية، وأيضاً هذا ضد حقوق الإنسان، ولو أبلغ اللاعب البوليس فى أى دولة سيدخل الإدارى السجن، لأن ذلك يعتبر عملاً من أعمال السخرة.
والحقيقة أن المهندس حسن صقر ورجاله بالمجلس القومى للرياضة بريئون من كل ذلك، وأستطيع أن أؤكد أثناء فترة رئاستى للاتحاد المصرى للأسكواش، أننى وجدت الحرية الكاملة من المجلس القومى للرياضة التى أكدت التزامى لجميع اللاعبين واللاعبات فى التمتع بكل حق من حقوقهم. فقد سافر العشرات كل شهر لتمثيل مصر فى بطولات دولية، من أستراليا حتى اليونان بدون إدارى، بل كنت أحرص على تسهيل حصولهم على تأشيرات الدول بتأكيدات للسفارات فى مصر.
وعندما كنت مع زملائى أعضاء مجلس الإدارة ندعم لاعباً أو لاعبة نمنحها شيكاً بمقدار الدعم وتسافر اللاعبة بمفردها، وليس هناك حكر أو سطوة لأى اتحاد رياضى فى العالم على حرية لاعبيه. ويجب أن يتلقى اللاعب كل التسهيلات ليجوب العالم، ويرى نفسه فى مرآة الرياضة العالمية، ولا يقتصر الأمر على معسكرات مغلقة فى مصر.
كان يجب على كرم جابر عقب فوزه بالذهبية أن يطوف البلاد والقارات محتفظاً بمصريته بتشجيع ودعم من اتحاده، وكان هذا هو الطريق الوحيد لبناء شخصيته المفقودة فى صراعات مع اتحاد لعبته.
أتذكر سنة 1971 منذ 38 سنة بالظبط عندما كنت رئيساً لفريق مصر الدولى فى بطولة العالم بنيوزيلندا للأسكواش التى أبهرتنى مع زملائى أعضاء الفريق بطبيعتها وجمال سكانها. إنها جنة الله فى الأرض. وفى التجهيز لمغادرة هذا البلد الرائع أخبرنى أحد لاعبى الفريق بأنه لن يعود مع البعثة إلى مصر، وسيظل فى نيوزيلندا بعد أن طلب منى الوقوف بجانبه وفعلت.
 وفى مطار أوكلاند استعداداً للطيران إلى مصر، أفصح اللاعب للإدارى بأنه قرر عدم العودة والبقاء فى نيوزيلندا، ورأيت إدارى البعثة يشيط غضباً فى المطار منفذاً تهديده للاعب بسحب جواز سفره وتذكرة الطائرة عقاباً له، وأخذهما فعلاً تاركاً صبياً لم يتجاوز العشرين عاماً فى أبعد دولة على الخريطة 28 ساعة طيراناً دون جواز سفره وتذكرته فى قسوة بالغة.
وعندما وصلنا إلى مصر وعلم المرحوم الميجر مراد رئيس البعثة بما حدث استاء غاضباً كيف نترك أحد أولادنا بهذه الطريقة القاسية، وأمر فوراً بإعادة جواز السفر والتذكرة إلى اللاعب فى نيوزيلندا عن طريق وزارة الخارجية. وعاد اللاعب بإرادته إلى وطنه بعد قضاء عام كامل حقق فيه غايته.
يجب أن نترك الحرية لكل رياضى للبحث عن الكنز المفقود بالنسبة له، ربما يجده فى مصر أو خارجها، وفى النهاية هو سفير فوق العادة لمصر فى كل مكان.
إيه رأيكم فى الكلام؟.. هائل يا جلال.