منذ سبعة وخمسين عاما يحتفل المصريون بثورة 23 يوليو 1952.. تلك الثورة التى اندلعت فغيّرت أوضاع المصريين الذين أيدوها وساندوها وحفرت فى الوجدان والعقول مفاهيم جديدة عن العدالة والحرية وتكافؤ الفرص.. لدى قيام الثورة كانت المعارك عديدة وضارية وقادها جمال عبدالناصر مستمدا قوته وقدرته من التفاف المصريين- بل شعوب الأمة العربية بأسرها- حوله.. حققت الثورة إنجازات يستحيل إنكارها، وتوقفت مسيرتها الأصلية برحيل قائدها ومفجرها.. توالت التغيرات والمتغيرات بكل الأدوات المتاحة لأعدائها تنفيذا ل«الوعد» الأمريكى: لن نسمح بظهور ناصر آخر؟! نعم حدثت انكسارات وأصعبها هزيمة يونيو.. لكن الشعب الواعى والمؤمن بثورته أفشل المخططات المعادية.. ويكفى أن نتأمل أوضاعنا حتى فى ظل الهزيمة وكيف كان لكلمتنا ثقل لا يضاهَى.. وكيف كان الأعداء يعملون لنا ألف حساب!.. بسبب مؤكد وهو أننا رفضنا الهزيمة ونهضنا من بين ركامها لنذيق العدو الإسرائيلى أشرس وأطول وأوجع حرب خاضها مع العرب وكان المشهد المهيب فى حرب أكتوبر 1973 حديث الدنيا وهى تتابع ملحمة شعب يخوض حرب تحرير وينتظم فى عمله كالساعة.. تغيرت التوجهات بانقلاب حاد.. وتغيرت معها أحوالنا.. لكن الثورة لم تمت كما أرادوا وتواصل تأثيرها حتى طال هوجو شافيز رئيس فنزويلا الذى قال: أنا ناصرى! ومن الغريب أن يقول البعض الآن إن علينا البحث عن عيد قومى آخر؟! إن الثورة الفرنسية التى اندلعت عام 1789 وأصدرت إعلان حقوق الإنسان فى نفس السنة وتعاقبت التغيرات عليها وقامت إمبراطورية على رأسها بونابرت ظل الفرنسيون لأكثر من قرنين يحتفلون بذكراها بغض النظر عمن يحكم.. إن ثورة يوليو ألهمت وتلهم كل المتطلعين إلى الحرية والعتق من الهيمنة الأجنبية.. يستحيل أن تفقد الشعوب إيمانها بحقوقها إدراكاً منها أنه فى النهاية لا يصح إلا الصحيح.. وستظل ثورة يوليو خالدة خلود الزمن.. وسنظل ومعنا أحرار العالم نحتفل بذكراها.. وكل سنة والجميع بخير. فريدة الشوباشى كاتبة صحفية