وسط مخاوف من تأثير سلاحى «المال» و«القبلية» على «حسن اختيار» الناخب الموريتانى لمرشحيه التسعة فى الانتخابات الرئاسية التى جرت أمس، بما قد يحول السنوات ال 5 المقبلة إلى «عجاف» تعيد البلاد إلى المربع رقم واحد، يعول المتفاؤلون من المتابعين للمشهد السياسى فى موريتانيا على الرقابة الدولية والوعود الحكومية الرنانة بضمان شفافية الاقتراع، الذى سبقه بيومين قرار السلطات إغلاق إذاعة «من أجل موريتانيا» المعارضة. من هنا، دارت المعركة الانتخابية فى موريتانيا - وقد تستمر حال عدم حسمها من الجولة الأولى - محتدمة بين وعود الحكومة وتشكيك المعارضة من جهة، والاتهامات المتبادلة بين المتنافسين من جهة أخرى على «إرث تركة ولد الطايع»، الذى يُنظر إلى الانقلاب الأول الذى أطاح به فى 2005 حتى الآن، باعتباره سقوطا لمعاوية ولد الطايع نفسه، وليس سقوطا لنظامه الديكتاتورى. فرغم الصفات التى خلعها عليه مؤيدوه باعتباره «مرشح الفقراء»، يرى المراقبون أن ثمة أوجه شبه بين «الجنرال»، محمد ولد عبدالعزيز، رئيس المجلس العسكرى المستقيل، وولد الطايع، تتمثل فى قدرته على إقناع غيره بأفكاره، بغض النظر عما إذا كانت صائبة أم خاطئة، مستعينا فى ذلك بمهارات «ميكيافيللية» كانت تميز الرئيس المخلوع، كما يرى منتقدوه أنه يفتقر لروح «الحوار»، وأنه على استعداد «للمغامرة بمصير بلد بكامله من أجل تحقيق طموحاته الشخصية»، وإن كانوا يثقون فى أنه لن يعيد البلاد بأى حال إلى إقامة علاقات مشينة مع إسرائيل. وبينما خلعت وسائل الإعلام على باقى مرشحى المعارضة والتيار الإسلامى صفات مثل «القوى الأمين» و«المناضل الصبور» و«مرشح الضمير»، ورغم سقوط «العقيد»، الرئيس السابق ولد محمد فال، من قائمة الأوفر حظا، تتسلط الأضواء عليه وعلى ابن عمه «الجنرال»، فيرى البعض أن الأول هو «رجل المرحلة»، رغم كل ما ينسبه إليه خصومه من سلبيات «المرحلة الانتقالية»، فإذا كان «العقيد» يحسب له أنه أول رئيس يترك السلطة طواعية، ويثنى عليه حسه الوطنى، وتفضيله لمصلحة الوطن فوق مصلحة القبيلة، إلا أنه يؤخذ عليه الفساد الذى استشرى خلال توليه الحكم، كما يؤخذ عليه عدم تفاعله مع مشاعر المعارضين لإقامة علاقات مع إسرائيل، وهو ما يجعله من هذا المنظور وريثا ثانيا لتركة ولد الطايع. أما العنصر المشترك بين «العقيد» و»الجنرال» فيتمثل فى استخدامهما لسلاح المال، الذى شكل ظاهرة لافتة فى هذه الانتخابات، ويضاف إليهما أحمد ولد داداه، رئيس تكتل القوى الديمقراطية، فى استغلاله لنفوذ المال وسطوته. يبقى أنه إلى جانب ولد بلخير، المنضم لقائمة أبرز المرشحين التسعة، بدا تمثيل محمد جميل منصور، مرشح حزب التجمع الوطنى للإصلاح والتنمية، فى الانتخابات واجهة مشرفة للتيار الإسلامى، حتى وإن كانت منافسته للكبار مستبعدة، إذ نأى بنفسه عن حرب الاتهامات المتبادلة بين المتسابقين، موليا الأهمية لتقديم رؤية شاملة لمشروع مجتمعى واقتصادى متكامل قائم على المرجعية الإسلامية، وذلك رغم ضراوة الحملات الانتخابية لأقرانه، والتى تبادلوا فيها اتهامات ساخنة بالفساد و»تبديد أموال الشعب وتحويلها إلى ملكية خاصة».