يعتبره البعض "الرجل الثانى" فى أهم الوزارات الخدمية، و"حلال مشاكل" المدن الجديدة والتواصل بين الوزارات المختلفة لتنمية 22 مدينة على مستوى مصر.. المهندس محمد دمرداش، مساعد أول وزير الإسكان، الذى حاوره "4 حيطان" فى بعض ملفات الوزارة "الشائكة"، ومنها طرح أراض للمستثمرين والاتهامات الموجهة لها بسبب ارتفاع أسعار وحدات المشروع القومى، فضلا عن توقعاته للسوق العقارية خلال المرحلة المقبلة. ■ ما تفسيرك لما تشهده سوق العقارات المصرية من إقبال من جانب المستثمرين رغم الأزمة العالمية؟ - مصر أقل الدول تأثراً بالأزمة العالمية، وبالتالى فهى سوق جذب عالية للمستثمرين، كما أن هناك تيسيرات كبيرة تقدمها الدولة والوزارة سواء للمستثمرين العرب أو المصريين، وهناك بالفعل طلبات كثيرة للاشتراك فى المشروع القومى للإسكان الاجتماعى، الذى يدخل ضمن برنامج الرئيس مبارك الانتخابى، فضلا عن الطلب على المشروعات العمرانية الكبرى غير الإسكانية، وكان آخر هذه الطلبات التى تقدمت بها إحدى الشركات الكبرى العاملة فى مشروع توشكى، لتنفيذ أكبر مبنى إدارى فى مدينة القاهرةالجديدة، ولكن بالرغم من هذا الطلب المتزايد فإن هناك شروطا خاصة للتخصيص، فالمستثمر الذى يحدد إحدى القطع لشرائها يتم طرحها ضمن مجموعة من الأراضى بنظام المزايدة العلنية، وعلى المستثمر دخول المزايدة للحصول عليها، وفى النهاية نحن ملتزمون بقواعد الدولة وهيئة المجتمعات العمرانية لتخصيص الأراضى. ■ هل يتم منح الشركات التى تتقدم للمشروع القومى الأراضى المطلوبة لتنفيذ المشروع مباشرة؟ - توقفنا منذ فترة عن التخصيص للمشروع القومى لجميع الشركات الاستثمارية، بعد أن وصلنا إلى 3 أضعاف الوحدات المحدد بناؤها ضمن المشروع، حيث كان المستهدف من محور المستثمرين تنفيذ 100 ألف وحدة ووصلنا إلى 300 ألف حتى الآن، ولذلك قررنا التوقف عن التخصيص، على أن يكون الاتجاه لوحدات متوسطى الدخل عن طريق المطورين العقاريين والشركات الاستثمارية، التى لا يتعدى رأسمالها 2 مليون جنيه. ■ بعد طرح القطع الست الكبرى بنظام المزايدة العلنية منذ سنتين لم تتكرر التجربة مرة أخرى رغم الدخل الكبير الذى حصلت عليه الحكومة منها؟ - لا أحد ينكر أن معظم من يتقدم لهذه الأراضى هم المستثمرون العرب والخليجيون، وفى الوقت الحالى هناك مشاكل وصعوبات فى السوق العربية بسبب الأزمة المالية العالمية، ولذلك كان يجب أن يكون هناك ميزان لسوق العقارات، ولو قمنا بعرض أراض خلال الفترة الماضية لكان الإقبال ضعيفا، وبالتالى لن نحصل على القيمة المطلوبة لهذه الأراضى، ولكن تم التفكير فى أن يكون الطرح بناء على رغبات المستثمرين وبالنظام نفسه حتى لا تهتز السوق، وهو النظام الذى سيتبع خلال المرحلة المقبلة، فعندما طرحنا القطع الست الكبرى كان هناك رواج شديد فى السوق العقارية، ولكن الوقت الحالى يختلف ولن تقوم الوزارة بطرح أراض مباشرة قبل استطلاع رأى المستثمرين، لدخول مزايدة علنية على الأراضى المطلوبة. ■ هناك اتهام بعدم التزام الشركات الكبرى التى حصلت على الأراضى بالتنفيذ بناء على العقد ومع ذلك لم تسحب الوزارة الأراضى منها؟ - هذا الكلام عار تماما من الصحة، فكل الشركات تعمل بقوة ومنها "الحكير" التى ستنفذ أكبر مول تجارى فى مصر على مساحة 200 فدان فى الطريق بين مدينتى الشيخ زايد وأكتوبر، وكذلك شركة رؤية المصرية، وتم حل مشكلة "داماك" الإماراتية بعد تعثرها عن طريق دمج نسبة كبيرة من أسهمها مع بنك التعمير والإسكان، وهناك شركة بروة التى تجهز رسوماتها للبدء فى التنفيذ، وهناك شركة واحدة سعودية هى التى تعثرت وتم سحب الأرض منها بمساحة 400 فدان وسيتم طرحها مرة أخرى بنظام المزايدة العلنية أيضا. ■ لماذا أقدمت الوزارة على تقديم تيسيرات فى السداد طالما أن هذه الشركات كانت تسير وفق المخطط لها؟ - التيسيرات جاءت عقب الأزمة المالية، خاصة أن النسبة الكبيرة من الشركات خليجية، وهؤلاء المستثمرون يوجهون أموالهم للبناء والتنمية، وبالتالى فنحن نحتاج تشغيل العمال والورش لتحريك السوق دون تعثر منهم، ومن هنا جاءت خطوة التيسيرات، وللعلم فإن قطاع التشييد يعتبر "قاطرة النمو" فى مصر، والدليل على ذلك أن معدل النمو للقطاع فى هذا العام جاء بنسبة 16% فى حين أن معدل النمو بشكل عام 4% فقط. ■ هناك هجوم كبير على الوزارة بسبب تنفيذ القطاع الخاص جزءا كبيرا من المشروعات، مما أدى لارتفاع أسعار الوحدات بما لا يتناسب وإمكانات محدودى الدخل؟ - لابد أن يعى المواطنون أن الشركات لا دخل لها فى تحديد هذا السعر، فالبنك هو المتحكم بشكل رئيسى، على اعتبار أنها تنفذ بنظام التمويل العقارى، فكل من له سلعة عليه أن يبيعها بمكسب ما، والبنك سلعته الأموال، وهو يقرضها وعنده مصاريف ورواتب وغيرها وبالتالى عليه أن يضع الفائدة التى تحمى سلعته وتوفر له إيرادات أكبر. ■ لكن هل هذا يعطى الحق لهذه الشركات أن ترفع سعر الوحدة إلى أكثر من 180 ألف جنيه؟ - وحدات المشروع لم تصل إلى هذا الرقم، وهناك شركات كثيرة خفضت أسعارها خلال الفترة الماضية، وبالتأكيد المواطن الذى سيجد السعر لا يناسبه لن يشترى الوحدة، فالخسارة ستكون على الشركات وليس المواطنين. ■ لكن الوزارة نفذت وحدات المشروع فى البداية بالاتفاق مع البنوك الثلاثة (التعمير والإسكان والأهلى ومصر) على أن يكون بنظام التمويل العقارى، ولم ترتفع وحدات المشروع إلى أكثر من 90 ألف جنيه؟ - يجب ألا ننسى أن البروتوكول بين الوزارة والبنوك الثلاثة كان أقل من سعر الفائدة المعلنة من البنك المركزى ب 1%، كنوع من المشاركة المجتمعية، وهذه الشركات تضع هامشا من الربح ليس كبيرا بسبب هذه المشاركة أيضا، وللعلم الوزارة تعطى المستثمر الأراضى بلا مرافق، وهو الذى يتكفل بها وبالحدائق التى تحيطها وتقسيم الشوارع، وبالتالى فإن أسعارها مناسبة بالنسبة لأسعارنا كوزارة. ■ الوزارة قررت أنت ينفذ القطاع الخاص جزءا كبيرا من المشروع القومى ومنعت جهاز تنفيذ المشروعات من تنفيذ وحدات محدودى ومتوسطى الدخل وحولتها إلى نظام التمويل العقارى أيضا، وجمدت هيئة تعاونيات البناء.. فما ردك؟ - "تعاونيات البناء" تسببت فى خسائر كبيرة وعليها مديونيات للبنوك، وكان يجب تصويب مسارها، وبالتالى كان القرار بالعودة بها إلى مهمتها الأساسية وهى الإشراف على الجمعيات، وقررنا فى الوقت نفسه إعطاء جمعيات الإسكان التعاونى "الملتزمة" أراضى طبقا للقواعد الجديدة، لتنفيذ وحدات ذات مساحة 120 مترا، ومنحنا 250 جمعية حتى الآن نحو 1800 فدان بما سيوفر نحو 100 ألف وحدة سكنية، وسيتم تسليم باقى الجمعيات تباعا، وأعتقد أن هذه القرارات لم تؤثر على توفير الوحدات فى مصر، بل على العكس من سنوات كانت الوحدات المتوافرة لا تتعدى 15 ألف وحدة وهذا العام وصلنا إلى 100 ألف وحدة وهذا أبلغ رد على الاتهامات، فالمواطن اعتاد أن تتكفل به الدولة فى كل شىء ولكن الرؤية المستقبلية لقطاع الإسكان لا تعتمد على ذلك. ■ لكن بهذه الرؤية لن تقوم الوزارة بدورها الأساسى وهو البناء لطبقات محدودى ومتوسطى الدخل؟ - نحن ننفذ حاليا برنامج الرئيس مبارك الانتخابى، وهو بناء نصف مليون وحدة سكنية، ومع خلق محاور جديدة فى المشروع استطعنا توفير أكثر من هذا الرقم، وهناك محاور مثل الأولى بالرعاية والأكثر فقرا ومساعدة محدودى الدخل والفئة الأقل، وهذه هى الرؤية المستقبلية. ■ من أفكار الوزارة الجديدة طرح مشروع "ابنى وحدتك" على غرار " ابنى بيتك"، بمساحات 250 مترا بحيث يشترك فيها 4 أفراد فى البناء على سنتين، فهل ترى أن فكرة المشاركة مجدية وستأتى بنتائج إيجابية؟ - هذا المشروع لا يزال تحت التجربة، وسيتم الطرح أولا فى مدينة السادات وهى أكثر المدن التزاما فى بناء مشروع "ابنى بيتك"، وسيكون عن طريق كيان من 4 مواطنين، تنطبق عليهم الشروط المحددة، على أن يقوموا بالبناء على سنتين، وإذا وجدنا أن الفكرة غير مجدية لن نكررها، خاصة أننا وزارة "مرنة" لا نتمسك بآرائنا لو كانت سلبية. ■ بصراحة ما مدى تأثير الأزمة المالية على الوزارة ومشاريعها؟ --نحن لم نتأثر بالأزمة نهائيا، بل على العكس هناك إقبال متزايد على الأراضى، وإن كان حدث بعض الهدوء النسبى فى مدينتين تقريبا إلا أن السوق عاودت الانتعاش مرة أخرى، وعادت المعارض العقارية أقوى، فما حدث فى مصر كان هزة نفسية وليست مالية. ■ إذن كيف ترى السوق العقارية حاليا؟ - المنحنى عاد للصعود من جديد، خاصة فى ظل تزايد المعارض العقارية، والإقبال يزداد بشكل يومى، وهو ما تؤكده الأرقام حيث إن استهلاك مصر من الحديد فى أبريل 2008 كان 40 ألف طن، وزاد إلى 740 ألفا فى 2009 بما يقارب الضعف، فهناك الآن رواج كبير وسيظل خلال المرحلة المقبلة، فالمطورون العقاريون ينفذون نحو 300 ألف وحدة سكنية، بجانب مشروع ابنى بيتك وطرح الأراضى لمتوسطى الدخل.