يعنى إيه «كوتة»؟ أنا أعرف من زمان قوى إن الواحد لما يبقى مجهد وتعبان ومنهك وعلى آخره، وحد يطلب منه حاجة، يصرخ ويقول:حرام عليكم أنا طول النهار «طافح الكوتة».. ألا هى إيه الكوتة دى ما أعرفش.. إحنا سمعناها كده، إنما واضح إنها حاجة بتتاكل.. أما الكوتة اللى كل يوم نسمع عليها كلام، والجرايد والبرامج شغالة عليها هى كوتة المرأة فى مجلس الشعب.. وأصل الكلمة مجهول بالنسبة لى إنما كما فهمت، هى تخصيص شوية كراسى حلوة فى المجلس للستات.. وفى الانتخابات المقبلة سوف تخصص دوائر انتخابية للسيدات فقط.. وتدخل المرأة الانتخابات لتنجح بلا احتمال آخر، لأنها بطولها وبعد كده تفرح وتهيص وتدخل المجلس ودوغرى على الكوتة وتقعد.. لكن بهذه الطريقة تكون التسمية ليست دقيقة وكان لازم يسموها «كوسة»، لأنه من المفترض أن المرشح رجل أو سيدة يتمتع بشعبية فى دائرته ويتنافس مع الآخرين فى كسب أصوات الناخبين ويدخل فى انتخابات نزيهة - حلوة نزيهة دى - واللى ينجح يمثل دائرته وأهلها فى البرلمان اللى اسمه عندنا مجلس الشعب، وقبل كده كان اسمه مجلس الأمة إنما عموماً هو «موقر»، ومن المفترض أيضاً أن المرأة المصرية دخلت البرلمان بالفعل من زمان جداً وأظن منذ الخمسينيات.. أى نعم، عدد النساء فى المجلس قليل، لكن حق المرأة فى ترشيح نفسها والدخول إلى مجلس ممثلى الشعب موجود منذ خمسين عاماً، وعزوف المرأة عن ترشيح نفسها وعن ذهابها إلى صناديق الانتخابات هو جزء من عزوف عام لدى الجميع تجاه الترشيح والانتخابات، لعدم الاقتناع بجدية الموضوع كله على بعضه.. وثالث مفترض أن تُدعى كل السيدات للمشاركة فى الكوتة سواء سيدات فى أحزاب أخرى معارضة أو سيدات مشهورات فى العمل العام، وألا يكون الأربعة وستون مقعداً مخصصة لسيدات الحزب الوطنى فقط. والغريب أنه لإقرار هذه «الكوسة».. قصدى «الكوتة» كان لابد من تعديل القانون.. ويا سبحان الله، القانون اتعدل فى وقت قياسى، بينما هناك قوانين مهمة جداً مركونة بقالها سنين داخل الأدراج فى مكاتب المجلس الموقر.. لا أعرف على وجه التحديد الهدف من هذه الكوتة.. ناس تقول الحزب الوطنى عاوز يزود أغلبيته الساحقة ويمكن نفسه ولا يهمه تمكين المرأة من أى شىء.. وناس تقول عشان يبقى شكلنا أُبهة قدام الخواجات والمجلس ينور كده والستات قاعدين كتير كتير.. لم يشغل بالى الموضوع، إلى أن قرأت أن رئيس المجلس يبحث عن حل هندسى للقاعة حتى يوفر المقاعد الخاصة بالسيدات بعيداً عن النواب الرجالة لأن بعضهم سوف يلتصق بالسيدات وسوف يعاد تصميم البرلمان من أجل عزل السيدات فى قعدة خاصة بهن زى عربيات المترو للسيدات.. وهذا التصريح شغل بالى جداً.. هل يشك رئيس المجلس فى أخلاق أعضاء المجلس ويخشى أن يتحرشوا بالنساء أثناء الجلسات.. أم أن السيدات المرشحات للكوتة لم يشاهدن رجالة قبل كده وليس لهن خبرة فى العمل العام ولا فى مشاركة الرجال بجدية وجرأة فى مجالات عمل عادية.. ولّا الستات طلبت كده عشان أجوازهم يوافقوا على دخول المجلس؟ وهل من الممكن أن نشاهد فى جلسات البرلمان المقبلة على شاشة التليفزيون رئيس المجلس يقاطع المتحدث ويصيح الأستاذ العضو اللى هناك يبعد شوية عن الست العضوة.. أو نشاهد سيدة تقف فجأة وتلطع زميل بالقلم وتصيح: «يا قليل الأدب»؟ على العموم أهى حاجة دمها خفيف تسلينا.. وإحنا اتعودنا على أشباه الأشياء.. يعنى التعليم يشبه للتعليم والشهادات تشبه للشهادات والوزراء يشبهوا للوزراء والحكومة شبه الحكومات.. اشمعنى المجلس يعنى!